خطة ترامب: خطوات عملية للتنفيذ...أشرف العجرمي

الأربعاء 20 يونيو 2018 02:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
خطة ترامب: خطوات عملية للتنفيذ...أشرف العجرمي



تقدمت الإدارة الأميركية خطوة إلى الأمام في تنفيذ خطة الرئيس دونالد ترامب لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بعد خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، بتشكيل طاقم يضم كلاً من صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر ومبعوثه الخاص جيسون غرينبلات وممثلة أميركا في الأمم المتحدة نيكي هيلي لبحث آليات تطبيق خطة ترامب أو أجزاء منها مع المنظمة الدولية كغطاء نظراً لعدم وجود شريك فلسطيني يقبل بالتعاطي مع الخطة. وكان لقاء الطاقم الثلاثي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للبحث في "جهود الولايات المتحدة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط والاستجابة للاحتياجات الإنسانية في غزة" حسب تعبير بيان البيت الأبيض. وسيقوم كوشنر وغرينبلات بزيارة لإسرائيل وكل من قطر والسعودية ومصر والأردن لاستكمال الخطة الأميركية.
ربما لن تكون الإدارة الأميركية بحاجة للإعلان عن تفاصيل خطتها التي قد لا تستكمل في القريب لأن الموقف الفلسطيني منها واضح وقاطع، ولكنها ستسعى لتنفيذ أجزاء واسعة منها كأمر واقع بالتنسيق مع إسرائيل وبموافقة عربية صامتة وغير معلنة وربما بتعاون وثيق، بناءً على تحالفات جديدة في المنطقة تصب في مواجهة إيران وتشمل إسرائيل ودولاً عربية والولايات المتحدة تكون فيها القضية الفلسطينية هي الضحية أو القربان. وحسب المواقف الأميركية تريد واشنطن إقناع دول عربية بتمويل مشاريع اقتصادية وإنسانية في غزة ومنها على سبيل المثال إنشاء محطة لإنتاج الطاقة وتحلية مياه البحر في العريش، وإنشاء منطقة صناعية لتشغيل عمال غزة.
وفي الواقع يحق للقيادة الفلسطينية أن تخشى من المشاريع التي تبدو ظاهرياً وكأنها تريد حل المشكلة الإنسانية في غزة وهي في الواقع تريد تكريس دولة غزة تمهيداً لتطبيق صفقة القرن التي تقوم على حل يرتكز على غزة كأساس وأجزاء من الضفة الغربية بعد أن تضم إسرائيل ما تشاء من المناطق المصنفة (ج) في الضفة والتي تقوم عليها المستوطنات وذات الأهمية الإستراتيجية أمنياً واقتصادياً لإسرائيل، وتستثنى القدس من هذه الدولة ويستعاض عنها بالقرى والبلدات في قضاء القدس ومحافظتها. ولم تبدأ هذه الخطوات بمحادثات فريق ترامب بل سبقها إلى ذلك محاولة من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ملادينوف الذي اجتمع مع قادة "حماس" وبالذات يحيى  السنوار رئيس المكتب السياسي في "حماس" غزة وناقش معه فكرة إنشاء هيئة مستقلة لتلقي المساعدات لإنشاء مشاريع في القطاع لحل "المشكلة الإنسانية" وكان هو في هذه المباحثات يعبر عن موقف بعض الدول الأوروبية وليس موقف الأمم المتحدة. ويظهر أن كل المحاولات لم تنجح ولم يبق سوى الأمم المتحدة كآلية لتنفيذ الخطط المذكورة.
لكن لا تزال القيادة الفلسطينية تكتفي بالرد السلبي أي بالرفض والتحذير والتنبؤ بفشل هذه المحاولات، وهذا في الحقيقة لا يكفي ولا يمكنه أن يمنع الإدارة الأميركية من تنفيذ خططها، وهي قد تلجأ لمشاريع بديلة ومتدرجة. ونحن لا نملك خطة بديلة غير عدم القبول والتأكيد على أسطوانة الثوابت. والعالم لا يقبل الجمود ويميل أكثر لمبادرات عملية قابلة للتطبيق. وللأسف نحن في وضع ليس مثالياً في علاقاتنا مع الأشقاء العرب والموقف العربي عموماً ليس موحداً ما عدا ما يصدر من بيانات في الجامعة العربية وفي اللقاءات العلنية. وفي السر هناك أمور وخفايا مناقضة للمواقف العلنية. وعلى المستوى الدولي في ظل وجود الإدارة الأميركية الحالية لا يتوقع أن تكون هناك أية مبادرات أو مواقف دولية ذات وزن مناقضة للموقف الأميركي. والعالم مشغول الآن بالحروب التجارية التي جزء كبير منها بين الولايات المتحدة وحلفائها ومنافسيها على السواء. وبالتالي العملية السياسية في الشرق الأوسط ليست محط اهتمام وتركيز المجتمع الدولي.
ووضعنا الداخلي حدث ولا حرج، فعملية الانقسام تتجذر وتترسم أكثر بعد فشل جهود المصالحة. والسلطة تفقد شعبيتها والضفة الغربية أصبحت مسرحاً لإبداء المعارضة لمواقف السلطة أكثر من مواجهة الاحتلال والانتصار للقدس ولإجراءات الاحتلال ودمويته في غزة، ربما بسبب قناعة الكثيرين أن السلطة هي العنوان لكل شيء وهي تتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأمور في الوطن. وقطاع غزة مختطف ويعاني من القمع والاستغلال الرهيب من قبل سلطة الأمر الواقع الحمساوية هناك التي ترى فيه الدجاجة التي تبيض ذهباً ولا تنوي التخلي عنها. والقمع يتوزع في أرجاء الوطن ولا يجري التعامل مع الحالة الشعبية بصبر واستيعاب وذكاء.
هناك حاجة لمواجهة المخططات الأميركية والإسرائيلية بخطة متشعبة تشمل ترتيب وتحصين الوضع الداخلي، واستنفار كل الطاقات الشعبية بالتكامل مع الجماهير وليس بتجريمها  حتى لو كانت هناك أجندات لجهات خارجية في تأجيج الصراعات الداخلية وإضعاف السلطة. وفي هذا السياق محظور إغلاق الباب أمام جهود المصالحة ويجب بذل كل ما يمكن لإحيائها وإنجاحها حتى لو تضمن ذلك بعض التنازلات. فالوضع الداخلي الفلسطيني هو صمام الأمان لمنع نجاح أية خطة تستهدف المشروع الوطني، وبقاء الانقسام هو المدخل لتنفيذ المشاريع التصفوية. كما أن هناك حاجة لشدشدة التنسيق مع الأشقاء وبث الدفء في العلاقات مع الدول العربية والوصول إلى أعلى درجات الاتفاق والتناغم العربي، والبحث عن اتفاق مع القطاعات الإسرائيلية التي تخشى من خطة ترامب والتي تريد تسوية على أساس دولتين على حدود الرابع من حزيران من العام 1967. وبذل جهد واسع في كل الدول الغربية مع الحكومات والبرلمانات والمجتمعات المدنية بما في ذلك في الولايات المتحدة مع الكونغرس ومجموعات الضغط والرأي العام. وينبغي أن نتعامل مع واقع هو أشبه بحالة طوارئ مصيرية لا نكتفي فيها بالولولة وبكاء أوضاعنا.