فريدمان في نيويورك تايمز: الاسرائيليون والفلسطينيون يقتربون من هذه الخيارات

الخميس 20 سبتمبر 2018 01:53 م / بتوقيت القدس +2GMT
فريدمان في نيويورك تايمز: الاسرائيليون والفلسطينيون يقتربون من هذه الخيارات



نيويورك ـ وكالات -

دعا المعلق الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، في مقال نشره في صحيفة نيويروك تايمز تحت عنوان "القطع المحطمة للسلام في الشرق الأوسط"، الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن بغطاء عربي.

ويشير فريدمان إلى أنه ينبغي عودة الفلسطينيين إلى المحادثات؛ وذلك لفحص جدية إدارة دونالد ترامب، وقطع الطريق على حكومة اليمين الإسرائيلية المتطرفة، لافتا إلى أنه لا توجد خيارات جيدة أمام الأطراف كلها في لعبة الشرق الأوسط، من السلطة الوطنية لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه خيار الفصل عن الفلسطينيين، أو دولة ثنائية الجنسية ذات طابع عنصري.

ويقول الكاتب في مقاله، الذي نشره بمناسبة الذكرى الـ40 على توقيع اتفاقية كامب ديفيد، التي يقول إنها كانت العلامة الكبرى لصناعة السلام في الشرق الأوسط: "كم سقطنا منذ ذلك الوقت وهذا يجعلني أبكي".

ويبين فريدمان أنه "بدلا من حدوث تقدم، فإنه يبدو أن الفلسطينيين والإسرائيليين يتجهون رويدا رويدا نحو الانفصال، ودون تقدم جدي فإن الحكم الفلسطيني القائم، مهما كان شكله، سينهار، وعلى إسرائيل تحمل المسؤولية الكاملة عن الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي لـ2.5 فلسطيني في الضفة الغربية، وعندها يجب على إسرائيل أن تقرر الإطار القانوني الذي ستحكم الضفة الغربية من خلاله، إما دولة ثنائية القومية، أو دولة تمييز عنصري، وكلاهما كارثة على الديمقراطية اليهودية".

ويجد الكاتب أن الكثير الأطراف تتصرف بطريقة سيئة، بادئا بحركة حماس، "التي تواصل استراتيجية الفداء البشري، وترسل موجة تلو أخرى من المحتجين إلى السياج الحدودي مع إسرائيل دون هدف، وأحيانا دون أن يلاحظها أحد".

ويقول فريدمان إن "حركة حماس كانت (لعنة) على الفلسطينيين، ففي الوقت الذي كان مفتاح أي تقدم فلسطيني نحو الحل مع إسرائيل هو إشعار الأخيرة بأنها آمنة، لكن غير آمنة أخلاقيا بسبب استمرارها في احتلال الأراضي، فإن حركة حماس تقوم بعملية حفر لا تنتهي للأنفاق، بالإضافة إلى الهجمات الحدودية، ودون أن ترفق بعرض لحل الدولتين، بشكل يجعل من إسرائيل غير آمنة لكنها راضية أخلاقيا عن استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية".

ويضيف الكاتب: "أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو فإنه كان استراتيجيا بارعا في مواجهة إيران والتعامل مع روسيا في سوريا، وفي الجانب الفلسطيني لم تكن لديه سوى استراتيجية علاقات عامة، فهو يستخدم ملكاته العقلية كلها ليقنع أمريكا أن الطرف الفلسطيني هو المسؤول عن غياب التقدم في العملية السلمية، ودون أن يقدم بديلا جديدا أو قديما أو أفكارا حول كيفية الانفصال عن الفلسطينيين ليتجنب خيار الدولة ثنائية القومية أو دولة التمييز العنصري، وسيدخل نتنياهو التاريخ بصفته رجل ربح كل نقاش، وخسر إسرائيل بصفتها ديمقراطية يهودية".

ويلفت فريدمان إلى أنه "بالنسبة لدونالد ترامب، فهو ليس أول رئيس أمريكي يتبنى فقط استراتيجية موالية لإسرائيل، بل استراتيجية موالية للاستيطان اليهودي، فمن أجل إرضاء قاعدته الإنجيلية المتطرفة والمتبرعين اليهود الكبار، مثل شيلدون أديلسون، فإنه قام بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دون الطلب من إسرائيل تقديم ثمن لما قدمه لها، ما يجسد (فن التخلي) دون أي مقابل، وهو الآن يقوم بإلغاء برامج الدعم الأمريكي للفلسطينيين، خاصة التعليمية والصحية؛ عقابا لهم على عدم التفاوض على خطة جارد كوشنر، التي لم تتضح ملامحها بعد، في وقت التزم فيه بالصمت تجاه الاستيطان الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية".

ويقول الكاتب عن السلطة الوطنية في رام الله إنها "على ما يبدو تبنت استراتيجية (سأحبس أنفاسي حتى يصبح لون وجهك أزرق) من الغضب، وترفض التفاوض مع فريق ترامب على قرارات ترامب الفردية الحمقاء، ونقله السفارة، وشعورها بالإحباط من عدم تلقيها أي شكر، لا من إسرائيل أو الولايات المتحدة، بسبب تعاونها الأمني في الضفة، وفي الوقت ذاته كشف استطلاع في آذار/ مارس، أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أن السلطة الوطنية مثقلة بالفساد".

ويعتقد فريدمان أن "السلطة بحاجة إلى استراتيجية وبشكل سريع؛ لأن استراتيجية التحدي ولعب دور الضحية لا تجدي نفعا، بالإضافة إلى أن الوضع القائم يضر بالفلسطينيين، مع أن كل طرف يتحمله في الوقت الحالي، وعليه فإن السلطة بحاجة للعودة إلى طاولة المفاوضات".

ويقدم الكاتب اقتراحات للسلطة، منها أن "إدارة ترامب تتحدث عن دعم حلفائها العرب للخطة، لكن هؤلاء لن يدعموا خطة لا تفي بالقدر الأدنى من المطالب الفلسطينية، في حين أن الفلسطينيين لن يرضوا بهذا الحد الأدنى دون غطاء عربي".

ويطلب فريدمان من محمود عباس الذهاب للأربع دول العربية الحليفة لترامب، مصر والسعودية والأردن والإمارات، ويقترح عليهم القبول بشكل جماعي بخطة ترامب وكوشنر، في حال شملت الخطة على معيارين: الدعوة لدولة فلسطينية متجاورة، وليس مجموعة من الكانتونات غير المترابطة، ومنح الفلسطينيين نوعا من السيادة على القدس الشرقية، التي يعيش فيها 300 فلسطيني.

ويقول الكاتب إن "على السلطة القبول بأن دولتها ستكون منزوعة السلاح، وبهذه الطريقة سيحصل العرب على الغطاء الذين يريدونه؛ لإقناع الرأي العام والفلسطينيين على الغطاء للتعامل مع ترامب، وإن لم تتضمن الخطة أيا من المعياريين فإنه يجب على ترامب ألا يزعج نفسه ويخرج خطته للعلن؛ لأنها ستموت قبل وصولها للعالم العربي ناهيك عن الضفة الغربية".

ويرى فريدمان أنه "في حال تبني فريق ترامب المبادرة الفلسطينية العربية، وجعلها جزءا من خطته، فإنه سيجبر نتنياهو على تقديم تنازلات، خاصة أنه لم يظهر أي استعداد للتنازل في موضوع الدولة الفلسطينية وقضية السيادة الفلسطينية على القدس، واستطاع نتنياهو مواصلة عناده بسبب مقاطعة الفلسطينيين المفاوضات، بالإضافة إلى أن تبني كوشنر- ترامب المبادرة العربية في مطالب الحد الأدنى سيضع نتنياهو أمام خيار الرفض، بشكل يكشف عن موقفه الحقيقي، أو القبول من خلال التخلي عن العناصر اليمينية في حكومته وتشكيل حكومة تشرف على التفاوض".

وينوه الكاتب إلى تعليق المبعوث الخاص للشرق الأوسط دينس روس، الذي قال إن الفلسطينيين لا يريدون خسارة سلطة الحكم في الضفة الغربية، وفي الوقت ذاته لا تريد أمريكا او إسرائيل فراغا؛ لأن الفراغ في الشرق الأوسط يملأ بشيء أسوأ، مشيرا إلى قول روس إن المبادرة الفلسطينية العربية بمطالب الحد الأدنى قد تكون أساسا للتفاوض، وتعطي الفلسطينيين الغطاء للعودة إلى طاولة المفاوضات، والضغط على إدارة ترامب لتقديم خطة أكثر جدية، أو الكشف عن عدم جدية واشنطن.

ويختم فريدمان مقاله بالقول إن "أنور السادات ومناحيم بيغن واجها خيارات صعبة، وقاما بالاختيار، ونحن في هذه المرحلة مرة أخرى، فبالنسبة للفلسطينيين إما العدم أو المسالمة، أما إسرائيل، فإما الانفصال أو دولة ثنائية القومية وتمييز عنصري، وخيار جارد كوشنر وترامب يكمن في خطة جدية، والتعامل بقسوة مع الاطراف كلها، بمن فيها إسرائيل، أو البقاء في بيتهما".