مطالب حقوقية بإجراء تحقيق دولي في جرائم الاحتلال

الجمعة 24 أغسطس 2018 03:32 م / بتوقيت القدس +2GMT



رام الله / سما /

أعلنت النيابة العسكرية الاسرائيلية أنها وبتاريخ 15 أغسطس 2018 قررت إغلاق ملف التحقيق المتعلق بقتل قوات الاحتلال عشرات المدنيين الفلسطينيين في أعمال قصف مكثفة استهدفت بشكل عشوائي مناطق مدنية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بتاريخ 1 أغسطس 2014، خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والتي باتت تعرف بـجريمة "يوم الجمعة الأسود".

من جهته، أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن القرار الإسرائيلي هو تأكيد جديد بأن منظومة العدالة الإسرائيلية لا تقدم أية عدالة للفلسطينيين، وأنها تشكل غطاءً قانونيًّا على جرائم الاحتلال، وتمنح الحصانة لمجرمي الحرب، وأن على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يباشر بفتح تحقيق في الجرائم كافة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وقد بررت النيابة الإسرائيلية قرارها في التقرير الذي أصدرته، والذي أعلنت فيه إغلاق عدد آخر من القضايا، بأن "المدعي العسكري الإسرائيلي قد توصل إلى أن سياسة جيش الدفاع الإسرائيلي فيما يتعلق باستخدام القوة النارية خلال القتال، سواء من خلال المدفعية وقذائف الهاون، والقصف الجوي، جميعها جاءت وفق القانون الإسرائيلي، ومتطلبات القانون الدولي"، مضيفة أن "مختلف الهجمات أجريت لتحقيق هدف عسكري واضح ومشروع، بعد عملية تقدير مناسبة، للتأكد من أن الخسائر العرضية المتوقعة من الهجوم لن تكون مبالغًا فيها بالمقارنة بالميزة العسكرية المتوقع تحقيقها من الهجوم"!.

ورأى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن هذا الادعاء تدحضه الوقائع على الأرض؛ إذ تثبت التحقيقات القانونية التي أجراها المركز والمنظمات الحقوقية قيام قوات الاحتلال بشن هجمات انتقامية باستخدام نيران كثيفة جدًّا وعشوائية لمدة أربعة أيام شرق مدينة رفح، بما في ذلك عمليات قصف بالمدفعية والطائرات الحربية، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وجرح أعداد كبيرة، وتسببت في دمار هائل بمئات المنازل والهياكل المدنية. وطالت عمليات القصف مركز إيواء أعدته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ومرافق صحية.  ووقعت معظم تلك الخسائر في اليوم الأول- 1/أغسطس، في أعقاب اشتباك وقع بين قوات الاحتلال ومقاومين، ما أدى إلى قتل جنديين إسرائيليين وأسر ثالث، بالإضافة إلى مقتل أحد المقاومين.

وهذا ما أكدته منظمات حقوقية عالمية، أبرزها منظمة العفو الدولية والتي رجحت في تقرير صادر عنها ارتكاب سلطات الاحتلال الإسرائيلي لجرائم حرب خلال العملية التي نفذتها في رفح، والذي خلص إلى أن "هناك عددًا هائلاً من الأدلة لا يمكن تجاهلها تثبت ارتكاب القوات الإسرائيلية لهجمات غير متناسبة وعشوائية.. وفي بعض الحالات توجد مؤشرات تشي بأن القوات الإسرائيلية قد أطلقت النيران على المدنيين بشكل مباشر، وسببت مقتلهم، كما استهدفت الفارين منهم".

جدير بالذكر أن دولة فلسطين قد أودعت صك انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية في بداية العام 2015، وأرفقته بإعلان بموجب المادة 12 فقرة 3 من ميثاق روما المنشئ للمحكمة، يتيح للمحكمة فتح تحقيق في كافة الجرائم الدولية المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 2014.  وفي أعقاب ذلك قرر المدعي العام فتح تحقيق أولي في يناير 2015 للوقوف على الحقائق، وما زالت مرحلة التحقيقات الأولية جارية بالرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة على العدوان الإسرائيلي.

وبين المركز أن هذا القرار، مع قرارات سابقة مماثلة، تؤكد جميعها أمرًا واحدًا: أن "إسرائيل" مصممة على عدم محاسبة المسؤولين عن الجرائم وتزويدهم بالحصانة، ضمن سياسة الإفلات من العقاب، وهي نفس السياسة التي تدعم توجه ممثلي الاحتلال بضرورة الإسراع في إنهاء التحقيقات الأولية التي شرعت بها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية منذ يناير 2015.  وبعد قرابة 4 سنوات من الأمل والانتظار من الضحايا وذويهم، وفي ضوء قرارات "إسرائيل" بمنح الحصانة للمشتبهين بارتكاب جرائم حرب، فقد آن الأوان لإحالة الملف للمحكمة الجنائية.

واختتم المركز الحقوقي بيانه بالقول: "إن العدالة البطيئة والمتأخرة هي عدالة منكرة وغائبة، ولذلك فإننا نناشد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السيدة فاتو بنسودا بالإسراع في الانتقال إلى مرحلة التحقيقات في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة منذ يونيو 2014 في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها جريمة يوم الجمعة الأسود التي ارتكبت في رفح".