تـفـاقـم الأخـطـار ..خالد صادق

الثلاثاء 15 يناير 2019 06:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
تـفـاقـم الأخـطـار ..خالد صادق



ما يشهده المسجد الأقصى المبارك من أحداث يدل بشكل قاطع على ان «إسرائيل» ماضية في مخطط التقسيم الزماني والمكاني له, وفرض سياسة الأمر الواقع على المسلمين في كافة بقاع الأرض, خاصة ان الأمور مواتية اليوم أكثر مما مضي لتمرير هذا المخطط التقسيمي, فالتطبيع العربي والإسلامي مع الاحتلال الصهيوني على أشده, والإدارة الأمريكية تساند «إسرائيل» بلا حدود, والمجتمع الدولي يتغاضى عن ممارسات الاحتلال ومخططاته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته, والأمر كله يقع على عاتق الفلسطينيين, وفصائل المقاومة التي سخرت كل إمكاناتها البشرية واللوجستية للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحمايته من اطماع الاحتلال, ولعل الأحداث التي شهدها الأقصى, باحتجاز عدد من المصلين, والاعتداء على سدنتة وحراسه وموظفين في الأوقاف, تفجر معركة جديدة بين المقدسيين والاحتلال الصهيوني, وقد تمتد الأحداث لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م, وقد تتكرر معركة البوابات مجددا فالقدس على صفيح ساخن والمقدسيون غاضبون من سياسة الاحتلال واجراءاته التعسفية في المسجد الاقصى المبارك..

وهنا فنحن لا نريد ان نسقط دور الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم في الدفاع عن الأقصى وحمايته من الاحتلال وتزايد أطماعه في فرض التقسيم الزماني والمكاني داخله, كخطوة أولى لهدمه ومحو أثره, وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه, فالأقصى قضية لا تخص الفلسطينيين فحسب, إنما تخص الأمة العربية والإسلامية, فالأردن ممثلا بملكها من المفترض ان له وصاية تاريخية على المسجد الأقصى, والمغرب ممثلا بملكها يحمل لقب رئيس لجنة القدس, وهذه المسميات من المفترض أنها ليست مجرد مسميات بروتوكولية فحسب, إنما منوط بها الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحمايته من أطماع الاحتلال الصهيوني, لكن أمام هذه الأحداث الخطيرة التي يتعرض لها الأقصى, وأمام الانتهاكات اليومية لحرماته, والمخططات الصهيونية التي تحاك ضده ليل نهار, لم نسمع صوتا للمملكة الأردنية, ولا للمملكة المغربية, مما جعل «إسرائيل» تتمادى في غيها وتقوم بمسلسل اقتحامات يومي وتمارس طقوسها التلمودية داخل باحات الأقصى ويرتدي المستوطنون قبعات كيبا التلمودية لرمزيتها الدينية كرسالة للعالم الاسلامي ان الوعد قادم والهيكل سيقام على انقاض الاقصى. 
تسعون مستوطناً اقتحموا بالأمس المسجد الأقصى، في فترة الاقتحامات الصباحية بحراسة مشددة من قوات الاحتلال, وقد حاول حراس وسدنة مسجد الصخرة، منع اقتحام أحد عناصر شرطة الاحتلال الولوج إلى المسجد بقبعته التلمودية (كيبا) واضطروا إلى إغلاق أبواب مسجد قبة الصخرة، بعد إصرار شرطة الاحتلال على اقتحامه، وعدم خلع الـ (كيبا) عن رأس أحدهم, الأمر الذي اغضب عناصر الشرطة الصهيونية التي قامت بالاعتداء على الرجال والنساء في الأقصى بشكل همجي, وعندما حاول المقدسيون فك الحصار عن المصلين والحراس داخل الأقصى تعرضوا للاعتداء والضرب المبرح, حيث أصيب الشيخ عمر كسواني مدير المسجد الأقصى وعدد من موظفي الأوقاف الأمر الذي أدى إلى توتر الأوضاع بشكل كبير وتجمع عدد كبير من المقدسيين أمام بوابات الأقصى لفك الحصار عن إخوانهم المحاصرين داخل باحاته وهو ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المقدسيين, وتوتر في الأوضاع داخل البلدة القديمة مما ينذر بقرب اشتعال الأحداث مع تكرار سيناريو الاقتحامات اليومية للاقصى.
موجات الغضب في القدس تتسارع, ولها تبعات على الأرض قد نشهدها في أي لحظة, والاحتلال الذي يتعامل مع القدس بسياسة عنجهية فيها تحد كبير لمشاعر المقدسيين والفلسطينيين والمسلمين في شتى بقاع الأرض, يبدو انه لا يدرك حجم المأزق الذي سيقع فيه, فدائما الفلسطينيون يرفعون شعار ان القدس والأقصى خط احمر, وله خصوصية في ردات الفعل الشعبية لأنه يمثل عاملا وجدانياً كبيراً في نفوسهم, ورمزاً تاريخياً وحضاريا وروحيا للوطن, لذلك على الاحتلال ان يتحمل النتائج, ويدرك ان الشعب لن يتخلى عن أقصاه, ولا يجب ان يغتر الاحتلال بالصمت الرسمي العربي والإسلامي على سياساته, ويشرع في تنفيذ مخططاته داخل الأقصى, فللأقصى شعب يحميه, وأمة قادرة على الدفاع عنه, وكلما حاول الاحتلال ان يمرر أياً من مخططاته تجاه الأقصى, يصطدم بموجة غضب عارمة يبدؤها المقدسيون, وتمتد لتشمل الشعب الفلسطيني كله والأمة العربية والإسلامية, وعلى «إسرائيل» ان تدرك جيدا أنها قبل ان تنفذ مخططها في الأقصى وتقوم بهدمه لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه, يجب ان تقضي على الأمة الإسلامية كلها قبل ذلك, لأن هذه الأمة سخرت نفسها لحماية اقصاها دون ان تبالي بحجم التضحيات التي ستقدمها في سبيل ذلك.