التمييز بين الابناء أضرار اجتماعية ونفسية خطيرة

الأحد 31 مارس 2019 11:56 ص / بتوقيت القدس +2GMT
التمييز بين الابناء أضرار اجتماعية ونفسية خطيرة



وكالات / سما /

إذا كان الله تعالي بمشيئته يهب للإنسان الابناء الذكور أو الإناث أو كلاهما ليكونوا زينه وقره أعين وعونا له في الحياه الدنيا قال تعالي:" المال والبنون زينة الحياة الدنيا " الابناء امانة في عنق الإنسان وهو مسئول عنها وواجباته نحوهم يجب أن يؤديها دون أي تفرقه بينهم لأنه سيحاسب علي ذلك قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) :" وكفي بالمرء اثما أن يضيع من يعول" ثم بعد رحيله و مماته إن كانوا ابناء صالحين وبارين فهم يدعون له حتي لا تنقطع أعماله قال رسول الله (عليه الصلاة والسلام):" إذا مات بني ادم لا تنقطع أعماله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له " وحيث إن الله جل شأنه قال: " يوصيكم الله في أولادكم " وقال رسول الله (عليه الصلاة والسلام):"اتقوا الله في أولادكم واعدلوا بينهم " اي لا يجب التفرقة بينهم في المعاملة أو الهبات إلا انه مازالت هناك من الموروثات القديمة الخاطئة الموجودة لدي بعض الآباء والامهات ما يؤكد هذا التمييز بين الابناء ومن الأمثال القديمة التي مازال بعض من الآباء والأمهات أصحاب الفكر القديم يرددونها (البنت بنت أبوها والولد ابن أمه - لما قالولي ده ولد انشد ضهري واتسند – لما قالولي دي بنيه الحيطان مالت عليه) ومن مبررات التفرقة بين الابناء يقال(اصل ده البكري او ده أخر العنقود - أصل بنتي نقطه ضعفي )

حقا ان ميل القلب لأحد الابناء يصعب التحكم فيه لكن لا يجب المفاضلة بين الابناء سواء في المعاملة أو عند منح الهبات. حتى ولو كان هناك جحود من بعض الابناء فذلك لا يعني حرمانهم من الميراث مثلما يحدث في بعض الأحيان ولما كان العدل والانصاف والمساواة لا يضيع الحقوق ويطيب النفوس ويزيل الاحقاد والضغائن ويشيع روح المحبة والاخاء ويوطد العلاقات ويوثق الصلات بين الابناء داخل الأسرة وأيضا بين جميع أفراد المجتمع وكل الأديان تحض علي ذلك الأمر الذي يتطلب ضرورة قيام كل اسره بتطبيق مبدأ العدل والمساواة بين الابناء تنفيذا لتعاليم الدين فأن علماء النفس والاجتماع والتربية أكدوا أن التمييز بين الابناء له عواقب اجتماعية وخيمة وأضرار ومخاطر نفسية شديدة لها مردود سلبي علي علي الابناء والأسرة والمجتمع فضلا عن أن التمييز بين الابناء قد يكون سببا مباشرا في عقوق الابناء للوالدين هذا ما أكده د. سيد حسن السيد الخبير الدولي للإتيكيت وآداب السلوك بوسائل الاعلام والمحاضر بالمراكز التدريبية المتخصصة.

ولتوضيح ماهي اشكال التمييز بين الابناء ؟وما أسبابه ؟ وماهي الآثار السلبية المترتبة عليه ؟ وكيف يمكن تجنب حدوث هذا التمييز؟ وماهي النصائح التي يمكن توجيهها للوالدين للتقرب من الابناء؟ - للرد علي هذه التساؤلات يحدثنا هذا الأسبوع د.سيد حسن السيد مقدما النصائح والارشادات التالية :-

1 - ابناؤنا هم فلذات اكبادنا وسعادتنا لا تتحقق إلا عند رؤيتهم سعداء يقول أحد الشعراء : (وإنما أولادنا بيننا اكبادنا تمشي علي الأرض ... لوهبت الريح علي بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض.) وعن وصف مشاعر اب تجاه ابنه يقول الشاعر: ( لا تلمني في هواه انا لا اهوي سواه ولدي مهجه قلبي ورد عبق وجنتاه فحبيبي نور عيني لا اري حتي اراه فيض حبي لصغيري انه روح الحياه) إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله تعالي يقلبها كيفما يشاء عز وجل وميل القلب لاحد الابناء يصعب التحكم فيه ولكن هذا الميل وهو المتعلق بالمحبة لا يجب أن يكون سببا في تمييز هذا الابن عن باقي اخوته في المعاملة والعطايا والهبات والاهتمام والرعاية والعناية قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلومني فيما تملك ولا املك" المقصود ب (لا املك ) هو المحبة وقد أثبت علماء الغرب ذلك حينما قام مركز ( وودراف) للعلوم الصحية في مدينه اتلانتا ببريطانيا .

حيث اجريت أبحاث عن السلوك الابوي المتحيز لأحد الابناء وقد تم عمل اشعة رنين مغناطيسي لفحص المخ لأباء اثناء عرض صور أطفالهم الذكور والاناث بتعبيرات وجوههم وهي سعيدة ثم حزينة ثم محايده وقد تبين أن لأباء البنات استجابات اقوي لتعبيرات وجوه بناتهم السعيدة في مناطق الدماغ الهامه لمعالجه العواطف وفي المقابل استجابت ادمغه آباء الأولاد الذكور لتعبيرات وجوه اولادهم المحايدة وقد اثبتت الدراسة ان الاباء والامهات يستخدمون لغة عاطفيه اكثر مع الفتيات ويشاركون في اللعب الخشن مع الاولاد الذكور خلال الفترة العمرية من سنه إلي 3سنوات ويحاولون فعل أفضل ما في وسعهم لإسعاد أطفالهم .واذا كان هناك من الاباء أو الامهات يحبون احد الابناء اكثر من اخوته فانه يجب اخفاء هذا الحب ولا يعلنه لأخوته ولايجب تفضيل هذا الطفل عنهم في الحب لان ذلك أقرب إلى صلاح اخوته وبرهم بوالديهم وحتي تسود بين جميع الأخوة والاخوات روح الأخوة

2 - بعض الاباء او الامهات يميزون بين الابناء دون عمد او بعمد والتمييز يأخذ اشكال مختلفة منها التفرقة من حيث الجنس وذلك مرتبط بثقافه بعض الاسر من حيث التفرقة بين البنت والولد فمنهم يفضلون الولد لأنه يحمل اسم الاب والجد وهو المسئول عن متابعه اخواته البنات في حاله غياب الاب كما انه غير مسئول عن مساعده الام في أي اعمال منزليه او ترتيب حجرته او المشاركة في تجهيز مائده الطعام اما البنات فهم المكلفين بأداء هذه المهمة ومن ثم فانه يحظى بالتدليل فينشأ فوضويا ومتسلطا ويلقي بمسئولياته علي الاخرين ويحملهم واجب رعايته دون ان يبدي اي رغبه في التعاون معهم. وقد يتم تمييز البنت لكونها الوحيدة مع اشقائها الصبيان فيتم المبالغة في تدليلها فتنشأ انانيه ولا تتحمل ايه مسئوليه وتظل معتمده علي امها حتي بعد زواجها وطلب مساعدتها في اداره شئون منزلها وتربيه ابنائها

- وقد يكون التمييز بين الابناء علي اساس السن فأما ان يتم تفضيل الابن الاكبر لأنه هو البكري و اول فرحه ابويه ويعتبر كبير الأسرة بعد الاب اما يتم تفضيل الاصغر لأنه اخر العنقود ويحتاج الي مزيد من الرعاية ولا يستطيع الاعتماد علي نفسه ومن هنا يشعر الابن الاكبر بالغيرة من الاصغر واما يكون التمييز بين الابناء علي اساس السمات الشخصية كتفضيل الابن الأذكى ث او المتفوق دراسيا فنجد ان الوالدين يفتخران به امام الاصدقاء والمعارف وقد يحدث ذلك بحسن نيه ولكن يترك اثر نفسي سيئ في نفس اخوته الاخرين الغير متفوقين عند ما تنتابهم مشاعر الغيرة نحو اخوهم المتفوق وقد يكون التمييز بين الابناء من الناحية التربوية من حيث التهذيب والتأديب فقد يتعرض٦ احد الابناء للعقاب البدني جزاء خطأ جسيم أو بسيط ارتكبه بينما يتم التسامح مع الطفل المحبوب بالرغم من الذنب الذي قام به فضلا عن دفاع الابوين عنه لتبرير تصرفه - وقد يكون التمييز من الناحية المعنوية اي وجود اختلاف في الاهتمام بالأبناء من حيث مداعبتهم وتقبيلهم والعطف عليهم

3 - وعن التحليل التربوي للتمييز بين الابناء اكد علماء التربية ان هناك أمورا اخطر من المتوقع حيث أن التمييز يعتبر السبب الرئيسي في ممارسة الابناء للسلوك الاجرامي ابتداءا من العصيان وقد يصل في بعض الاحيان الي ارتكاب جرائم القتل ومن الاثار السلبية الاجتماعية والنفسية المترتبة علي التمييز بين الابناء شعور الطفل بعدم الأمان بين والديه وذلك يؤدي إلى احساسه بالقلق المستمر والرغبة في حمايه نفسه من التمييز بان يحاول ترجمه الكبت النفسي والشعور بفقدانه للاطمئنان الي سلوك فيه نوع من العزلة والانطوائية او التمرد والانطلاق والبحث عن بييئه اخري يجد فيها حريته وشعوره بالأمان وعاده ما يرتمي في احضان اصدقاء السوء الذين يشجعونه علي الانحراف بمختلف اشكاله مع تأصيل فيه بعض العادات المذمومة كالكذب والعقوق والاحتيال وما يصاحب ذلك من مشاعر عدائيه تجاه احد الابوين او كلاهما هذا الي جانب ان الاطفال المدللين نتيجة التمييز تفسدهم كثره الحنان وعدم تحملهم للمسئولية

ومن الامور البالغة الخطورة للتمييز ايضا بين الابناء بانه يولد نوع من الغيرة والحسد في نفوس الأخوة نحو اخيهم المميز عنهم وقد يتمنون ان يصاب بمكروه ليستردوا الحب الخاص والغير مشروط من ابويهم وقد يتعمدون ايذاء اخوهم المميز والمحبوب او مضايقته او الانتقام منه وتلك المشاعر السلبية عبر عنها اخوه سيدنا يوسف(عليه السلام) عندما احسوا انه احب لأبيهم عنهم قال تعالي:" اذ قالوا ليوسف واخوه احب الي ابينا منا ونحن عصبه ان ابانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف او اطرحوه ارضا يخل لكم وجه ابيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين" ومن ناحيه اخري يلقي هذا التمييز عبئا ثقيلا علي الابن المميز ليظل عند قدر توقعات والديه ولا يخذلهم اذا لم يستطع ارضائهم بجانب معاناته من الابتعاد عن اخوته ومشاعرهم السلبية نحوه ومن هنا يتضح ان المفاضلة بين الابناء تؤدي الي الانحراف السلوكي والاضطراب النفسي وتورث حب الاعتداء والعصيان ومركبات الشعور بالنقص.

4 - ما احوجنا الي التمسك بتعاليم الدين وما احوج ابناؤنا الي التقرب منا في زمن انشغالنا الدائم عنهم ونسيان حقوقهم علينا لدرجه عدم المساواة بينهم في بعض الاحيان قال رسول الله ( عليه الصلاة والسلام):" اعدلوا بين اولادكم في النحل كما تحبون ان يعدلوا بينكم في البر واللطف" المقصود ب(النحل) التبرع اي العطايا والهبات التي يجب ان نساوي بينهم عند منحها اما الانفاق فمن الامور الطبيعية ان احتياج الابن الكبير يختلف عن الصغير من حيث المصروف الخاص وتكاليف الدروس الخصوصية والمصاريف الدراسية وشراء الملابس وكذلك الابناء المقبلين علي الزواج إن لم تكن لديهم القدرة المادية ويحتاجون إلى مساعده ومن هنا يحدث الاختلاف ولم يكن تمييز اما اهداء ابن هديه في مناسبه خاصه به وعدم اهداء الاخر في نفس هذه المناسبة الخاصة به او شراء شهاده استثمار أو منحه قدر من المال علي سبيل الهديه او حتي عيديه العيد لاحد الابناء دون الاخر فذلك يعتبر تمييز وغالبا ما يتسبب في احداث مشاعر كراهية ودوافع عدوانيه فيما بينهم

قال رسول الله ( عليه الصلاة والسلام):" لا تكرهوا البنات فأنهن المؤنسات الغاليات" وقال رسول الله( صلوات الله عليه) "من كان له ثلاث بنات يؤدبهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البته - قيل: يارسول الله وان كانت له اثنتين قال: ( وان كانت له اثنتين) قيل : وان كان له واحده قال:(وان كانت له واحده" وحينما سأل الرسول (عليه الصلاة والسلام ) عن توزيع الهبات والعطايا قال( صلوات الله عليه):" أتحب أن يكون لك في البر سواء" قال :نعم قال الرسول ( صلي الله عليه وسلم): فسوي بينهم" اي ان يتم توزيع العطايا والهبات علي الذكر مثل الأنثى اما الميراث فحظ الذكر مثل حظ الانثيين . فلتتعظ بعض الاسر التي مازالت تحرم بناتها المتزوجات من خارج افراد العائلة من الميراث وليتقي الله الأخوة الذين يجورون علي حقوق اخواتهم المالية بعد ان كثرت الدعاوي القضائية الخاصة بالميراث 

5 - [روي ان عمر بن عبد العزير ( رضي الله عنه ) عندما كان يتحاور مع ابنه الذي كان يحبه حبا شديدا قال له : يا بني إن احبك وما استطيع ان اوثرك بلقمه] ان التمييز بين الابناء لمن الظواهر الاجتماعية السلبية الخطيرة لأنها لمن المحرمات لذلك قال تعالي:" يوصيكم الله في اولادكم " لذا يجب علي الاباء والامهات أن يحرصون علي تحقيق مبدا المساواة في المعاملة التي يجب ان يسودها روح المحبة والمودة والمساواة عند منح العطايا والهبات والرعاية والعناية والاهتمام بجميع الابناء دون تفرقه بين الذكور والاناث ليتنا نتخلى عن العادات الخاطئة التي مازالت للأسف بعض الأسر تتوارثها ولاسيما ان جميع الدراسات النفسية أكدت أن التمييز بين الابناء له عواقب وخيمه واضرار نفسية خطيرة ويعتبر السبب المباشر في عقوق الابناء للوالدين صدق رسول الله (عليه الصلاة والسلام): حينما قال : " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "