لمن ترتدي ملابسك عندما تختار ملابس يوم عملك؟

السبت 22 ديسمبر 2018 12:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
لمن ترتدي ملابسك عندما تختار ملابس يوم عملك؟



وكالات / سما /

أمر بسيط مثل اختيار الملابس التي سترتديها ليوم عملك، سواء كنت تعمل في مكتب أو عند بعد من منزلك، ليس بسيطاً كما يخيل إليك؛ أصلاً اختيار الملابس التي سترتديها لم يكن يوماً أكثر تعقيداً مما هو عليه الآن، فهناك دور الأزياء وصيحات الموضة والفئات التي تحدد ما الذي يصلح للعمل وما الذي لا يصلح، وهناك طبعاً أنت وذوقك وخيارك الشخصي وميزانيتك. الملابس لا تصنع الرجال، ولكن علماء النفس وجدوا أن ما نرتديه يؤثر في طريقة تفكيرنا، وكما هو معروف فإن الملابس تلعب دورها في التأثير في نجاح الشخص أو فشله.

السؤال المطروح هو لمن ترتدي ملابسك حين تختار ملابس عملك سواء كنت تعمل في المكتب أو في المنزل؟ فهل ترتدي الملابس لنفسك؟ أو للتأثير بمديرك وزملاء عملك؟ أم ترتدي ملابسك لتعزيز فرص النجاح؟

لا ترتدي الملابس لنفسك

أنت بالتأكيد لا ترتدي الملابس من أجل شخصك، فحتى الملابس التي تعتمدها في حياتك اليومية والتي لا علاقة لها بالعالم تعتمدها وأنت تضع بالحسبان الانطباع الذي تريد تركه، أو كيف ستجعل الآخر يقيمك. المقاربة هذه مضاعفة حين تختار ملابس العمل سواء كنت تدرك أنك تقوم بذلك أو تقوم بها بشكل تلقائي. ملابس العمل التي تختارها في الواقع هي «خارجة عن سيطرتك» لأنها ترتبط بكل المتغيرات التي لا علاقة لها بك.

 ترتدي ملابسك من أجل المدير والزملاء.. ومن أجل النجاح

سواء كان يعجبك الأمر أو لا يعجبك، الملابس التي تختارها هي طريقة من طرق التواصل، كما أنها يمكنها أن تؤثر بشكل كبير في قدرتك على تحقيق النجاح. ورغم أن الملابس لا تحدد قيمة البشر، وليست المعيار بالتأكيد الذي وفقه يتم فرزهم، ولكنها المعيار الذي على أساسه يقوم المحيط بتقييم الشخص بغض النظر عما إن كانت المقاربة هذه عادلة أو غير عادلة. ولأن الانطباع الذي يتركه الشخص في مكان العمل أساسي للنجاح فإن الملابس تصبح مهمة للغاية.

جميع الدراسات أكدت أن الشكل الخارجي يؤثر في الانطباع الذي يكونه الآخر عن وضعك المادي، وحجم السلطة التي تملكها، وما إن كنت شخصية يمكن الوثوق بها، وحتى معدل الذكاء الخاص بك، بالإضافة إلى تقييم ما إن كنت تصلح للتوظيف أو للحصول على ترقية.

كما قلنا الملابس بحد ذاتها طريقة من طرق التواصل «من دون كلام»، ولكن حين يتم دمجها مع مهارات التواصل الأخرى، فإن الأمر يتجاوز الانطباع الذي تتركه ليطال تصرفاتهم تجاهك. الملابس الخاصة بالعمل مع التواصل الفعال يحددان حتى ما إن كان الآخر سيقوم بتنفيذ ما تطلبه والوثوق بالمعلومات التي تقدمها، وحتى حجم الراتب الذي تحصل عليه.

وسواء كنت تدرك التأثيرات هذه أو لم تدركها، فأنت حين تختار ملابسك تقوم بشكل تلقائي بانتقاء أفضلها وأكثرها أناقة التي ستؤثر في الزملاء والجهات العليا.

لمن ترتدي ملابسك في حال كنت تعمل من المنزل؟

العمل عن بعد في تزايد مستمر سواء عالمياً أو عربياً، وسواء كنت تعمل من المنزل بشكل كلي أو جزئي، فإن الواقع هو أنه يمكنك العمل وأنت ترتدي ملابسك الداخلية أو حتى من دون ملابس على الإطلاق! ولكن لا أحد يقوم بذلك. فلماذا تتكبد عناء ارتداء الملابس رغم أنه لن يراك أحد وبالتالي كل ما تحدثنا عنه أعلاه لا أهمية له؟!

في دراسة نشرت في «سوشال سيكولوجي أند بيرسونالتي ساينس» تم قياس حجم الأداء في اختبار قائم على التفكير الإدراكي وعلاقته بالملابس. مجموعة ارتدت ملابس كاجوال وأخرى ارتدت ملابس رسمية، وتبين أن الفئة الأخيرة تحسن عندها بشكل ملحوظ التفكير المجرد الذي يرتبط بالإبداع والتخطيط الإستراتيجي الطويل الأمد.

الباحثون يعتقدون أن سبب تحسن الأداء عند ارتداء الملابس الرسمية هو واقع أن الفرد شخصياً يشعر بأنه أقوى وأكثر نفوذاً مما هو عليه، خصوصاً حين يرتدي هذه الملابس من أجل الأعمال.

الموضة والمادة يتداخلان، وهما أشبه بالشكل والدور اللذين يعملان معاً على مستوى اللاوعي. وعليه فالملابس لا ترسل رسائل للآخرين وتترك انطباعات مختلفة، لكنها أيضاً تؤثر في نظرتك لنفسك.. وبالتالي أنت هنا تترك انطباعاً مؤثراً في نفسك.

الملابس أيضاً لها تأثيرها في الطريقة التي تنجز بها الأعمال، فهناك «رمزية» الملابس والتجربة الجسدية المرتبطة بها. لتوضيح الفكرة أكثر: معطف الطبيب حين يرتديه أي شخص كان حتى لو لم يكن طبيباً فإن نسبة التركيز عنده ترتفع. ولكن بطبيعة الحال لن تقوم بارتداء معطف طبيب في منزلك، وبالتأكيد لن ترتدي بدلة لأن الأمر سيجعلك تشعر بالسخف. ولكن ما ترتديه في منزلك هو ما يتناسب مع «بيئة عملك»؛ أي ما يجعلك تشعر بالراحة، وما يجعلك تشعر بأنه يمنحك ذلك الشعور بالتميز بغض النظر عما هو عليه، وبالتالي يحسن من تركيزك وقدرتك على أداء العمل.

قيمة «السطحية»

نعم، الملابس من الأمور السطحية؛ لأن القيمة تكمن في العقل والشخصية، ولكن للسطحية قيمتها؛ لأنها بشكل أو بآخر اعتراف بقيمة الذات. يمكن للشخص أن يرتدي ملابس لترك انطباعات جيدة عند زملاء العمل، ويمكنه في الوقت عينه ارتداء بوكسر وقميص في المنزل في حال كان يعمل عن بعد، ولكن الخيار الثاني يسلب منه القوة التي توفرها الملابس.

وفي حال العمل عن بعد فإن البقاء بملابس النوم طوال النهار أو العمل بالملابس الداخلية تعني عيش كذبة كبيرة، وكأن الشخص يعيش فقط في عيون الآخرين، وكأنه يحتاج للتأكيد لغيره بأنه شخص متماسك يعرف ما الذي يريده ويملك ما يتطلبه الأمر من أجل النجاح.