جنود الشوارع، ومرض الحصبة، واليورو فيجين !توفيق أبو شومر

الأربعاء 29 مايو 2019 11:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT



هل نشر وتوزيع الأخبار السياسية في إسرائيل، عبر الأسطول الإعلامي الإسرائيلي غايته إسدال الستائر الكثيفة على أخبارٍ أخرى، تنشرها الصحفُ الإسرائيلية في ذيل أخبارها، تفضح مكونات هذه المجتمع وغرائبه؟
ما السرُّ وراء انشغال العالم كله بما يجري من أحداث سياسية وحزبية في إسرائيل، والتركيز فقط على الأسئلة الآتية؟
هل سينجح نتنياهو في تشكيل الحكومة، أم سيفشل؟ هل سيلتحق ليبرمان في آخر عشر دقائق بحكومة نتنياهو؟ هل هناك انتخابات جديدة في إسرائيل؟ ما موقف رئيس دولة إسرائيل رؤوفين ريفلين، هل سيعهد لشخصية أخرى بتشكيل الحكومة، مثل جدعون ساعر، أو بني غانتس؟ وأخيرا، ما مصير التُّهم الموجَّهة لنتنياهو؟ هل ستُشكَّل حكومة وحدة وطنية، أم حكومة يسار جديدة؟
في الغالب الأعم لا ينجح كلُّ المحللين السياسيين، وخبراء السياسة، ودهاقنة الترجمات، في مسابقة الإجابات الصحيحة على كل الأسئلة  السابقة ومشتقاتها!
أما الأخبارُ التي تكشف عورات وأسرارَ فسيفساء إسرائيل الاجتماعية والعرقية، الغريبة، العجيبة، فهي الأخبارُ الغائبة !
 إليكم بعضا من هذه الأخبار:
يسأل أحدُ الصحافيين في أكبر الصحف الإسرائيلية قائلا:
«لماذا نُكبت المدنُ التالية هذه السنة بمرض الحصبة؛ القدس، بيت شيمش، صفد، بيتار عيليت، بني براك، طبريا، مودعين عيليت، وكلها مدنٌ يسكنها المتزمتون الحريديم.
حتى الطائفة اليهودية الحريدية، ساطمر، وهي من طائفة الحاسيديم،  ممن يسكن أتباعُها في مدينة نيويورك تعاني من أكبر نسبة لانتشار مرض الحصبة في أميركا؟!
يُجيب الصحافي نفسُه:
السبب يعود إلى أن الحريديم لا يُطَعِّمونَ أبناءهم ضد مرض الحصبة، لأن التطعيم بدعةٌ، غير شرعية، ليس حلالا، فهم يؤمنون بأن الصحة والحياة هي من الله!
يُضيف الصحافي المختص بطوائف الحريديم:
أما التفسير العلمي الصحيح لانتشار مرض الحصبة، لا يرجع  فقط إلى عدم التطعيم، بل يرجع كذلك إلى كثرة النسل، ما يسبب الازدحام في السكن، والكُنس، ومعاهد التعليم الدينية.
(يبدو أن  نظرية اللاسامية، وفرية الدم، ترجع لهذه الأسباب، فقد كان شعارُ اللاساميين:
«اليهود ينشرون الأمراض»!!    (من تحقيق الصحافي، كوبي نحشوني، يديعوت أحرونوت، 16-5-2019)
أما الخبرُ الغريبُ الثاني غير المعهود إلا في إسرائيل، بلد العجائب والغرائب، فهو:
«أفتى الحاخام، مائير لاو، وهو الحاخام الإشكنازي الأكبر بتمديد يوم دخول حُرمة عطلة السبت المقدسة، وذلك بإضافة عشرين دقيقة ليوم السبت، بحيث يبدأ السبت قبل موعده بعشر دقائق، مساء يوم الجمعة، وإضافة عشر دقائق أخرى عند انتهائه، مساء يوم السبت، وذلك احتجاجا على انتهاك حرمة يوم السبت، 18-5-2019  ! (هآرتس19-5-2019 )»
هذا الاحتجاج الغريب جدا، الذي ينص على (إطالة) يوم السبت !! جاء لمعاقبة كل منظمي مسابقة اليوروفيجن، ومعاقبة سياسيي إسرائيل ممن وافقوا على إجراء المسابقة (المدنَّسة) غير الشرعية التي جرت في تل أبيب في اليوم نفسِه.
أما الخبر الثالث، اخترتُ له عنواناً جديداً، وهو أنسب العناوين: (جنود الشوارع) على غرار التعبير المشهور جدا وهو: (أطفال الشوارع)!
الخبر يسرد قصة الجنود الإسرائيليين المطرودين من أُسرهم وعائلاتهم، لا بسبب عقوق الوالدين، وشذوذهم، بل لسببٍ آخر وفق هذا الخبر:
«أسَّس الصحافي الحريدي السابق، أهارون غرانوت، جمعيةً خاصة، لاستئجار شقق للجنود الإسرائيليين المطرودين من أسرهم، وغير المعترف بهم كأبناء، لأنهم ارتكبوا (كبيرة) من الكبائر، وهي أنهم التحقوا بالجيش الإسرائيلي، غير الشرعي!
أعلن الصحافي غرانوت أنه تبنَّاهم كأبناء له، واستأجر لهم حتى الآن إحدى عشرة شقة، أسكن فيها خمسةٍ وثلاثين جنديا لإيوائهم، ممن قرروا الالتحاق بالجيش الإسرائيلي، فطُردوا من أسرهم (يديعوت 28-5-2019)
تلك القصص جزءٌ من جبل الثلج الكبير المختفي في محيط بحر السياسة، لأنه يمسُّ بسمعة إسرائيل كدولة متحضرة ديموقراطية!