ثلاثة متغيرات كبرى تؤثر على القضية الفلسطينية.. محمد حجازي

الإثنين 24 سبتمبر 2018 10:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
ثلاثة متغيرات كبرى تؤثر على القضية الفلسطينية.. محمد حجازي



ثلاثة متغيرات كبري تؤثر على القصيةالوطنية  شهدت الحالة الفلسطينية ثلاثة متغيرات شديدة التأثير على مستقبل القضية الفلسطينية.

المتغير الأول: وهو أن إسرائيل قد حسمت أمرها بشأن مستقبل عملية السلام مع الفلسطينيين، عندما أقرت قانون القومية الذي يعتبر أن الدولة العبرية هي لليهود فقط، أي أن أرض فلسطين التاريخية لن يسكنها إلا اليهود من جهة الديانة، عندما تحدد الدولة العبرية مستقبلها بهذا الشكل، عندها تكون قد أغلقت الباب لأي تسوية من الممكن أن تنشأ بينها وبين الفلسطينيين، وأن أي مشاريع سياسية تحددها للتعامل مع الفلسطينيين يجب أن تخدم هذا الهدف، الذي في جوهره يلغي أي حل  سواء حل الدولتين الذي إنهار بفعل الاستيطان، أو حل الدولة الواحدة التي يروق للبعض التلويح بها كخيار برنامجي.

بدون أدنى شك أن إقرار قانون القومية من قبل إسرائيل يشكل خطرا كبيرا على مستقبل القضية الفلسطينية، ذلك أن إسرائيل حتى هذه اللحظة لم تحدد حدودها في إشارة إلى رؤيتها التوراتية لأرض إسرائيل الكبرى، وبهذا يكون الإئتلاف اليميني في إسرائيل قد حسم أمره تماما في رفضه لأي تسوية مع الفلسطينيين تشتمل على حق تقرير المصير.

المتغير الثاني:  وهو أن إدارة ترامب  قد حسمت أمرها أيضا في تحد غير مسبوق للقانون الدولي ولدورها كراعي لعملية السلام، عندما اعتبرت أن القدس الكبرى هي أرض إسرائيلية وعاصمة للدولة العبرية، ونقل السفارة الأمريكية إليها، واعتبرت أيضا أن الاستيطان في الضفة الغربية هو شرعي، وأكثر من ذلك موقفها ضد قضية اللاجئين الفلسطينيين “جوهر القضية الفلسطينية” عندما أوقفت كل تمويلها للأونروا الذي كان يبلغ نصف موازنتها مما خلق أزمة غير مسبوقة للأونروا، وهذا يتم ضمن رؤية متكاملة بالمس بمبدأ حق العودة من خلال تجفيف الأونروا الشاهد القانوني و السياسي على قضية اللاجئين الفلسطينيين.

موقف إدارة ترامب من قضية الصراع العربي الإسرائيلي، أدخل الفلسطينيين و السلطة الفلسطينية في معادلة صعبة، إدارة ترامب لم تترك خيارا  لقيادة السلطة الفلسطينية، إما أن تقبل بما يطرح عليها في صفقة القرن أو العقوبات، وممكن أن يتطور الأمر إلى تقويض عمل السلطة الفلسطينية و البحث عن بدائل لها، أوقفت إدارة ترامب كل أشكل الدعم للسلطة الفلسطينية في محاولة للضغط عليها والقبول بما يطرح.

هذا المتغير كان له إشاراته في الإدارات الأمريكية السابقة، ولكن هذه المرة أكثر وقاحة وصلافة، وبدون أدنى شك إن إجراءات ترامب ضد الفلسطينيين هي ما شجعت نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية على تمرير قانون القومية، إلى جانب المتغيرات على الصعيد العربي التي باتت تعتبر الخطر الإيراني هو الخطر والتناقض الرئيسي، وأن العرب باتوا مقتنعين بضرورة توظيف العلاقة مع إسرائيل لخدمة مواجهة الخطر الإيراني.

إدارة الرئيس ترامب انتقلت من راعي ووسيط لعملية السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين إلى شريك لنتياهو و إئتلافه اليميني الفاشي في تقويض مبدأ حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، أي أن مبدأ حل الدولتين أيضا انتهى بخطوات وإجراءات الإدارة الأمريكية، الاستيطان و الطرق الالتفافية مزق أراضي السلطة الفلسطينية، ولم تعد وحدة جغرافية واحدة، إلى جانب أن مدينة القدس العاصمة الأبدية للفلسطينيين قد تم عزلها تماما عن محيطها الفلسطيني، كما تم إخراجها من حسابات عملية السلام.

المتغير الثالث: و الذي سيكون له تأثير كبير على مستقبل القضية الفلسطينية، أن حركة حماس قد حسمت أمرها بالمراهنة على خيار الهدنة بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي على حساب إنجاز المصالحة. انظر لكلمات قادة حركة حماس في المؤتمر الدولي لها الذي عقد في مدينة غزة يوم 18 أيلول من العام الحالي، قد يقول البعض إن التهدئة أو الهدنة هي حاجة ملحة لسكان قطاع غزة المثخنين بالجراح، وهذا كلام سليم ولكن عندما تكون الهدنة مرتبطة بما يسمى ترتيب وضع قطاع غزة، العبارة التي تستخدم من قبل الإدارة الأمريكية و إسرائيل ودولة قطر، عندها تكون الهدنة ذات مضامين سياسية تتعلق بفصل القطاع عن القضية الفلسطينية من خلال إدامة عمر الانقسام الفلسطيني، تخيلوا أنه في الوقت الذي تحارب إدارة ترامب السلطة الفلسطينية لرفضها صفقة القرن، وتتخذ جملة من القرارات العقابية ضدها وضد الأونروا، تبدأ بالحديث عن إغاثة قطاع غزة مستغلة وضعه البائس، أي عاقل لا يربط بين ترتيب وضع القطاع من جهة ومحاولة فرض صفقة القرن التي شاهدنا فصولها سواء حول القدس أو الموقف من الاستيطان و الأونروا، من حق حركة حماس أن تبحث عن أوراق قوة تستخدمها من أجل تحسين موقعها، سواء ضد خصمها حركة فتح و السلطة الفلسطينية أو تقديم نفسها كلاعب رئيسي في سياق الحالة الفلسطينية أو أيضا للحصول على شرعيتها السياسية، ولكن وإن كان هذا يبدو حقا ولكنه في حقيقة الأمر وفي جوهره هو إضعاف للحالة الفلسطينية، لأن للأولويات هنا ضروراتها، القاعدة تقول: إذا أردت مواجهة صفقة القرن وقانون القومية الإسرائيلي عليك في إنضاج الحالة الفلسطينية من جهة تمتين التمثيل السياسي لمنظمة التحرير رغم خرابها، فهي تبقى عنوان وحدتنا السياسية كجماعة سياسية واحدة، حل مشاكل القطاع لا تتم إلا عبر إنجاز المصالحة و بأي ثمن من حركة حماس و من حركة فتح ولو بالحد الأدنى لأن المصلحة العليا للفلسطينيين هي الأساس.

كل هذه المتغيرات الثلاث بالتأكيد سوف تؤثر في مستقبل السلطة الفلسطينية، ويبدو أن خطر تقويض عمل السلطة الفلسطينية بات واضحا، وهذا يستدعي من قيادة السلطة أن تعيد حساباتها في عدة قضايا، وهذا يحتاج لحوار شامل وعميق يبدأه المثقفون و الكتاب و الباحثون ومراكز الدراسات وتشارك فيه الفصائل الفلسطينية مجتمعة، حوار يجيب على تساؤلات لابد من الإجابة عليها، وهي أولا: علينا أن نقر بأننا في مرحلة نضالية جديدة ما بعد انهيار حل الدولتين، طبيعة المرحلة التي نعيش بها، إعادة نقاش موضوعه التحول إلى دولة تحت الاحتلال، وهذا يتطلب تأمين الخروج من عباءة أوسلو وسحب الاعتراف، يعيش حوالي سبعة ملايين فلسطيني في فلسطين التاريخية هم عنوان الصمود و التحدي، و من حق شعبنا علينا أن نكون بمستوى التحديات.

*كاتب مقيم في فلسطين

عن الغد