وكـأنـهـا حـفـلـة عـرس..صادق الشافعي

السبت 06 يوليو 2019 03:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



أما وأن ورشة البحرين قد انتهت وانفض السامر، وقد دار حولها الكثير من النقاش والجدل عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن جدواها وعن إمكانيات وفرص نجاحها وكل ما يتعلق بها، فإنه يمكن الحديث عن جانب احتفالي فيها كان بارزاً ولافتاً.
هذا الجانب الاحتفالي يتعلق بدولة الاحتلال وإعلامها.
فبالرغم من صدور مواقف ووجهات نظر ومقالات صحافية فيها، عبّرت عن عدم جدوى الورشة، وعدم التفاؤل بفائدتها، وبالرغم من عدم مشاركة وفد رسمي في الورشة، فقد ظل المظهر العام والطاغي هو التعامل مع الورشة وكأنها حفلة عرس لمشاهير. كان هذا المظهر هو الأكثر تجلياً ووضوحاً في إعلام دولة الاحتلال الرسمي منه، والمستقل. 
 موقف دولة الاحتلال وقواها السياسية لم يكن بعيداً عن هذا المظهر بل كان متوافقاً تماماً معه. فدولة الاحتلال لا ترى في أهداف الورشة إلا ما يتوافق مع رؤيتها وتوقعاتها، وإلا ما يؤكد ويديم احتلالها وتوسعها ويرعى مصالحها ويزيد حضورها ودرجة قبولها في المنطقة.
في حفلة العرس كانت العروس هي دولة الاحتلال، وحضور الحفلة هم مجموع المشاركين والحاضرين في الورشة، اما مكانها فكانت مدينة المنامة في البحرين.
الإعلاميون والمصورون من دولة الاحتلال لحفلة العروس، كانوا الأشد حماساً، وبمبالغة وتضخيم ملحوظين، وأقرب الى الافتعال. في تسجيل ونقل ادق تفاصيل مظاهر حضورهم واستقبالهم، وكأنهم لم يكونوا ليصدقوا او يحلموا بدخولهم بلد حفلة العرس بشكل طبيعي وبجوازات سفرهم الحقيقية وباستقبال رسمي لهم. وتجاهلوا موقف أغلبية أهل البلد، غير المرحب، بل الرافض قدومهم ووجودهم، والذي عبروا عنه بطرق مختلفة. ولم يتركوا لهذا الموقف، ان يؤثر على احتفاليتهم او الخصم من مظاهرها الاستعراضية.
واحد من إعلاميي أهل العروس احتفل على طريقته الخاصة بتسجيل فيلم مصور يسجل كل تفاصيل رحلته - وهو يضع على رأسه طوال الرحلة الطاقية الخاصة بالمتدينين اليهود - من مطار عمان وداخل الطائرة بركابها، ثم المرور فوق الأراضي السعودية حتى الوصول الى مطار البحرين. وفي المطار حرص على تصوير جواز سفره الإسرائيلي وإجراءات ختمه ليؤكد دخوله الرسمي بذلك الجواز.
إعلامي ثان داهمه التدين فذهب مع آخرين للصلاة في كنيس يهودي في المنامة وحرص طبعاً على تصوير كل التفاصيل وبثها. 
إعلامي ثالث تعمد الذهاب مع آخرين من ربعه الى مقر هيئة مقاومة التطبيع مع دولة الاحتلال. لم يصلوا الى داخل المقر ربما، ولكنه حرص على تصوير نفسه وربعه في مدخل ودرج المقر، وتعمد أخذ صورة تجمع ما بين جواز سفره الإسرائيلي وبين اللوحة التي عليها اسم الهيئة (مقاومة التطبيع) وقام ببث كل ذلك. لكن ما لم يصوره ولم يبثه، هو قيام عدد من الأشخاص بكنس وغسل مدخل ودرج المقر لتنظيفه من الدنس كما قال واحد منهم.
إعلامي رابع، عربي في هذه المرة، ويمكن الاستنتاج من اسمه ( لؤي الشريف) ان اصله من بلاد الشام أجرى مقابلة تلفزيونية على الهواء مع قناة إسرائيلية حرص ان تكون باللغة العبرية التي بدا أنه يتقنها. كما حرص على تأكيد حبه للغة العبرية لأنها لغة الأديان كما قال.
وختم المقابلة بالتمني ان يكون اللقاء القادم في القدس "عاصمة النبي داوود".
حفلة العرس هذه بمظاهرها، الأكثر بكثير مما تقدم، كان يقابلها في كل ارض الوطن الفلسطيني ومخيمات الشتات والمهاجر، ما يمكن تسميته عرسا نقيضا ومضادا.
وجاء هذا العرس الفلسطيني شديد التوحد والانسجام، نقيضاً في جوهره وكل مظاهره للعرس الاول، أحيته على امتداد أكثر من يوم الجماهير الفلسطينية. 
كان للعرس النقيض عنوانان:
الأول، التمسك بالحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية على امتدادها واتساعها، وبأهداف النضال الوطني ووسائله. 
والثاني رفض تام ونهائي لكل المشاريع التي تلتقي على طمس القضية الوطنية الفلسطينية، وتتركز في هذه الفترة بالذات في رفض ومجابهة صفقة القرن الأميركية بكل مضامينها وتعبيراتها. 
الى جانب العرس الفلسطيني، قامت أعراس عربية امتلأت بها شوارع الكثير من العواصم والمدن العربية وبعض بلدان المهجر تلتقي مع العرس الفلسطيني وتتوافق تماماً مع العنوانين المذكورين.
 ومهم جداً، أنها تبشر بحالة نهوض واستعادة للدور النشيط والمؤثر لحركة الجماهير العربية في دفاعها عن الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني ودعمها لنضالاته ومواقفه. 
هل يجوز لنا الحلم أن يكون هذا الفعل الجماهيري القوي وكامل التوحد، عاملاً مشجعاً على التعاطي بمسؤولية مع موضوعات الانقسام باتجاه الخروج النهائي من ظلامه؟