AJ+ تنشر فيديو حول الهولوكوست واسرائيل تكذب والجزيزة القطرية توقف صحفيين!

الأحد 19 مايو 2019 08:40 م / بتوقيت القدس +2GMT
AJ+ تنشر فيديو حول الهولوكوست واسرائيل تكذب والجزيزة القطرية توقف صحفيين!



غزة / سما /

أعلنت شبكة الجزيرة القطرية، اليوم الاحد، أنها اتخذت إجراءات تأديبية ضد اثنين من صحفييها الذين أنتجوا فيديو حول المحرقة، ادعوا فيه أن "اليهود استفادوا من قضية المحرقة لكسب المال".

وبحسب صحيفة يديعوت احرنوت العبرية،  قالت الشبكة إنها حذفت مقاطع الفيديو والمشاركات التي عرضتها وأنها أوقفت الصحافيين.

وكانت AJ+ عربي التابعة "لشبكة الجزيرة الإعلاميّة"، قد نشرت فيديو قصيرًا عن المحرقة النازيّة (الهولوكوست)، وأثرها في الصراع الفلسطينيّ الصهيونيّ؛ الأمر الّذي أثار غضب الصهاينة وحنقهم، وتمثّل ذلك في بيان صدر عن وزارة خارجيّتهم، وصف الفيديو بالكاذب والمعادي للساميّة، وأنّه حاول الإقلال من هول المحرقة.

في هذا الحوار محاولة لتوضيح بعض النقاط عن الجدل القائم، أجرته فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة مع الباحث في التاريخ القديم ومقارنة الأديان، وأستاذ العلاقات الدوليّة، د. علاء أبو عامر.

فُسْحَة: لماذا ارتكب النظام النازيّ الهولوكوست بحقّ اليهود؟

علاء: في البداية – وبصفتي فلسطينيًّا - محاربتي للصهيونيّة لا تعني أنّني في وارد الدفاع عن النازيّة، الّتي اعترفتْ بجرائمها الحكومات الألمانيّة المتعاقبة بعد الحرب، وعلى رأسها أنّ هتلر والنازيّين الألمان، ارتكبوا أفعالًا شنيعة من القتل والأعمال الأخرى غير الإنسانيّة بحقّ اليهود. وهتلر في كتابه "كفاحي"، يعبّر صراحة عن كراهيّته لليهود، ليس بصفتهم طائفة دينيّة، بل لوظيفتهم الاقتصاديّة. وكثير من الكتب الّتي قرأتها بالروسيّة، يُشير إلى أنّ والد هتلر كان يهوديًّا - دينيًّا أقصد - وهو أمر لا أجزم به، لكن أذكره في السياق، والمراجع التاريخيّة الّتي تستند إليها هذه الأدبيّات، تؤكّد أنّ هذا الوالد ترك أدولف وأمّه منذ طفولته؛ فحقد هتلر على اليهود، لحقده على والده وفق عدد من المصادر.

وقد قرأت أخيرًا، كتابًا صدر حديثًا بالروسيّة لخنيك كادرل، عنوانه "أدولف هتلر مؤسّس إسرائيل"، يتحدّث فيه الكاتب عن إسهام النازيّة بأفعالها في خلق موجة من الهجرة الجماعيّة، من ألمانيا وأوروبّا تجاه فلسطين؛ بقصد تعزيز الوجود اليهوديّ على حساب الوجود الفلسطينيّ - أي صاحب الأرض الشرعيّ - وإحلال المُرحَّلين من اليهود الأشكناز القوقازيّي الأصل مكانهم؛ فقد أغلقتْ دول العالم أبوابها في وجه اليهود الهاربين من المجازر، ووجّهتهم إلى نحوٍ واحد؛ فلسطين الانتدابيّة. 

فُسْحَة: إلى أيّ مدًى أسهمت مذابح النازيّة في خلق دولة إسرائيل؟

علاء: نحن أمام عمليّة متكاملة؛ وثيقة لبفور، مجازر هتلر النازيّ، وقرار التقسيم... فمجازر النازيّة أسهمتْ بموجة من التعاطف الأوروبّيّ، وكذلك الأمريكيّ، وذلك بصرف النظر عن أنّهم كانوا ضحايا النازيّة الأقلّ عددًا، وأنا هنا لا أشكّك في أيّ أرقام ذُكرت في هذا الشأن، فقد يكونون 300 ألف، أو 6 ملايين؛ فالنازيّ مجرم، مارس الإبادة الجماعيّة، واليهود ضحاياه، لكن وللحقيقة فإنّ عدد ضحاياه من الروس، بلغ حسب الإحصائيّات الرسميّة الروسيّة من 20 إلى 50 مليون إنسان، وهذا عشرات أضعاف اليهود الّذين قُتلوا في الحرب، ويشمل هذا العدد الجنود ومقاتلي الأنصار، إلّا أنّ الحركة الصهيونيّة ودول الغرب – ولا سيّما تلك الّتي تؤمن بالعقيدة البروتستانتيّة الصهيونيّة "عقيدة أرض الميعاد" - جعلتْ من اليهود الضحايا الوحيدين لتلك المجازر، المُسمّاة بالهولوكوست/ المحرقة.

مع هذا، فليس مطلوبًا منّي - فلسطينيًّا - أن أُحاسب أحدًا، أو أُبرّئ أحدًا من هذه الأفعال، لكن ما أعرفه من تاريخ شعبي مع الصهيونيّة، أنّها الّتي شرّدتْ عائلتي من ديارها وسط فلسطين، وأعلم أنّ العصابات الصهيونيّة ارتكبت عشرات المجازر، وأنّها ادّعت حقًّا لها في وطني، بُني على أساطير دينيّة، صاغها بعضٌ من أجداد الشعب الفلسطينيّ القديم، من أتباع الديانة اليهوديّة... ما أنا متيقّن منه – بصفتي باحثًا في التاريخ القديم - أنّه لا علاقة ليهود فلسطين القدماء، بيهود اليوم الأشكناز، ذوي الأصل الخزريّ.

فُسْحَة: تدّعي "وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة" أنّ فيديو الجزيرة مُعادٍ للساميّة... فهل مُعاداة الصهيونيّة تعني مُعاداة الساميّة؟

علاء: هي كذبة حاكها الصهاينة، فإذا كان لمصطلح "الساميّة" من معنًى وجوديّ/ عرقيّ - وهو بالتأكيد غير موجود علميًّا - فإنّ الشعب الوحيد الّذي ينطبق عليه الوصف هم العرب، أمّا اليهود الّذين من المفروض أنّهم طائفة دينيّة مختلفة الأعراق، ومن قوميّات شتّى من كلّ أنحاء العالم، إلّا أنّ الأغلبيّة الساحقة منهم ينتمون إلى القوميّة الخزريّة "الأشكنازيّة"؛ فهم ينتمون إلى العرق التركيّ - التتريّ؛ أي أنّهم من أبناء يافث، لا سام أو حام، وهذا ليس قولي، ولا قول علماء الآثار فقط، بل قول كتبة سفر التكوين التوراتيّ نفسه؛ أي أنّ الكتاب المقدّس لليهود والمسيحيّين، هو الّذي ينفي عن الأشكناز صفة الانتماء إلى الساميّة: "بَنُو يَافَثَ: جُومَرُ وَمَاجُوجُ وَمَادَاي وَيَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ وَتِيرَاسُ. 3 وَبَنُو جُومَرَ: أَشْكَنَازُ وَرِيفَاثُ وَتُوجَرْمَةُ. 4 وَبَنُو يَاوَانَ: أَلِيشَةُ وَتَرْشِيشُ وَكِتِّيمُ وَدُودَانِيمُ. 5 مِنْ هؤُلَاءِ تَفَرَّقَتْ جَزَائِرُ الأُمَمِ بِأَرَاضِيهِمْ، كُلُّ إِنْسَانٍ كَلِسَانِهِ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ بِأُمَمِهِمْ". (التكوين: الإصحاح 10).

فُسْحَة: كيف استخدمت الحركة الصهيونيّة الهولوكوست؟

علاء: لتبيان ذلك؛ يكفي ما أورده المستشرق الروسيّ ألكسي فاسيليف، في كتابه "تاريخ العربيّة السعوديّة"، حول لقاءٍ جمع عبد العزيز آل سعود والرئيس الأمريكيّ فرانكلين روزفلت، في سفينة في البحر الأحمر، حيث طلب روزفلت من الملك دعم قضيّة اليهود، والسماح لهم بإنشاء وطن قوميّ لهم في فلسطين كونهم مساكين؛ فما كان من الملك إلّا أن قال له: "هم فعلًا يستحقّون وطنًا، لكن في ألمانيا، لا في فلسطين، ما ذنب الفلسطينيّين بأفعال النازيّ؟" وهذا الحدث الموثّق، يُثبت أنّ الصهيونيّة استغلّت الحدث لبناء تعاطف عالميّ، يساعدها على كسب التأييد، لتنفيذ جريمتها ضدّ الشعب الفلسطينيّ المظلوم. والمؤكَّد أيضًا أنّه - وبعد الحرب - أسهم المال الألمانيّ، الّذي دُفع تعويضاتٍ بالمليارات، في بناء الاقتصاد الصهيونيّ في فلسطين المحتلّة.

فُسْحَة: هل ردّ الخارجيّة الإسرائيليّة يُفنّد الأكاذيب - حسب ادّعائه - بحقائق؟

علاء: في البيان الإسرائيليّ، إصرار على الكذب الصريح؛ فهو يتجنّب ذكر ما ورد في نصّ وثيقة رسميّة، هي قرار التقسيم (181)، الّذي يُسمّي البلد الّذي قُسّم باسمها "فلسطين"؛ إذ يذكر البيان أنّ الّذي قُسّم هو "أرض إسرائيل"... إنّهم يكذبون كذبة كبيرة، ويتّهمون غيرهم بالكذب!

أمّا أنّ الفيلم يقارن أفعال النازيّة بأفعال الصهاينة، فليس شرطًا التماثل المُطلَق بين الطرفين حتّى تصحّ المقارنة، لكن أليست هذه حقيقة الأفعال الصهيونيّة، أم أنّ الجزيرة اختلقت ذلك؟ مارس هتلر الإبادة الجماعيّة بحقّ شعوب شتّى، بينها اليهود، وأحلّ الألمان محلّهم، والصهاينة مارسوا هذا الفعل، وما زالوا، فقد قُتل منذ بداية الصراع - أي احتلال أرض فلسطين - مئة ألف فلسطينيّ، ودُمّرت 530 قرية فلسطينيّة ومُحيت من الوجود، وشُرّد مئات الآلاف فأصبحوا اليوم ملايين اللاجئين، واقتُلعوا من أرضهم، وتُمارَس ضدّ مَنْ بقي منهم سياسة تمييز عنصريّ، اكتملت باعتماد قانون القوميّة. أمّا أن يقول البيان إنّ الصراع صراع وطنيّ، فهذا كذب محض؛ فالصراع كان ولا يزال بين محتلّ غريب غاصب، لا جذور له في هذه الأرض، وبين السكّان الأصليّين أصحاب الأرض؛ هذا هو جوهر الصراع.

11