على مذبح القدس الأمة بين الاستنهاض واليأس ... أ.صقر حلس

الجمعة 18 مايو 2018 06:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
على مذبح القدس الأمة بين الاستنهاض واليأس ... أ.صقر حلس



لم يكن اعتراف الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأميركية إلى القدس مفاجئا بقدر ما كان صدمة كهربائية أصابت فاقد للوعي في محاولة يائسة لإنعاشه حيث جاءت هذه اللطمة في الوقت الذي تعاني فيه الأمة المكلومة من حالة الضياع والصراع والعجز والتيه وصولا إلى الاستقرار في مستنقع اللاوعي ؛ فالعرب من المحيط إلى الخليج أصبحوا في أمر مريج مما يدور حولهم ويحاك ضدهم وباتوا أكثر هشاشة وضعفا فخارت قواهم وسلبت إرادتهم في مواجهة أعدائهم. 

توحدت واجتمعت قلوب الأمة وانفطرت ألما على ما حل بالقدس من نكبة جديدة وللأسف بقي هذا الألم حبيس الصدور لا يغادر السطور في المقالات ولايتجاوز الكلمات في الأغنيات ويكتفي بالدعاء في الصلوات ، وخرجت الجماهير العربية إلى الميادين والساحات تصدح بالغضب والهتافات وكأن الأمر لا يعدو حالة من الهستيريا تنقشع بعد مضي ساعات.

فلسطينيا لم يكن الموقف أفضل حال من الموقف العربي والإسلامي حيث استخدم الرئيس أبو مازن أقصى المتاح من الوسائل الدبلوماسية والقانونية في مواجهة الموقف الأمريكي المتصهين. 

ذهب الرئيس إلى العالم العربي والإسلامي والدول الصديقة لبلورة موقف مشترك ونجح مؤخرا في عزل الموقف الأمريكي داخل الأمم المتحدة من خلال تشكيل أغلبية ضد قرار ترامب ولكن بقي الموقف الفلسطيني الرسمي يراوح في فلك حالة الضعف والانبطاح العربي ولم يغير شيئا في المعادلة .

أما بالنسبة لفصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس كان الموقف أقل من المأمول حيث تحدثت حماس بلغة تميل إلى البرغماتية والواقعية استنادا للواقع العربي المذري والمبكي و اعتمدت على التظاهر الشعبي كاستراتيجية واحدة لابديل عنها وخالفت بذلك الأيديولوجية الاسلامية التي تعتبر قضية القدس قضية تمس العقيدة الاسلامية باعتبار القدس جزء من ايات القرءان الكريم وهي أساس الصراع مع العدو .

ابتكرت حركة حماس استراتيجية شبيهة تماما بالتي حدثت في الضفة الغربية قبل سنوات ضد جدار الفصل العنصري في قريتي بلعين ونعلين اطلقت عليها مسيرات العودة وهي الاكتفاء بتنظيم فعاليات جماهيرية يوم الجمعة على طول الشريط الحدودي ونقاط التماس في غزة حيث تبلغ هذه النشاطات ذروتها يوم ذكرى النكبة في الرابع عشر والخامس عشر من مايو ويتم اقتحام الحدود من قبل الجماهير وخلق أزمة للعدو تمهد لتحرك عربي ودولي يرفع أو يخفف من الحصار ولكن ثمة شيء من ذلك كله لم يحدث حيث احتشدت الجماهير الوفية ولبت نداء النفير في ذلك اليوم الحزين الدامي فسقط العشرات من الشهداء وآلاف من الجرحى وبقي العالم كعادته لا يرى الأمور إلا من خلال العيون الإسرائيلية وانتهت مراسم الاحتفال بنقل السفارة الأميركية إلى القدس بهدوء وصمت فصائلي قاتل.

إن حجم البتر الذي أصاب الجسم العربي بفعل ثورات الربيع العربي وحجم الإعاقة الوطنية التي أصابت الجسم والعقل الفلسطيني متمثلة بالإنقسام كان لها ثمن سياسي كبير أدى إلى عجز وشلل كامل في الموقف العربي والموقف الفلسطيني ومن ضمن هذه النتائج السياسية لهذا العهر أن القدس قدمت بلا مهر . 

سيدي الرئيس أبو مازن الا تتطلب هذه الحالة المرضية في المشهد الفلسطيني على الاقل مراجعات لعل هناك خلل في استخدام الوسائل والخيارات اللازمة لمواجهة التحديات ومن ضمنها على سبيل الذكر لا الحصر الإجراءات أو العقوبات .

الرئيس أبو مازن انت الرجل الأقوى في المشهد السياسي داخليا وخارجيا والمطلوب منك وضع استراتيجية محددة وواضحة عمادها إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية كمتطلب أساسي لمواجهة الصلف والعنجهية الصهيونية والأمريكية وتستند على تفعيل أدوات الصراع المختلفة واتخاذ إجراءات وقرارات تربك حسابات الاحتلال واعوانه وترتقى بالموقف الفلسطيني اولا لأن الموقف الفلسطيني المتقدم هو الذي يستنهض ويوجه الأمة حيث أن الجماهير العربية والإسلامية تتحرك على وتر وايقاع الموقف الفلسطيني وليس العكس.

الرئيس أبو مازن انت الرجل الأقوى في المشهد السياسي داخليا وخارجيا والمطلوب منك وضع استراتيجية محددة وواضحة عمادها إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية كمتطلب أساسي لمواجهة الصلف والعنجهية الصهيونية والأمريكية وتستند على تفعيل أدوات الصراع المختلفة واتخاذ إجراءات وقرارات تربك حسابات الاحتلال واعوانه وترتقى بالموقف الفلسطيني اولا لأن الموقف الفلسطيني المتقدم هو الذي يستنهض ويوجه الأمة حيث أن الجماهير العربية والإسلامية تتحرك على وتر وايقاع الموقف الفلسطيني وليس العكس.

الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس مطالبة بإلغاء الوثيقة واعادة القضية إلى المربع الأول وكذلك الامر التحلل من الاتفاقات الشفهية والسرية مع الاحتلال والتي تمت بوساطة إقليمية والتي أدت إلى تغيير في قواعد الاشتباك وتوقف جذوة الصراع وإضعاف الموقف الفلسطيني المقاوم لصالح العدو، كما أنها مطالبة بالاستجابة لنداءات الوطن المكلوم واستغاثات المواطن المازوم والمظلوم لطي صفحة الانقسام حيث تجسيد الوحدة الوطنية هو أسلم الطرق وأقلها تكلفة. 

علينا أن ندرك بأن جميع التنازلات المقدمة فلسطينيا من أجل التكيف مع الواقع وظروف المحيط لم تحقق أي تقدم في مشروع التسوية والتحرير على حد سواء.