القصف بالقصف.. اشرف صالح

الجمعة 29 يونيو 2018 09:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
القصف بالقصف.. اشرف صالح



القصف بالقصف هي معادلة فرضت نفسها على أرض الواقع في ظل فلسفة الصراع التقليدية والتي إتبعتها الفصائل الفلسطينية بعد هدنة القاهرة عام 2014 م , بعدما كادت الفصائل الفلسطينية أن تفقد توازن القوى ومن خلال صمتها المتواصل وتمسكها بهدنة القاهرة  الأخيرة والتي ليس لها نتائج سياسية على الإطلاق , أدركت الفصائل مجددا أنها في حالة تراجع وضعف أمام الإنتهاكات الإسرائيلية اليومية , وهذا بالطبع بسبب حالة التشتت والإنقسام بين جميع الفصائل  على المستويين السياسي والعسكري , ومن ثم قررت الفصائل أن تتحدث من خلال غرفة مشتركة لتزيد من قوتها وتماسكها وصياغة قراراتها , وبالتأكيد معادلة القصف بالقصف لها أسباب كثيرة.

ومن أهم هذه الأسباب  أن حركة حماس شعرت أنها ستفقد السيطرة على الفصائل في غزة , وأن الفصائل في يوم ما ستخرج عن إتفاق القاهرة وخاصة أنه لم يقدم شيئ جديد , وخشية حماس من فقدان السيطرة على الفصائل جاءت نتيجة خروج بعض الفصائل عن الصف , وأطلقت هذه الفصائل الصواريخ على إسرائيل في مناسبات كثيرة , ومن أبرز هذه المناسبات إستشهاد ثلاثة من مقاتلين سرايا القدس والتي قامت سرايا القدس بالرد الفوري على إسرائيل , وأيضا إستشهاد الممرضة رزان النجار والتي قامت كتائب شهداء الأقصى بالرد الفوري على إسرائيل , وبهذه الطريقة أدركت حركة حماس أنها لم تعد وحدها صاحبة القرار بالحرب أو السلم , وأن الحرب ستفرض عليها في حال قامت بعض الفصائل بإطلاق الصواريخ على إسرائيل , وما يزيد من قلق حماس لأنها تعرف جيدا أن إسرائيل تحمل كامل المسئولية لها في حال إطلاق أي صاروخ من غزة , كما كانت تحمل السلطة المسئولية أثناء تواجدها في غزة , والأمر في غزة لا يقتصر على خروج بعض الفصائل عن الصف , وأيضا هناك تيار سلفي جهادي في غزة وهو خارج عن الصف بصفتة وطبيعته , وبالتأكيد هذا التيار السلفي أصبح شريكا في تغيير المعادلات على أرض الواقع كباقي الفصائل المسلحة في غزة

إذا فإن التغيرات الدراماتيكية في صراعنا مع إسرائيل ليس مرهونة بفصيل معين أو قوى معينة , بل أصبحت جميع القوى والفصائل لها تأثيرا في أرضية الصراع , وهذا بالطبع يجعل من المعادلات أن تفرض نفسها بنفسها نتيجة تغيرات مزاجية لبعض القوى والفصائل , ونتيجة هذا قررت الفصائل أن تعمل في غرفة مشتركة تقرر فيها توقيت الحرب والسلم , وهذا بالطبع يشير الى أن الفصائل بدأت تعمل بإيجابية أكثر من قبل , ويشير أيضا أن عصر إحتكار القرار قد إنتهى , وهذا بحد ذاته يجعل من وحدة الفصائل سدا منيعا في مواجهة الإحتلال

بعد سنوات طويلة من الإنقسام الفصائلي في غزة نجد اليوم غرفة عمليات مشتركة بين جميع الفصائل , وخرجت إلينا بصيغة إتفاق موحدة وهي , القصف بالقصف , وهذا بحد ذاته سيجبر إسرائيل أن تتخلى عن غرورها المستمر , وستتغير قواعد اللعبة بالنسبة للجميع على المستوى التكتيكي

أما على المستوى الإستراتيجي للصراع فأعتقد أن حركة حماس لا تريد الحرب , وباقي الفصائل لا تريد الحرب أيضا إنما تريد إثبات حقها بالرد , أما التيار السلفي فهو بطبيعة الحال خارج عن الصف وهو يريد الحرب , لأن الحرب بالنسبة له ستحدث تغيرات كبيرة في المعادلات في غزة , وهذا بالطبع ما يسعى له التيار السلفي ,  وأما إسرائيل فهي  أيضا لا تريد الحرب , لأنها لا تريد غزة أصلا , وما يجري على أرض الواقع هو عبارة عن فعل وردة فعل , ومعادلة القصف بالقصف بحد ذاتها هي ردات فعل ليس أكثر .

في إعتقادي أن معادلة القصف بالقصف سيكون تأثيرها إيجابي في شقين , الشق الأول هو وحدة الفصائل والتي تجسدت في غرفة عمليات مشتركة وقرار مشترك , والشق الثاني هو أن تشكل هذه المعادلة رادعا حقيقيا لإسرائيل وأن تحد من إنتهاكاتها اليومية للضفة الغربية وقطاع غزة .