هدايا فلسطينية لـ "إسرائيل" ..صادق ناشر

الخميس 21 مارس 2019 02:24 م / بتوقيت القدس +2GMT



حدة الخلافات بين الفصائل الفلسطينية تزايدت خلال الأشهر القليلة الماضية. وفي وقت كان يأمل كثيرون أن يعزز الفلسطينيون مواقفهم، راحوا يبحثون عما يزيد من انقسامهم وتشرذمهم، والأحداث التي نتابعها على الساحة الفلسطينية، وخاصة الخلافات بين حركتي «فتح» و«حماس»، تؤكد أن التقارب بين الحركتين صار يبتعد شيئاً فشيئاً، ويحل محله التنافر والصدام الذي لا يستبعد أن يكون أخطر خلال المرحلة المقبلة.

يوم أمس الأول تعرض منزل وسيارة النائب في المجلس التشريعي عن حركة «حماس»، عزام سلهب، لعملية إطلاق نار من مسلحين في مدينة الخليل، سبقها إقدام الحركة على اختطاف مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية في قطاع غزة، رأفت القدرة، وبالطبع فإن الحركتين تبادلتا الاتهامات في الحادثتين، ف«حماس» استنكرت عملية إطلاق النار على منزل وسيارة النائب سلهب، وحمّلت السلطة وأجهزتها الأمنية المسؤولية الكاملة عما سمّتها «الجريمة النكراء»، فيما وصفت السلطة الفلسطينية اعتقال القدرة من منزله في قطاع غزة ب«الجريمة»، معتبرة إياها «عملاً من أعمال العصابات المنظمة، وتجاوزاً لكل الخطوط الحمر».
ولم تفلح كل المحاولات التي بذلتها وتبذلها دول عربية عدة لرأب الصدع بين الحركتين، والذي توسع بشكل لافت خلال الفترة القليلة الماضية، وكرس أخطر أنواع الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، ومنح «إسرائيل» هدايا كانت تنتظرها وحصلت عليها اليوم، بالخلافات الحادة بين الحركتين، حيث نجحت دولة الاحتلال في تجنيب نفسها دفع ثمن باهظ في مواجهة الفلسطينيين، بعدما تكفل الفلسطينيون بإنجاز مهمة «إسرائيل» وتفرغوا لخلافاتهم، بعد أن كانت المهمة التفرغ لمقاومة الاحتلال وأدواته المختلفة.
لم يكن الشعب الفلسطيني ينتظر أن تؤول الأمور بين أكبر حركتين مقاومتين للاحتلال إلى هذا المآل، فخلال العقود الماضية كانت دولة الاحتلال تعمل ألف حساب للمقاومة بمختلف تشكيلاتها وتوجهاتها، لكنها اليوم تُدرك أن وحدة الفلسطينيين لم تعد ذات شأن عند أصحاب القضية نفسها؛ لهذا تزيد من صب مزيد من الزيت على نار الخلافات بين الحركتين، أملاً بأن تنجح في تجديد الصراع المسلح بينهما، كما حدث خلال سنوات ماضية.
ما الذي تستفيد منه الحركتان في موقفيهما هذا؟
لا يوجد مستفيد في الأساس في الصراع الدائر بين الحركتين سوى أعدائهما، فالخلافات القائمة بينهما لا تخدم سوى هدف «إسرائيل» القريب والبعيد، فدولة الاحتلال نأت بنفسها عن المواجهات المباشرة وتركت للحركتين مهمة الصراع الداخلي، وبالتالي منحتا «إسرائيل» الفرصة للتفرغ لما هو أكبر من المواجهات المباشرة، والمتمثل في توسيع الاستيطان والتهام أكبر جزء مما تبقى من الأراضي التي تقع تحت أيدي الفلسطينيين، مستندة إلى دعم أمريكي وغربي كبير. 
وقد رأينا هذا الدعم يتجلى في سلسلة القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي منح «إسرائيل» ما لم تكن تحلم به طوال عقود الصراع الطويلة.

عن الخليج الإماراتية