الشعب الذي لم يقوَ على الصمت.. أحمد الغندور

الخميس 30 أغسطس 2018 06:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
الشعب الذي لم يقوَ على الصمت.. أحمد الغندور



لعل من أغرب ما سمعت بالأمس خلال المشاركة في إحدى الندوات التي تبحث في إنهاء الانقسام الفلسطيني قول أحد المشاركين " الحكومة في حفلة رقص، والمعارضة في حلقة ذكر، والحكومة والمعارضة والشعب على برميل بارود" ووجه الغرابة في هذا القول إنه رغم السخرية المُرة التي يتسم بها إلا إنه ينطق بالألم، فالشعب الفلسطيني الصبور العنيد لم يعد قادراً على الصمت أمام جريمة الانقسام والتي تنساب كالموت نحو الانفصال التام بين شقي الوطن.

دعني أزيد على تلك المقولة بأن الفتيل الخاص ببرميل البارود قد بدأ بالاشتعال ولا فرصة للفرار، ولم يتبقَ أمام الجميع إلا يمنحوا الفرصة لأحدهم كي ينزع الفتيل حتى ينجو جميعاً وإلا فالنهاية المأساوية محتومة للجميع.

هذا عين أقرته مجموعات من النُخب السياسية والمجتمعية من كافة أطياف الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والداخل الفلسطيني الذي مثله خير تمثيل الأخ/ محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل والذي حذر من خطورة استمرار الانقسام في ظل ما يُسمي بـ "صفقة القرن" وأن تكون التهدئة في غزة بوابة لتطبيق هذه الصفقة حينها وإن دفعت فتح والضفة الثمن على ذلك فلابد أن تدفع حماس الثمن وسريعاً بعد انتهاء الانتقام من الضفة، لذلك أقر بضرورة معاقبة "المستفيدين من الانقسام".

إذاً بات من الواضح أن هناك فئات مستفيدة من الانقسام في شقي الوطن وأن شأت أو أبت بدأت تتساوق مع الاحتلال وأن "رائحتها فاحت" كما يقول المثل مهما حاولت أن تستتر بعباءة دينية أو وطنية، وأن هذه الفئات لم تعد مجهولة للمواطنين وبدأ الصوت يعلو ضدها مما دفع أهلنا في الداخل للمطالبة بمعاقبتها.

لذلك لم يعد أمام المنقسمين إلا الرجوع عن غيهم وفي أسرع وقت ممكن، وأن تكون الخطوة الأولى هي كف المجرمين المستفيدين من هذه الكارثة الوطنية، والشروع بالحديث المباشر إلى بعضنا البعض دون وسطاء ـ مع الاحترام للمخلصين منهم ـ فبعضهم يحرص على مصلحته القومية وأمنه القومي ـ ولا لوم عليه في ذلك ـ والأخر يُسرع في تقديم الخدمات إرضاءً للاحتلال أو لإدارة ترامب، وأخر يسعى لمصالحه الشخصية، وهذا هو واقع الحال بين الوسطاء في المرحلة الحالية، لا أحد يُفكر جدياً بفلسطين وأهلها.