نتنياهو الفائز: النسخة الجديدة أكثر تطرفاً..أشرف العجرمي

الأربعاء 17 أبريل 2019 10:45 ص / بتوقيت القدس +2GMT
نتنياهو الفائز: النسخة الجديدة أكثر تطرفاً..أشرف العجرمي



بعد فوزه الكبير بدأ بنيامين نتنياهو مشاوراته لتشكيل الحكومة القادمة دون انتظار لتكليف رئيس الدولة له رسمياً بتشكيل الحكومة، فنتيجة الانتخابات حسمت شكل الحكومة القادمة ولا مجال لتوقعات خارج هذا السياق، فحتى فكرة حكومة «وحدة وطنية» ليست قائمة في عقل نتنياهو على الرغم من فوزه الكبير بعد أن حصل  حزبه على أعلى الأصوات(36 مقعداً) بالإضافة إلى أربعة مقاعد حصل عليها حزب «كلنا» الذي سيعود رئيسه موشي كحلون إلى حزب «الليكود»، وكأنه يقول إن «الليكود» حصل فعلياً على (40 مقعداً)، وبعد أن فازت أحزاب اليمين بأغلبية 65 مقعداً في الكنيست مقابل 55 مقعداً لأحزاب الوسط واليسار ومعها الأحزاب العربية. ونتنياهو في الواقع يفكر بعدة أشياء أهمها الحصول على الحصانة وعدم تقديمه للمحاكمة طالما هو يشغل منصب رئيس الحكومة، وهذا مضمون بموافقة ائتلافه الجديد- القديم، والمضي بسياسته الاستيطانية اليمينية العنصرية، والتي من المتوقع أن تكون أكثر تطرفاً وتشدداً خلال ولايته الحالية التي على الأغلب ستكون الأخيرة.
نتنياهو سيوزع جميع الحقائب الوزارية والمناصب في الحكومة والكنيست على أطراف الائتلاف اليميني الفائز، ولن يبقي مكاناً شاغراً في إشارة واضحة منه الى أنه لا يريد ترك أي احتمال لتشكيل حكومة واسعة وضم كتلة «أزرق- أبيض» للحكومة، وهذا يعود لسببين أولاً لضمان حصانته حيث من المتوقع ألا يوافق «أزرق- أبيض» على منحه الحصانة، وثانياً لأن حزب المعارضة الكبير لن يسارع للانضمام لحكومته لأن في هذا مقتلاً له كما حصل مع كل الذين انضموا لائتلافه من المعارضة أمثال شاؤول موفاز وإيهود باراك وتسيبي ليفني. كما أنه لا يريد وجع رأس ومعارضة لسياسته التي تجمع عليها أحزاب اليمين. غير أن موضوع تشكيل الحكومة الجديدة لن يمر بسلاسة بسبب التعارض في مواقف بعض مكونات ائتلافه وخاصة «اسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان والأحزاب الأصولية «شاس» و»يهدوت هتوراه» وأيضاً بسبب مطالب ليبرمان التي في حال الموافقة عليها ستغير مواقف الحكومة في بعض القضايا مثل التعامل مه عزة.
      ليبرمان يقول بصراحة أنه يريد وزارة الدفاع وصلاحية لتغيير النهج المتبع مع «حماس» أي رفض فكرة للتوصل إلى تهدئة معها وإدخال الأموال للحركة، بل الحرب ضدها وهزيمتها وتحقيق الأمن عبر ذلك. كما أنه يريد تطبيق قانون التجنيد الإلزامي دون أي تعديل، ما يفرض تجنيد كل المتدينين للخدمة العسكرية الإلزامية، الأمر الذي يرفضه الأصوليون بحجة أنهم يتعلمون «التوراة» ولا مجال لخدمتهم في الجيش بسبب هذه المهمة «المقدسة». والمشكلة أن ليبرمان يصر على شرطه الأخير ويهدد بالذهاب للمعارضة إذا لم يتم تلبيته. وبدون ليبرمان لا يمكن لنتنياهو أن يشكل حكومة، فالأول لديه خمسة مقاعد بدونها سيكون هناك تعادل لا يمنح نتنياهو القدرة على تركيب حكومة. 
       مطالب باقي الاحزاب يمكن التعامل معها بطريقة أسهل لأنها تتلخص في مواقع وميزانيات، ولا خلاف حول القضايا السياسية التي ستشكل برنامج الحكومة القادم ربما باستثناء موضوع التهدئة مع «حماس»، فنتنياهو كان على يمين الجميع في دعايته الانتخابية، وقد وعد الناخبين والجمهور الإسرائيلي بضم المستوطنات ومن المتوقع أن تشهد عملية الاستيطان في عهده تسارعاً وتكثيفاً كبيراً، ويتوقع كذلك أن يعمد إلى تنفيذ وعده بالضم أو على الأقل فرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات والتعامل معها كالمدن والقرى والتجمعات الإسرائيلية خلف الخط الأخضر. وبالرغم من وجود صعوبات في تشكيل الحكومة يستبعد أن يفشل نتنياهو أو أن يذهب ليبرمان إلى خيار المعارضة ومنع تشكيل حكومة يمينية، لأن هذا سيعتبر خيانة لإرادة الناخبين الذين صوتوا لليمين وعليه سيدفع ثمنه باهظاً في الانتخابات القادمة حتى لو بدا كمن يفي بوعوده لقطاع معين منهم.
       نحن سنكون في مواجهة مع حكومة يمينية متطرفة مدعومة برأي عام يكفر بامكانية تحقيق السلام ولا يثق بالشعب الفلسطيني، وتحظى كذلك برضى بعض الأطراف العربية التي ترى فيها حليفاً موثوقاً وقوياً في مواجهة إيران، بل وكذلك برضى أطراف فلسطينية يمكنها أن تعقد معها اتفاقية تهدئة طويلة الأمد مقابل الاستمرار في حكم غزة. وإدارة أميركية فعلت ما لا يفعل من أجل ضمان فوز رئيسها. ولكننا للأسف لا نملك استراتيجية أو خطة عمل محددة لمواجهة حكومة نتنياهو وسياسة إدارة دونالد ترامب سوى التعبير عن موقف الرفض الذي هو في الواقع غير كاف. ومن غير المتوقع أن تتغير سياسة الحكومة الإسرائيلية أو حتى يجري تعديلها إذا لم ترتدع أو تشعر باحتمال الخسارة. كما أننا سنواجه عاجلاً الخطة الأميركية للتسوية أو ما يسمى بغير حق «صفقة القرن»، ولا توجد لدينا أية قدرة حتى على المناورة بغير تكرار الرفض الذي سيشكل غطاءً جيداً لإسرائيل للتهرب حتى من عناء الرد التفصيلي على هذه الخطة التي تخشى منها بعض الأوساط اليمينية لأنها قد تتضمن انسحاباً من مناطق واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما ترفضه ولكنها لا تستطيع التعبير عن الرفض في وجه إدارة منحازة وحليفة بطريقة لم تعهدها إسرائيل من قبل، فهل لدينا أي تكتيك في مواجهة ذلك؟ وهل نملك الأدوات اللازمة ونحن منقسمون ونعاني من مشكلات على كل المستويات؟