هل ستندلع حرب جديدة هذا الصيف في غزة؟

الأحد 12 مايو 2019 04:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل ستندلع حرب جديدة هذا الصيف في غزة؟



اطلس للدراسات /سما/

 

كتب المحلل السياسي الاسرائيلي بن كاسبيت في معاريف : 

جولة القتال الأخيرة بين إسرائيل وقطاع غزة (4-5 مايو) كانت أكثر عنفًا ودموية ممّا سبقتها. لأول مرة منذ وقت طويل، انتقل الجيش مرة واحدة لما يُفترض أن يكون مراحل متطورة من القتال؛ لقد نفذ اغتيالات ودمر مقرات قيادة رغم وجودها في بنايات سكنية. يبدو أن حماس والجهاد الإسلامي اتخذتا نفس النهج: حسب تقارير عربية، لقد حاولوا أن يخترقوا جدار الحماية للقبة الحديدية، وذلك من خلال حقيقة أنهم أطلقوا عددًا كبيرًا من الصواريخ خلال وقت زمني قصير، وذلك لاختراق اعتراضات القبة.

مسؤول إسرائيلي صرح للمونيتور بأن "نسبة نجاح القبة في الاعتراض ما زالت مرتفعة، لكن حين يطلقون عددًا كبيرًا من الصواريخ في وقت واحد؛ فمن الطبيعي أن عدد الصواريخ التي لا تُعترض ستكون كبيرة تبعًا لذلك". بالنسبة لإسرائيل، النتيجة كانت صعبة: أربعة قتلى من المدنيين، ثمن باهظ، يثبت لإسرائيل أنه ليس هناك حماية محكمة من وابل الصواريخ، صواريخ مضادة للدبابات ومدافع الهاون، وأن للهوس بالقبة الحديدية جوانب غير مناسبة.

في كلا الجانبين، الإسرائيلي والغزي، كان هناك هذه المرة عوامل حركت سرعة التصعيد: رئيس أركان جديد ولديه طاقة عالية في الجيش، الجنرال آفي كوخافي الذي يبدو أنه ضاق ذرعًا من "نهج الجولات" والفترات التي تتضاءل بين الواحدة والأخرى من جانب. من جانب آخر، الجهاد الاسلامي الذي يشتري لنفسه استقلالًا، يكسر التوازن، يفسد لحماس الخطط ويخرّب كل الظروف. حسب تقارير الاستخبارات، وزراء كابينت اسرائيليين ينقلون أنه من غير الواضح إذا كان الجهاد ببساطة يخضع للإملاءات التي تصل من طهران (التي تحتاج بشدة لاندلاع عنف بين اسرائيل والفلسطينيين) أم أن الحديث ببساطة عن مجموعة من "الناس عديمي المسؤولية، طفوليين وعنيفين" حسبما تم اعتبار رؤساء الجهاد الإسلامي في أحد التقارير الاستخباراتية.

بشكل أو بآخر، واضحٌ للجميع أن الجولة القصيرة نسبيًا، التي انتهت بوساطة مصرية - قطرية، هي فقط نموذج لما يتوقع أن يحدث لاحقًا. وزير الجيش الذي استقال من منصبه العام الماضي أفيغدور ليبرمان يُسخن الوضع بسبب سياسة عدم التحرك أمام غزة، وبسبب حقيقة رفض دعواته بالعمل العسكري الواسع في القطاع. مقربون من ليبرمان سرّبوا مؤخرًا أنه توصل لتفاهم مع نتنياهو في كل ما يتعلق بقطاع غزة؛ إشارة جيدة لحماس والجهاد الإسلامي. ليبرمان يعتمد أيضًا على رئيس الأركان كوخافي، الذي عيّنه رغم أن نتنياهو كان يتطلع لشخص آخر (ايال زمير)، كوخافي فعليًا قدّم دفعة أولى على حساب هذه التجارة خلال الجولة الأخيرة، التي هاجم بها سلاح الجو مبانٍ سكنية، وأعطى نموذجًا على قدرته على الاغتيال المستهدف من خلال استهداف حامد الخضري، الذي كان مسؤولًا عن نقل الأموال من طهران لغزة.

في الجيش يرفضون تقدير أن كوخافي يغيّر من سياسات سابقه، الجنرال غادي أيزنكوت الذي استثمر كثيرًا في منع الانجرار لحرب لا لزوم لها. الأمر بسيط جدًا، يقولون في الجيش بأن الهجوم على البنى التحتية لحماس والجهاد الإسلامي يبدو أنه قد استنفد نفسه، ولم يتبقّ هناك بنى ذات أهمية لم تتم مهاجمتها، وتم استنفاد إمكانية جباية ثمن من هذه المنظمات بهذه الطريقة، الجيش صعد درجة في سلم الردود لعدم وجود خيارات.

لا أحد في إسرائيل منزعج من حقيقة أن الردع الإسرائيلي الذي بُني والهدوء سيعودان للقطاع ومحيطه. هذا وقد أشار مسؤولون عسكريون، الأسبوع الماضي، محذرين من أنه في حال لم يتم اتخاذ إجراءات مهمة لتغيير الوضع الإنساني والاقتصادي في القطاع، فإن العنف سيعود ويندلع. في الكابينت السياسي - الأمني، الذي تحول منذ وقت طويل لختم مطاطي لحكومة نتنياهو، سارعوا لمهاجمة الجهات العسكرية، حتى في هذا الجدال لم يُسجل أي حسم، ولا يبدو أنه سيتحقق في الوقت القريب.

نصف الكوب الممتلئ تابع الآن لقطر، إمارة الغاز والنفط تقود مع إسرائيل في السنوات الماضية علاقات ود - كراهية معقدة، مقربة من المنظمات "الإرهابية" أينما كانت، تشعل التحريض من خلال "الجزيرة"، لكن من الجانب الآخر تقدم دعمًا كبيرًا وتستخدم مواردها الاقتصادية لتحقيق الهدوء. قطر أعلنت مع انتهاء جولة العنف عن دعمها بمبلغ نصف مليار دولار للفلسطينيين؛ مفترض أن يكون شريان النجاة لحماس في غزة.

حسب مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى، القطريون مستعدون هذه المرة - خلافًا للمرات السابقة - للإشراف على الأموال التي تصل للقطاع، بما يشمل مراقبة إسرائيلية، الأمر يزيد من فرصة تحويل الأموال مباشرة لأغراض مدنية وتقليل الأزمة المتفاقمة في القطاع، وليس لصالح التنظيمات. هذا ليس كافيًا - تقول المصادر العسكرية الإسرائيلية - لكن حاليًا هذا هو الموجود. العيون تلتفت للدراما الجارية بين طهران وواشنطن العالق وسطها نصر الله، الأسد، أردوغان وغيرهم الكثير، وبالنسبة لنتنياهو، هذه الجبهة تهمّه أكثر بكثير من الجبهة الجنوبية، إنه يرى في وقف النووي الإيراني مهمة تاريخية، بينما يرى التنظيمات في القطاع على أنهم ضجيج في الخلفية أضراره محدودة.