المشهد الفلسطيني بين التهدئة والمصالحة.. حافظ البرغوثي

الجمعة 24 أغسطس 2018 07:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
المشهد الفلسطيني بين التهدئة والمصالحة.. حافظ البرغوثي



الوضع الفلسطيني يتأرجح بين المصالحة والتهدئة، ولا أحد يعلم أيهما سترجح كفته، لكن التهدئة تكتسب زخماً لأنها ضرورة أمريكية - «إسرائيلية»- قطرية ، بينما تجتهد مصر لربط المسارين معاً، أي لا تهدئة ومشاريع لإنعاش غزة وإنهاء الأزمة الإنسانية التي تعانيها إلا بمصالحة فلسطينية، وهو رأي المبعوث الدولي نيكولاي ميلادينوف. لكن حسابات الآخرين تختلف، ففكرة التهدئة في الأساس قطرية طرحت على الرئيس الأمريكي ترامب في إبريل/ نيسان الماضي، عند زيارة أمير قطر لواشنطن، حيث تكفل بالصرف على «حماس» لإنقاذها مما هي فيه من وضع داخلي متفجر، وجلبها إلى التهدئة والحوار مع واشنطن، ولاحقاً مع «إسرائيل».

ولعب السفير القطري في زياراته المكوكية «لتل أبيب» وغزة دوراً في إنضاج فكرة التهدئة، وبحث مشروع ربط غزة برصيف قبرصي لنقل البضائع تحت رقابة دولية و»إسرائيلية»، والتقى لاحقاً مرات عدة، مع المبعوث الأمريكي جيسون جرينبلات. ووجد الأمريكيون في فكرة غزة القطرية حلاً مؤقتاً لمأزق «صفقة القرن»، بتأجيلها، والتركيز على غزة لإيجاد ثغرة في الرفض الفلسطيني لها وإضعافه، وتجنيب الاحتلال نشوب حرب جديدة هو في غنى عنها لأسباب داخلية «إسرائيلية»، وأمريكية . 

وفي خضم مسيرات العودة والقصف المتبادل زار وفد «إسرائيلي» الدوحة لبحث تمويل صفقة التهدئة بمبلغ 95 مليون دولار شهرياً. بالطبع تواكب السلطة الفلسطينية ما يحدث بصمت. وحتى الآن ترفض السلطة المشاركة في صفقة التهدئة، أو أن تكون قناة لنقل المساعدات القطرية، ومشاريع إنعاش غزة، خشية أن تتوقف قطر بعد فترة وتتحمل الأعباء كاملة، كما أن تولي «حماس» مشاورات التهدئة بمشاركة الفصائل الفلسطينية الأخرى، تعتبره فتح انتقاصاً من منظمة التحرير التي تولت مفاوضات التهدئة سنة 2014 برعاية مصر، وتدخل أمريكي.

مخاوف السلطة تتلخص في أنها ترى في مفاوضات التهدئة إنعاشاً ل»صفقة القرن»، ومحاولة للعودة إلى فكرة دولة غزة، ومحاولة للاعتراف بحماس كطرف فلسطيني جديد، أي ازدواجية في التمثيل الفلسطيني يحول دون المطالبة بدولة فلسطينية وفق القرارات الدولية . 

الذي يعرض على حماس حالياً ليس جديراً بكل هذه التضحيات التي مرت بها غزة ، فما يحدث عملياً هو العودة إلى تهدئة قبل اربع سنوات مع حوافز لاحقة، ليعود الوضع إلى ما كان عليه قبل سنة 2007.

اقتراح كوشنر حول غزة كان في البداية أوسع، حيث نص على توسيع مساحة غزة داخل مصر بإقامة مشاريع صناعية وكهربائية لغزة في سيناء، وسبق لمصر أن رفضت اقتراحاً لإقامة محطة تحلية مياه في سيناء لغزة، لأن ذلك ترفضه عقيدة الجيش المصري. ولم يجد كوشنر دعماً مالياً عربياً وفيراً كان يتحدث عنه كأنه تحصيل حاصل، فاكتفى بتمويل قطري . والآن تحاول مصر عدم ترك المصالحة كأنها شأن يخص «حماس»، وهو ما ترفضه فتح بقوة، وتحاول مصر إنجاح المصالحة بالتزامن مع التهدئة، حيث إن التهدئة منفردة مصلحة «إسرائيلية»، وهي مرفوضة فلسطينياً، ولهذا لم تيأس مصر من محاولة إنجاح المصالحة حتى الآن، ومن المنتظر أن تكثف اتصالاتها مع السلطة خلال فترة العيد وبعده. من وجهة نظر السلطة أن ما يحاوله «الإسرائيليون» والأمريكيون ليس إلا تنفيذاً مبطناً ل» صفقة القرن»، وترك الضفة نهبا للاستيطان، وربما الترحيل القسري نحو الأردن بعد إقرار «قانون القومية» اليهودي الذي يبيح الاستيطان ويعتبر فلسطين أرضاً لليهود فقط.

hafezbargo@hotmail.com