إسرائيل تقر خطة خماسية وموازنة إضافية لـ "توحيد القدس"

الثلاثاء 22 مايو 2018 09:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل تقر خطة خماسية وموازنة إضافية لـ "توحيد القدس"



القدس المحتلة / سما /

 صرح وزير شؤون القدس ومحافظها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المهندس عدنان الحسيني ، ان الخطة التي اقرتها الحكومة الإسرائيلية في جلستها الاستثنائية يوم الأحد الماضي بمناسبة ما يسمى يوم "توحيد القدس"، بقيمة ٢ مليار شيكل حتى العام ٢٠٢٣ ، ما كانت لتكون لولا الدعم الاميركي السياسي بعد قرار ترامب المشؤوم ، مؤكداً على ان هذه الخطة ما هي إلا حلقة في سلسلة من الخطط الرامية لفرض واقع جديد في القدس المحتلة يمنع التوصل الى حل في اي مفاوضات مستقبلية.

وقال الحسيني في لقاء خاص ب "القدس" ، ان هذه الخطة من نتائج القرار الاميركي غير القانوني بالاعتراف بالقدس ونقل السفارة اليها، وهي خطة لسلب المقدسيين اراضيهم ومقدساتهم وفرض واقع جديد يخدم الرؤية والرواية الإسرائيلية الاستيطانية .

واضاف :" بعد ٥١ عاماً من احتلال القدس الشرقية جاء الاحتلال لاغراء المقدسيين والتأثير عليهم بالقبول بالقرار الاميركي من خلال الحوافز والتسهيلات ببناء المدارس وتقديم منح للجامعيين وبناء مراكز صحية وتطوير السياحة والمواصلات ، مشيراً الى ان الهدف من هذه الخطة الإسرائيلية ، ربط المستوطنات والسيطرة على ما تبقى من الحيز الجغرافي والمتنفس المتبقي من اراضي للمقدسيين بتوسيع المستوطنات والشوارع الألتفافية .

واكد وزير شؤون القدس ، ان الخطة تأتي بعد القرار الاميركي بهدف تكريس الاحتلال وتنفيذ القرار الاميركي على ارض الواقع وتجميل الجريمة الاميركية لاستمالة المقدسيين وكبح معارضتهم واستمالتهم، وقال ان ما يجري في القدس الشرقية اليوم امر خطير فالتغيير يجري في كل شارع وحي وقرية وخاصة في البلدة القديمة ومحيط المسجد الاقصى المبارك لتغيير الامر الواقع وفرض الاسرلة والتهويد .

واوضح الحسيني :"ان الفلسطينيين كانوا ولا زال موقفهم واضحا في يوم افتتاح السفارة الاميركية وبعدها ، انه لن يمر هذا القرار مهما فعلوا ومهما رصدوا ، وخرج الفلسطينيون في القدس والضفة وغزة والشتات يرفعون الاعلام الوطنية وقالوا لكل من شارك في الاحتفال ان القدس كانت وستبقى فلسطينية وعاصمة للدولة الفلسطينية ولن تكون غير ذلك"، مشيراً الى ان هذا هو ملخص الموقف الفلسطيني الرسمي من القيادة الفلسطينية وفي القدس والشتات .

ولفت الحسيني الى انه في غياب الدعم العربي والإسلامي وحالة الدم والدمار الذي تشهده المنطقة والمحيط ، لا يمكن لنا كفلسطينيين ان نواجه هذه المشاريع المدعومة أميركياً وصهونياً بقدراتنا الفلسطينية وميزانياتنا المحدودة .

خطة واضحة ...

وقال وزير القدس ومحافظها :" لكننا نعمل وفق خطة واضحة ووفق المتوفر والمتاح لدعم صمود اهل القدس، وهذا كان احد البنود الرئيسة الذي اقرها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الاخيرة "، مؤكداً ان الوضع لن يكون سهلاِ والهجمة شرسة ومتشعبة.

واضاف انه في خضم المؤتمرات الإسلامية والعربية التي تتم بشكل مستمر في هذه المرحلة ، مازلنا ننتظر انعكاسا لهذه القرارات المتخذة على الارض سواء السياسية او المالية والاقتصادية التي تحتاج لها الساحة من اجل توفير مقومات صمود شعبنا واهلنا وخاصة في القدس .

وشدد الحسيني على اهمية الموقف السياسي الحقيقي وليس الشعارات والخطابات الرنانة، وقال :" نحن كفلسطينيين قيادة وشعباً نخوض معركة مواجهة مع الاحتلال ومن يدعمه ظلماً وبهتانا في كل المحافل الدولية"، مشيراً الى النجاحات الكبيرة والتراكمات التي نأمل ان تتواصل وتتعزز في المرحلة المقبلة من خلال المواقف العربية والإسلامية الجادة .

وحذر الحسيني من الخطورة التي يشكلها تبني هذه المشاريع الاستيطانية ومنها الشارع الذي سيبتلع مساحات كبيرة من الاراضي وفي بعض المناطق سيتم هدم العديد من المنازل الفلسطينية، وقال ان هذه المصادرات لا يستفيد منها الفلسطينيون والهدف منها ربط المستوطنات والجزء الشرقي من القدس بالشطر الغربي والداخل الفلسطيني.

واشار الى ما يخطط له بشأن "الحوض المقدس" من مشاريع خطيرة جداً تمس الهوية والمقدسات والطابع العربي الإسلامي المسيحي للمدينة المقدسة ، الامر الذي يتطلب تدخلا سريعا من الجهات الدولية كون هذه المشاريع تلامس المسجد الاقصى المبارك ومقبرة باب الرحمة الإسلامية .

يذكر ان الحكومة الإسرائيلية وفي جلستها الاستثنائية يوم الأحد الماضي وبمناسبة ما يسمى "يوم القدس"، أعلنت عن خطة خماسية إضافيه قيمتها ٢ مليار شيكل حتى العام ٢٠٢٣.

وهذا أبرز ما جاء في قرار الحكومة، الذي كان عنوانه :"خطة تقوية اندماج العرب في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي":

- نصف هذه الميزانيات ستوجه لصالح مشاريع مواصلاتية، كشق العديد من الشوارع، ومنها إتمام الشارع الأميركي الذي سيربط أحياء جنوب القدس من حاجز مزمورية بمنطقة راس العامود وجبل الزيتون، ومشروع "الراف كاف" "التنقل المجاني بين خطوط المواصلات العاملة في القدس الشرقية"، وخطوط مواصلات لربط القدس الشرقية بالغربية.

- 715 مليون شيكل للتعليم، وأغلبه سيتوجه لتشجيع تدريس المنهاج الإسرائيلي.

- 30 مليون شيكل للبدء بفتح عيادات تابعة لصناديق المرضى، وتقليص الاعتماد على "المتعهدين".

- 260 مليون شيكل لتشجيع الدخول في مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية، "500 طالب مجاناً"، هذا طبعاً عدا عمن يتوجهون بشكل مباشر.

- 350 مليون شيكل لتطوير حوض البلدة القديمة بما في ذلك جبل الزيتون.

- 50 مليون شيكل تسجيل الأراضي وتثبيت الملكية في دائرة الطابو.

- تشجيع خروج السيدات للعمل، وفتح مراكز تشغيل جديدة، ودورات تعليم لغة عبرية، ومراكز نهارية لرعاية الأطفال، ومدارس صناعية للفتيات.

- مناطق صناعية جديدة.

عطون : ميزانيات اسرائيلية غير مسبوقة ....

وفي السياق ذاته، قال النائب المقدسي المبعد عن القدس احمد عطون تعقيباً على هذه الخطة :"لهذا القرار أهمية خاصة عن القرارات السابقة لسببين:الأول أن الحكومة الإسرائيلية بدأت فعلاً بتوجيه ميزانيات غير مسبوقة للقدس الشرقية المحتلة ، ويأتي هذا القرار لتعزيز هذا التوجه ولترسيخ التهويد والضم . والثاني أن رئيس الحكومة الإسرائيلية طلب من الوزراء العام الماضي تحضير خطط تفصيلية للمصادقة عليها هذا العام، وليس عناوين عامة، إضافة إلى قرارات تخص القدس بشكل عام والاستيطان بشكل مباشر ، مثل التلفريك الذي يمر قرب جدار المسجد الاقصى الجنوبي اعلى المصلى المرواني وزيادة ميزانية سلطة الآثار للتنقيب في القدس الشرقية وغير ذلك، مشيراً الى انه من المهم أن نذكر أن هذه ميزانيات إضافية، وهي تضاف إلى الميزانيات القائمة حاليّاً.

ولفت عطون في حديث خاص ب "القدس"، الى ان القرار الإسرائيلي هدفه العمل السريع في ترسيم الوقائع للمعنى السياسي المترتب على نقل السفارة الأميركية للقدس، باعتبار المدينة كلها عاصمة موحدة لإسرائيل، وأنها قد رفعت عن طاولة المفاوضات.

وقال النائب المقدسي المبعد عن القدس الى رام الله :" هذه الخطة غير مسبوقه في سياق العديد من الخطط التي اعلن عنها الاحتلال في المرحلة الاخيرة بعد قرار ترمب والتي ينوي تنفيذها في السنوات الخمس المقبلة، ويراد منها عزل مدينة القدس نهائياً عن عمقها الفلسطيني والعربي والإسلامي وتكريس تهويدها ."

واضاف النائب عطون :"ان إسرائيل تعمل على حسم ملف القدس وقضيتها بفرض امر واقع بالضم والتهويد المستمرين، فتارة بالاستيطان واخرى بتهويد المناهج وهدم المنازل وابعاد المقدسيين، وهذه الخطة تكشف هذه التوجهات ، اي ان اسرائيل لا تفاوض مستقبلاً على القدس إلا بما ينسجم وخططها ومصالحها."

واشار الى انه من خلال الخطة ، فان إسرائيل تفرض علينا تعريف اين هي القدس وماذا تريد وما يمكن ان تتفاوض بشأنه وما لا يمكن التفاوض عليه من منطق القوة وفرض الامر الواقع في اي حلول مستقبلية .

واوضح عطون ، ان هذا الكم الهائل من المشاريع والاموال التي تضخ هدفه تهويد القدس من خلال فرض الوقائع والمصادرات لما تبقى من الاراضي في المدينة والتركيز على العمق والامتداد الطبيعي للتواصل في جنوب القدس، إذ نرى الكم الكبير لعدد الوحدات الاستيطانية في "مستوطنات جيلو " و"جبل ابو غنيم " و"جفعات همتوس"وربطها بمستوطنات تخترق بيت لحم وجنوب شرق الخليل لتشكيل جدار استيطاني يحول دون تقسيم القدس ويبتلع جزءا كبيرا من الضفة الغربية تحت مسمى "القدس الكبرى" بميزانيات غير محدودة .

واشار الى ان الاحتلال اليوم يزاحمنا في مقدساتنا وفي احياء القدس القديمة وفي احياء وقرى القدس ويحاصرها ويبتلع المتنفس المتبقي لهذه القرى، وقال ان التهويد في القدس بلغ مرحلة متقدمة وبعد قرار ترامب المشؤوم شهية الاحتلال ازدادت والميزانيات للقدس وتهويدها اصبحت تأتي من الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة وكل يهود العالم ، مؤكداً بان الوضع في القدس اصبح في حالة متقدمة وخطيرة ودخل مرحلة حسم لهذه القضية ، فالاحتلال يشعر ان الاجواء العربية والإسلامية مواتية له في ظل الدعم غير المحدود مادياً وسياسياً من هذه الإدارة الاميركية.

واضاف عطون :"ان الاحتلال لم يعد يعير المؤسسات الدولية والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها وقراراتها اي اهتمام ويعلم ان العالم العربي غارق في دمائه ومشاكله ونزاعاته الداخلية والخارجية، وحتى بيانات الشجب والاستنكار لم يعد احد يطلقها، وكأن هناك ضوء اخضر والطريق ممهدا للمضي في المشاريع الاستيطانية والتهويدية في القدس والاراضي الفلسطينية".

واكد ان الخطة الإسرائيلية مدروسة بعناية ف٤٠٪ منها لشبكة المواصلات وربط المستوطنات في القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة بالقدس الغربية والخط الاخضر . وقال ان الهدف هو تعميق السيطرة وإعادة انتاج الاحتلال وليس انهائه، والقفز لما بعد وابتلاع ما تبقى، ولربط المستوطنات بعضها ببعض وفي خطوة لتغيير واجهة قرى واحياء فلسطينية في القدس المحتلة، واخطر ما في الخطة ربط القطار الهوائي في جنوب البلدة القديمة والمسجد الاقصى باحياء القدس الغربية لتكريس التهويد وانهاء المطالبة بالقدس الشرقية التي نعرف وفرض القدس التي يريدون ".

واضاف ان فرض الاسرلة والتهويد ليس فقط على الارض وانما على عقول واذهان ابنائنا في القدس ليتم الاحتواء المكاني والزماني والذهني، عبر فرض المناهج الإسرائيلية ودراسة "البغروت"والدراسة في الجامعات الإسرائيلية والاختلاط بالمجتمع الإسرائيلي والتطبع بطباعه وعاداته وتقاليده "، مشيراً الى ان الهدف فرض الرواية والرؤية الإسرائيلية على الاجيال الفلسطينية وخاصة المقدسية منها في المرحلة المقبلة.

هل من خطة مواجهة ؟ ...

وتساءل النائب عطون في المقابل عن الخطة الفلسطينية والعربية والإسلامية للحفاظ على عروبة وإسلامية مدينة القدس . وقال:" امام هذه الميزانيات الضخمة وغير المحدودة وهذا المخطط الاستيطاني التهويدي ماذا رصدت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة للقدس ٢بالالف من الموازنة العامة للسلطة، كذلك لم ترصد ميزانيات لمواجهة هذه الخطط التي يحاول الاحتلال فرضها على المقدسيين والقدس.

وتابع يقول :"اما على الصعيد العربي والإسلامي فلم تتلق القدس غير الفتات هنا وهناك ، القدس بالنسبة للعرب والمسلمين بيانات وخطابات تدغدغ المشاعر والعواطف، لم تتلق اي دعم ومساعدة حقيقية لا مادية ولا سياسيا ".

واكد عطون ان هذه المشاريع ستنعكس بشكل خطير على الحلقة الاخيرة من حلقات تهويد القدس وفرض الاسرلة والتهويد على ما تبقى من المدينة امام صمت عربي وإسلامي ودولي .

ويرى عطون ان القدس دخلت في نفق مضاء يعرف الاحتلال ماذا يريد واين سيصل في مدينة القدس وباقي الاراضي المحتلة، تدرج فيها عبر خطط منها ٢٠٢٠ و٢٠٣٠ و٢٠٥٠، وفي الطرف الثاني ، تعيش القدس بنفق مظلم عربياً وإسلامياً دون رؤية ولا استراتيجيات ولا ميزانيات للدفاع عن القدس وعروبتها ونصرة اهلنا ومقدساتنا في وانقاذ ما يمكن انقاذه .

ووجه عطون صرخة سريعة لانقاذ مدينة القدس ووقف هذا الزحف الاستيطاني والتهويدي . وقال : ان قصر النظام الرسمي العربي والفلسطيني، فاين دور المؤسسات والنخب والشعوب العربية والإسلامية لتعزيز هذا الصمود لأهلنا في مدينة القدس وحشد الدعم السياسي والمادي وفضح جرائم الاحتلال بالمسيرات والتظاهرات في كافة الميادين العربية والإسلامية والدولية.