شعبنا يستحق الاحترام ... د . صلاح البردويل

السبت 06 يوليو 2019 12:15 ص / بتوقيت القدس +2GMT
شعبنا يستحق الاحترام ... د . صلاح البردويل




*
لقد شعرت بكل الفخر و الاعتزاز و أنا أقلب بصري  في الردود على مبادرتي التي أطلقتها للمصالحة أمس ، ولم يكن احترامي و فخري بمن أيد فكرتي فقط ، و لا بمن مدحني و أطرى على فكرتي فحسب ، بل أيضا بمن انتقدني بمنطق ، أو بغضب ، بل و بمن سخف أحلامي و هاجمني بما يعلم و بما لا يعلم .
و لقد أعطاني ذلك ذخيرة أستطيع بها أن أواصل قتالي ضد عجزي و جهلي و عجز الٱخرين و جهلهم و حقدهم ، لتكتمل أفكاري و تستوي أفكارهم ، و نعمل معا لتطوير المبادرة ، و يجتمع الشمل .
الذين تحمسوا عبروا عن شغف بالوحدة ، و الذين شككوا ليسوا أقل حرصا على الوحدة ، و لكن أدمت أقدامهم مشاوير الحوار الوطني و جولاته العاجزة ، فباتت حكايتهم حكاية الذئب و الراعي و أهل القرية الوادعة.
 و الذين سخفوا ما هم إلا ضحايا الانقسام والتعبئة التعيسة ، و أصحاب المصالح الذين لا يحبون العيش في أجواء صحية ، لأن ذلك يفقدهم مصالحهم ، و النفس أمارة بالسوء . لكنهم جميعا في رقابنا ، مطلوب استيعابهم و تحمل الغث منهم و السمين ، فما لنا شعب غيرهم و ما لنا وطن بدونهم ، و نسأل الله الهداية للجميع . فليس منا ملائكة يمشون على الأرض ، و لقد وصف الله مجتمع الرسول الذي هو خير البشر قائلا " منكم من يريد الدنيا و منكم من يريد الٱخرة " . فكيف بنا و نحن المحاصرون بأفكارنا المسبقة ، و بأحقادنا و جهلنا ، و مصالحنا ، و سهام الاستلاب و الغزو الثقافي ، و الاغتراب ، و الحملات الصليبية ، و الصهيونية ، و عوامل التجهيل و الاسقاط ! .
لذلك أتجاوز عما يخل بالفهم و الأدب ، و أثري فكرتي بالنقد البناء ، و أشحن روحي بتشجيع المشجعين.
أقول لكم يا اهلنا ، لا يأس و لا تراجع ، و لا انحراف ، فلا مفر من وحدة الفهم و المعايير ، و وحدة الصف و الهدف و السلاح و وحدة المؤسسة و القرار.
المنظمة وسيلة و ليست هدفا ، و حماس ، و فتح ، و الجهاد ، و الجبهات ، و كل المؤسسات وسائل ، و ليست أهدافا ، و لا أصناما نقدسها و نطوف حولها ! .
و لأننا متغيرون و أهدافنا و قيمنا و ديننا لا يتغير ، فلنتواضع و لنعرف قيمتنا من خلال المعايير الثابته ، حتى لا نشتط في تضخيم ذواتنا على حساب غيرنا و نصادر تمثيل الشعب و معنى الوطنية ، و لا نكابر ، فنحن صغار أمام الله.
*وعليه أكرر دعوتي لحوار الأخوة* المتكافئين ، و القوي فينا هو ضعيف أمام الحق ، و الضعيف بالحق يعلو .
 وأؤكد على تجاوز مٱسي الماضي لأن من يصر على فتحها سيجد نفسه غارقا في أوحالها من حيث يدري أو من حيث لا يدري.
 أؤكد على البعد عن الشروط المسبقة التعيسة لأنها حبل يلتف على رقبة من يشترطها ، و عزلة لمن يستأنس بها.
أؤكد على أهمية إرادة الصلح ، و الصلح خير ، " أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ". لأن الإرادة تذلل الصعاب ، و العزائم تصغر العظائم ، و الشجاعة و الكرم لا تضيع معها الحقوق و الحدود.
أؤكد أن حدود الوطن لا تحددها اتفاقية صيغت في زمن عجز و هوان . و انما يحددها دم الشهداء الذي قاتلوا من أجلها عبر التاريخ و الجغرافيا ، فلنلتزم جميعا اقتفاء خط الدم المقدس ، فهو الذي يرسم خارطة الوطن. و لن نختلف على لون دماء أولادنا الشهداء ، و لا على رائحة المسك التي تفوح منه.
مرة أخرى ، تعالوا إلى كلمة سواء ،لا غالب و لا مغلوب ، لا أسياد و لا عبيد ، الكل فيه فائز.
*ملاحظة* : إلى الذين لمزوا في اللغة بأنها رومانسية و عاظفية و شاعرية ، أقول لهم : إن من الشعر لحكمة و أن من البيان لسحرا ، فلتكن حكمتنا شعرا ، و ليكن شعرنا حكمة ، و لانيأس و لا نقتل انفسنا في قوقعة الإحباط.