السفينة الفلسطينية ... وحتى لا تغرق ! وفيق زنداح

الجمعة 21 سبتمبر 2018 05:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
السفينة الفلسطينية ... وحتى لا تغرق ! وفيق زنداح



هل نحن نقر ونعترف اننا على متن سفينة واحدة وليس لكل منا سفينته أو قاربه او حتى حسكته ؟!! إذا كنا نقر بأن لنا سفينة واحدة فيجب علينا ان نقر بأن لنا قبطان واحد وليس لنا مجموعة تقود بحسب اهواءها أو مصالحها.

نحن نبحر في بحر ومحيطات فيها من العواصف والانواء، كما فيها من غدر البحر ما يكفي لنا لأن نكون أكثر اصطفافا انتظاما فكرا وعملا لتحديد اولويات مصالحنا وعدم المخاطرة بما تبقى لنا.

إذا كنا نقر بأننا جميعا بسفينة واحدة، فهناك مدخل للحديث حول الكيفية التي نتعامل فيها ونعمل عليها، وإذا كان الموقف لدى البعض أن لكل منا سفينته أو حتى حسكته فهذا موضوع اخر لن يصل بنا الي بر الامان ولا حتى إلى شاطئ الرمال بل سيتعرض كل منا الى خطر شديد بحكم حسابات ضيقة لرؤية احادية ولنظرة قاصرة على معرفة ما يتداخلنا وما يحيط بنا وما يدبر ضدنا.

لسنا بحاجة الى تعدد الاصوات ولسنا بحاجة إلى تعدد الأفعال  لكننا بأمس الحاجة إلى صوت واحد، وإلى فعل موحد يعبر عن أهدافنا وأحلامنا وتمنياتنا.

بكل الأحوال وحتى نتخطى مقدمة المقال لندخل بصلبه ومضمونه حول السفينة الفلسطينية التي لم تبحر اليوم لكنها ابحرت منذ عقود وما تحمله من أهداف واحلام لا زالت قائمة ويعمل على تنفيذها برغم كافة الاجواء العاصفة التي تحيط بها وغدر البحر الذي لا يتوقف لإغراقها.

هذه السفينة الفلسطينية التي ابحرت من موانئ يافا وحيفا ناقلة للهموم والنكبة لم تقبل بهذا الحمل وحتى تعمل على تحقيق الحلم كانت الثورة المعاصرة بكل اهدافها وخياراتها النضالية كانت الثورة داخل الوطن المحتل وعلى شاطئ تل أبيب وفي قلب القدس وفي جبال نابلس والخليل وفي السهول والوديان وعلى شاطئ بحر غزة برماله الصفراء وفي مخيمات شمال القطاع كما في الوسط والجنوب ثورة مشتعلة لنضال شعب أمن بوطنه وأهدافه بالحرية والاستقلال.

السفينة الفلسطينية وقد استمرت في ابحارها ولم تلتفت الى صوت هنا او هناك استمرت بأيمانها وعقيدتها ورسوخ فكرها الوطني وما يحركها من ثوابت وسياسة واضحة لا تخجل من قولها ولا تتحدث بغيرها ولا تلتقي على ارضية متناقضة معها.

سفينة ترفع علم فلسطين وبداخلها من أمنوا بالشعب والقضية والوطن الواحد من أمنوا بأهدافهم الثابتة والذين لم يسلموا قرارهم الوطني المستقل ولم يسلموا عقولهم وارادتهم لمن يتلاعب بها او يحاول ان يضيفها إلى ارصدته.

سفينة فلسطينية واجب الكل منا ان يحافظ عليها وان لا يثقلها بأعباء وهموم وازمات اضافية، أن لا يثقلها بخلافات واشكاليات لا أساس لها، سفينة يجب أن تحمل في طياتها وعلى سطحها وباطنها هموم شعب يريد حريته واستقلاله، شعب يريد تحقيق كرامته الانسانية والوطنية، شعب يريد أن يعيش بحرية واستقلال كباقي الشعوب.

هذه السفينة الفلسطينية بكل ما فيها وعليها وهي تبحر وتواصل طريقها لها قبطان واحد يقودها ويتحكم بقعل مسؤولياته ومعرفته بطبيعة الأجواء والانواء، وما يدبر من مؤامرة كبرى لتصفية نهائية ليس بعدها قيام، وليس بعدها ندم يمكن أن يشفي غليل المظلومين والمقهورين.

السفينة الفلسطينية بكل تاريخها ومنعطفاتها بطولاتها وانجازاتها وحتى اخفاقاتها تشق طريقها وتواصل مسيرتها وتعلي خطابها وتحدد مسارها واهدافها.

سفينة فلسطينية تبحر وتشق طريقها في ظل مخاطر عديدة وتحديات لا حصر لها تتطلب منا جميعا ان نحافظ عليها وان لا نزيد عليها همومها وثقل حملها لأننا اولا واخيرا ليس من مصلحتنا ان نغرق هذه السفينة، لأنها تحمل هموم وأحلام وأهداف شعب بأكمله وان لا نختصر ونختزل الخلاف حول من يقود هذه السفينة.

أمام مرحلة تاريخية نعيش فيها بأسوأ احوالنا بفعل انقسام اسود لا زلنا لم نصل بعد إلى لحظة الحقيقة والصدق والمراجعة الشاملة والتقييم الحقيقي والاعلان عن اسفنا واعتذارنا لهذا الشعب العظيم الذي ضحى ولا زال يضحي من اجل فلسطين وحريتها وشرعيتها الوطنية وليس من اجل هذا الفصيل او ذاك.

التاريخ الذي نحن عليه اليوم والذي سيكتب في صفحاته ان فلسطين اليوم في باريس وإلى ايرلندا وغداً على منبر الامم المتحدة تخاطب العالم باسم فلسطين وشعبها وقضيتها تخاطب العالم بكل احلام اطفال فلسطين ونساء فلسطين وشيوخ فلسطين الرئيس محمود عباس رأس الشرعية الوطنية الفلسطينية والذي يتحرك ويلتقي وسوف يكون له خطابه السياسي والتاريخي لا يتحدث باسمه لكنه يخاطب العالم باسم الملايين من الفلسطينيين باسم شعب لا زال يحاصر ويقتل بدم بارد وما زال تنهب ارضه وتهود وتدنس مقدساته شعب يتعرض لهجمة عنصرية صهيونية امبريالية أمريكية لا يعادي أحد ولكنه يتطلع الى حريته وأمنه لكن حقه بالدفاع عن نفسه حق أقرته كافة الشرائع والمواثيق الدولية.

السفينة الفلسطينية ستبقى تبحر وستبقى على دورها ورسالتها لكنها بحاجة الي كل صوت داعم وإلى كل صوت ضمير يؤمن بعدالة قضيته.

نحن أمام مرحلة تاريخية لا رحمة فيها للضعفاء والمنقسمين على انفسهم لا رحمة فيها لمن يصنعون الخلاف والأزمات ولمن يتصارعون على اوضاع اقل ما يقال عنها انها لم تكتمل ولا تعيش الحرية وليس لديها مقومات اقتصادية كما ليس لها قوة يمكن الارتكاز عليها.

نتصارع ونختلف على لعبة كاذبة ليس لها اساس ونترك ما هو أهم وما هو أجدر بالعناية والمتابعة والعمل المخلص.

فرصة سانحة للمراجعة والتقييم واتخاذ خطوات شجاعة وعدم الارتهان والارتكاز على خيالات واوهام قد تتلاشى وتذهب أدراج الرياح.

السفينة سائرة ولن يسمح بإغراقها وتتحمل كافة الآراء والاجتهادات لكنها لا يمكن ان تتحمل الا كل ما هو فلسطيني يؤمن بقضيته وشعبه وثوابته.