الفلسطينون.. د. ناجي شراب

الأحد 26 أغسطس 2018 06:54 م / بتوقيت القدس +2GMT



القضية الفلسطينيه في مجملها لها مكوناتها الإقليميه والدولية ، ولكن يبقى المتغيران المباشران الفلسطيني والإسرائيلى هما الرئيسان اللذان يحددان مصير القضية والصراع، وهما من يجنيان الربح والخسارة ، والمبارة بينهما ينبغي ان تكون صفريه بمعنى الا تحسب ان ما يكسبه طرف هو خسارة للطرف الآخر، هذا صحيح بحسابات الربح والخسارة ، لكن بالحسابات السياسية قد تختلف الأمور. مشكلة الطرفان الرئيسان أنهما تعاملا مع الصراع على أن كل منهما على صواب مطلق، وانه لا يخطأ. ومن ناحية أخرى الخطأ الذى كان يرتكبه اى منهما يستفيد منه الآخر. وقد يكون الطرف الفلسطيني ألأكثر خطأ في قراراته وحساباته، وهذا ما يفسر لنا ما آلت الحالة الفلسطينيه، والإجابة على السؤال لماذا لم ينجح الفلسطينيون؟ الإجابة على هذا السؤال لها أبعادا إقليميه ودوليه، إلا المحدد الفلسطيني يبقى المسؤول الأول عن النجاح. وهنا ينبغي المصارحة والشجاعة في طرح ألأسباب التي أدت إلى عدم نجاح الفلسطينيين رغم عدالة قضيتهم، والعديد من قرارات الشرعيه الدوليه التي تدعم هذه الحقوق ، ورغم انه على مستوى التضحيات الشعبيه الفلسطينيون لم يبخلوا مثل أي شعب آخر ناضل من اجل التحرر من الإستعمار وسيطرة قوة أخرى ، الفلسطينيون قدموا مئات ألآلآف من الشهداء والآف الأسرى الذين ما زالوا يقبعون داخل السجون الإسرائيليه. وهنا سأحاول أن أقد أسباب لهذا الفشل من ورؤية خاصه، وسأقسم هذه ألأسباب إلى مجموعات تتعلق بمستويات القضية الفلسطينيه ، وأبداها بالمستوى الدولى وصولا لإدارة الرئيس ترامب:أول هذه ألأسباب :عدم تفهم ومواكبة التحولات في موازين القوى الدوليه، وتركيزهم في البداية على القوة السوفيتيه ، وتجاهل القوة ألأمريكيه ودورها في صناعة القرار الدولى ، وبإنهيار الإتحاد السوفيتى فقد الفلسطينيون قوة دوليه هامه ومؤثرة افقدتهم القدرة على التاثير في القرار الدولى ، وثانيا وعلى الرغم من أهمية وزن ودور دول العالم الثالث كقوة عدم ألإنحيار إلا إن هذه الدول كان لها حساباتها ، وتحولاتها السياسيه كما نري اليوم في مواقف البعض منها المؤيده لإسرائيل ، والتي قررت نقل سفارتها للقدس. وثالثا إهمال دور الشرعية الدولية في البداية ، والتنبه لهذا الدور في الفترة ألأخيره، وتجاهل ان الشرعية الدولية تحتاج لقوة لتنفيذها. ورابعاعدم إدراك ان القضية الفلسطينيه قضية دوليه من منظور الأمم المتحده لكن في حسابات الدول الكبرى والصاعده الوضع يختلف . تبقى ألأولوية للحسابات ألأولى . وخامسا التحولات في النظام الدولى من التعدديه والثنائيه وألأحاديه واليوم لما يعرف بالسيوله الدوليه لم تعمل لصالح القضية الفلسطينيه. واما على المستوى ألإقليمى العربى فالأسباب والتغيرات والتحولات في بنية النظام الإقليمى العربى وعلى مستوى الدول ذاتها كانت أكبر من القضية الفلسطينيه.وقد يكون المستوى العربى ألأكثر تعقيدا في الإدراكات الفلسطينيه، فلا احد يجادل في كون القضية الفلسطينيه لها مكونها العربى ، وتشكل أساسا للأمن القومى العربى ، لكن هذه التصورات لم تعد قائمه بالحسابات الفلسطينيه، ولا شك الدول العربيه لم تتوانى عن دعم القضية الفلسطينيه، بل إن مصر كدولة محوريه دخلت في اكثر رمن حرب من أجل القضية وضحت بأ بنائها ، وقدمت الدول العربيه كالأردن والسعوديه والإمارات وقطر والكويت وكل الدول العربيه دون إستثناء مساعدات ماليه كبيره، وما زالت تحتضن الآلآف من الفلسطينيين، ولكن ما أقصده ان الفلسطينيين بالغوا في حساباتهم السياسيه ، وتوقعاتهم، ونسوا ان كل الدول العربيه لها أيضا رؤيتها لأمنها القومى ومصالحها الحيوية العليا، ولا يمكن أن تتطابق هذه الرؤي مع الحسابات الفلسطينيه. مشكلة الفلسطينيين أن القناعة وصلت بهم انهم من يحددون هذه المصالح، ومن يمنحون الشرعية السياسيه لأنظمة الحكم العربيه، وهذا احد اهم ألأخطاء التي وقع فيها الفلسطينيون، والخطأ الآخر الذى لا يقل عن ذلك تصور وإنتقاد فلسطيني ان الدول العربيه لن تقوم بما يتعارض وما يريده الفلسطينيون لكن في نفس الوقت ما لم يدركه الفلسطينيون انهم لن يفرضوا على الدول العربيه ما يريدون،او يفرضوا عليهم إتخاذ القرارات والسياسات وكان الحكومة الفلسطينيه هي من تحكم ، والدول العربيه لا تنكر القضية الفلسطينيه وأهميتها ومحوريتها ولكنهم اليوم يتبنون موقفا أن الفلسطينيين قد وصولا لمرحلة النضج السياسى، ولكم ما تتخونه من مواقف، وعلينا تقديم النصائح السياسيه، لكن لا تفرضوا علينا ما يتعارض ض مع مصالحنا. المبالغة الفلسطينيه كانت احد أهم أسباب الفشل على هذا المستوى ، ناهيك الإعتقاد الفلسطيني انهم من يحركون السياسة العربية ، وإنغماسهم في الشأن العربى الداخلى ، وإرتباطهم مع قوى سياسيه وحركات تتعارض مع النظام الحاكم القائم. ألأمثلة كثيره في توتر هذه العلاقات ، وتراجعها اليوم، وهذا الموقف قد ينعكس اليوم على ما يتم تسميته بالسلام الإقليمى ، وبتحديد صورة التحالفات العربيه القادمه، وبتحديد من هو العدو المشترك، فلم تعد القضية الفلسطينيه من تحدد هذا العدو ، بل الإحساس بالخطر الذى يقارب ويتهدد امن هذه الدول،هذه بعض الحسابات السياسيه الفلسطينيه التي تفسر لنا الفشل في التعاطى اليوم عربيا مع القضية الفلسطينيه، ولا شك ان التطورات الفلسطينيه الداخليه من إنقسام وإرتباطات فصائيليه بالحسابات الإقليميه العربيه ساهمت كثيرا في أسباب الفشل هذه.