غزة وسيناريوهات المرحلة القادمة،،، سليم ماضي

الخميس 28 يونيو 2018 07:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
غزة وسيناريوهات المرحلة القادمة،،، سليم ماضي



تنصب وتتركز كل الجهود الدولية والاقليمية في هذه الأيام للبحث عن حلول مستعجلة للمشكلة الانسانية- حسب توصيف العالم الظالم لها- في غزة، وأصبح اهتمام العالم بغزة أكثر من اهتمامه بقضاياه الداخلية؛ وكأن الضمير العالمي استيقظ فجأة ليجد أمامه كارثة انسانية يجب حلها على عجل، والحقيقة أنهم اعتقدوا أنه قد آن الأوان لاستثمار حصار غزة سياسياً، خاصة وأن الدراسات والمعلومات لدى الجانب الاسرائيلي توصلت إلى أنه من الممكن التوصل إلى حلول جزئية لقضايا غزة مع القيادة السياسية في غزة.

وقد قدمت كل من أمريكا ومصر وقطر وإسرائيل رؤى ومخططات وأفكار متعددة، حيث ترى الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها اسرائيل بأنه يجب حل المشاكل الانسانية في غزة وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية لتخفيف حالة الاحتقان وعدم انفجار الوضع في وجه إسرائيل، وقد قدمت إسرائيل خطة مارشال الاقتصادية فيما قدم كوشنير خطته التي تقوم على حث دول الخليج على استثمار مليارات الدولارات في غزة وحث مصر على فتح معبر رفح البري بشكل دائم، وقد قدمت إسرائيل مقارنة بين الاستقرار السياسي في الضفة الغربية والتي أعوزته إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الجيدة وبين الاضطرابات السياسية في غزة والتي أنسبتها إلى حالة الفقر والوضع الاقتصادي المتردي.

وقد كتب الكثير من المحللين السياسيين عن النوايا الكامنة خلف المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لتحسين الظروف المعيشية في غزة، فقد ذهب الكثيرين إلى اعتبار ذلك محاولة لتمرير ما يسمى ب"صفقة القرن"، فيما ذهبت السلطة الوطنية الفلسطينية الى اتهام الولايات المتحدة وإسرائيل إلى فرض حلول سياسية من جانب واحد تبدأ من غزة للتنصل من الاستحقاقات السياسية وللالتفاف على القضية الفلسطينية وهذا ما ذهب إليه صائب عريقات (أمين سر اللجنة التنفيذية لـ م. ت. ف). هذا ولقد تعددت السيناريوهات والخيارات المتوقعة لحل قضايا غزة سواء حلاً مرحلياً أو حلاً استراتيجياً:

  • السيناريو الأول: وهذا السيناريو يعتبر مقدمة لأي حلول سياسية مقبلة، وهو استعداد إسرائيل لرفع الحصار وبناء ميناء بحري يمر عبر قبرص وفتح معبر رفح البري وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والقبول بهدنة طويلة الأمد مقابل الافراج عن الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس، دون إفراج إسرائيل عن أي أسرى فلسطينيين وهذا المقترح الذي تقدم به وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان، وهو سيناريو غير واقعي إذ لا يمكن أن تقبل حماس عدم الافراج عن أسرى فلسطينيين على غرار صفقة شاليط.

  • السيناريو الثاني: وهو تجاهل الحديث عن الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى حماس والبدء مباشرة في حوار حول هدنة تمتد لفترة طويلة يتم خلالها تحسين الظروف الاقتصادية لغزة، وهو ما لا يمكن أن تقبل إسرائيل؛ فهي لا يمكن أن تقدم أي تنازلات ولا يمكن أن تدخل في أي حوارات دون الافراج عن الجنود الأسرى.

  • السيناريو الثالث: وهذا السيناريو الأكثر واقعية لأنه يعبر عن رغبة جميع الأطراف، ويقوم هذا السيناريو على صفقة سياسية شاملة تقوم على تبادل للأسرى بين إسرائيل وحماس، وهدنة طويلة المدى، وميناء بري وبحري وجوي، وضم 760كم2 من سيناء لغزة- أي دولة فلسطينية في غزة وجزء من سيناء- تحت السيادة المصرية، هذا في حال وافقت مصر على تبادل أراضي مع إسرائيل، حسب الرؤى والمخططات الإسرائيلية والأمريكية، لكن في حال رفضت مصر لمشروع تبادل الأراضي؛ فسوف يتم عمل منطقة سوق حرة في سيناء ومشاريع اقتصادية ضخمة إلى جانب محطة لتوليد الكهرباء وغيرها من المشاريع التي سوف تمولها دول الخليج.

  • السيناريو الرابع: وهو السيناريو الأكثر تشاؤماً وجحيماً، ويمكن أن تقدم عليه إسرائيل في حال تعثرت كل الجهود وفشلت كل الحلول السياسية، واستمرت حماس في مسيرات العودة، وهو اقدام إسرائيل على احتلال غزة بالكامل أو القيام بعملية عسكرية شاملة وكبيرة لإسقاط حكم حماس. وهذا سيناريو مستبعد لأن إسرائيل لن تقدم على احتلال غزة ولا على اسقاط حكم حماس، لكن من الممكن القيام بحرب على غزة وخنق حماس للقبول بالحلول المفروضة عليها.

في المحصلة النهائية تبقى جميع هذه الخيارات والحلول حلول جزئية هدفها ضرب المشروع الوطني الفلسطيني، والحل الأمثل هو إنهاء الانقسام والوحدة الوطنية، وإعادة غزة للشرعية، ووضع برنامج وطني وخطة استراتيجية لمواجهة المشاريع الصهيوأمريكية.