كيف تؤثر الطائرات الورقية على الأمن والاقتصاد الإسرائيلي ؟

الأربعاء 09 مايو 2018 11:44 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كيف تؤثر الطائرات الورقية على الأمن والاقتصاد الإسرائيلي ؟



عكا للشؤون الإسرائيلية

مع انطلاق سكان قطاع غزة في مسيرات العودة الكبرى على الحدود مع "إسرائيل"، والتي تبنت الطابع السلمي، تم التصدي للمظاهرات من قبل قوات الجيش بالقوة وسقط منهم نحو 50 "شهيداً" وما يزيد عن 6000 جريح، لذلك لجأ الشباب الفلسطيني الثائر لاستخدام أساليب تزعج "إسرائيل" ومن هذه الأساليب الطائرات الورقية، حيث يتم ربط هذه الطائرات بكتل حارقة تهدف إلى حرق المحاصيل الزراعية المحيطة بقطاع غزة.

حجم القطاع الزراعي في "إسرائيل"

يمثل القطاع الزراعي 2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويمثل 2.5% من إجمالي صادرات "إسرائيل"، لا يعني قلة حجم القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي وفي الصادرات بأن القطاع الزراعي صغير، لكن ذلك يعود إلى زيادة البنود التي يتم احتسابها في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة كميات الصادرات من القطاعات الأخرى، وبالتالي انخفض الوزن النسبي لهذا القطاع بين القطاعات الاقتصادية، إلا أن القطاع الزراعي يبقى عصب بقاء أي دولة قائمة لأن ذلك يوفر الغذاء للكائنات الحية المختلفة.

كيف تؤثر المقاومة بالطائرات الورقية على الاقتصاد الإسرائيلي؟

ذكرت صحيفة معاريف في 6 مايو 2018 أن الطائرات الورقية تسببت بإحراق 5000 دونم في غلاف غزة منها 600 من أصل 800 دونم من محاصيل الشعير، و2500 دونم من القمح، إضافة إلى حرائق كبيرة نشبت في محمية بئيري الطبيعية، مما دفع قادة "إسرائيل" لاستشعار الخطر واعتبار الطائرات الحارقة (إرهاب زراعي)، وبدأ قادة "إسرائيل" يدرسون طرقاً للتعامل مع الطائرات الحارقة، وبالرغم من ضعف التأثير المالي المباشر على الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة حرق المحاصيل، إلا أن هذه الطائرات الورقية سببت إرباكاً لقادة "إسرائيل" مما دفعهم لزيارات مستمرة لمناطق غلاف غزة، ومحاولة طمأنة المزارعين عن مناقشة حلول لهذه الأزمة، وترجع انزعاج قادة "إسرائيل" والمستوطنين من الطائرات الورقية لعدة أسباب:

- بنيت منظومة السيادة وحماية الحدود لـ"إسرائيل" على الأراضي الزراعية المحيطة بـ"إسرائيل"، ويقول أرنون سوفير في كتابه " الزراعة حجر أساس لأمن إسرائيل": (سنحارب كل من يعتدي على القطاع الزراعي؛ لأن الزراعة هي الأمن والمزارعون هم عيون الدولة، ففي الوقت الذي يقوم به سلاح الجو بحماية الأجواء، يقوم المزارعون بحماية حدودها بطرق مباشرة وغير مباشرة، إنهم حرس الحدود؛ بل إنهم أفضل من أية وحدة استخبارات عسكرية؛ لأنهم يعرفون الأرض التي يعملون فيها أكثر من غيرهم ... ولن نتمكن من تجسيد سيادتنا وحماية حدودنا بدون ميليشيات من المزارعين المنتشرين على الحدود من رأس الناقورة، وفي شمال غرب حدودنا مع لبنان، ومروراً بحدود لبنان - سوريا، ومن هناك إلى الأردن والضفة الغربية، وعلى حدود العربة، ومن نيتسانا لكرم أبو سالم، وحول مستوطنات غلاف غزة)، وهذا كان واضحاً من تعليق المسؤول عن قطاع المياه في كفار عزة أوفير وينر، والذي قال: "إنه أمر محبط، بدائي، ويسبب بشكل رئيسي الكثير من الضرر، نحن في حالة تأهب دائم وننشر في مجموعات ومناطق مختلفة وننظر إلى السماء ونحاول القفز فوق الطائرات الورقية، في بعض الأحيان ينجحون وأحيانًا لا يفعلون ذلك".

- تبنى الزراعة في "إسرائيل" وفق موازين تقديرية بحيث تغطي المساحات المزروعة بأنواعها السوق المحلي الإسرائيلي، كذلك الحصة التصديرية، وفي حالة الحرائق فإن ذلك يسبب خسائر تستلزم التعويض المالي للمزارعين عن الخسائر من قبل الحكومة أو الوكالات اليهودية، وقدرت الخسائر المالية الأولية من الطائرات الحارقة بمئات ملايين الشواكل، في حين كانت تكلفة الخسائر الزراعية (في كافة الأراضي الإسرائيلية) نتيجة الحرائق المفتعلة عام 2017 نحو 1.2 مليار شيكل.

- يقام على حدود قطاع غزة مجموعة من الكيبوتسات الزراعية مثل ناحل عوز ونير عوز وكرم أو سالم وغيرها، وتعتمد هذه الكيبوتسات بشكل أساسي في اقتصادها على الزراعة، والآن عندما يتم حرق مصدر رزقهم فإن ذلك سيشكل مصدر ازعاج وقلق لديهم، وبسبب تكرار التهديدات الأمنية فمن المفترض أن يشكل سكان الكيبوتسات جبهة ضاغطة على الحكومة الإسرائيلية لإيجاد حلول مع قطاع غزة لتخفيف الحصار وبالتالي يقل التهديد المستمر أمامهم.

- محدودية تأثير التعويضات: فالتعويضات المالية تحتاج سنوات لإعادة تأهيل الأراضي التي تم حرقها، وهنا يستذكر الإسرائيليون الحريق الذي نشب في محمية كيبوتس بئيري عام 2010، وتم التعويض من الصندوق القومي اليهودي وكذلك من مساهمة الإسرائيليين، واستمر العمل وإعادة التأهيل والتجديد لسنوات، وتم احراق مساحة واسعة من هذه الأحراش مرة أخرى بفعل الطائرات الورقية.

في الختام: أخبرنا أجدادنا الذين عايشوا النكبة عام 1948، أن المستوطنين اليهود كانوا يقصدون حرق الحقول بهدف سرقة الأرض وارعاب السكان وتهجيرهم، ومن ضمن هذه الطرق كانوا يربطون خيطاً مشتعلاً في ذيل القطط ويرسلونها إلى مزارع الفلسطينيين، الأمر الذي تسبب حينها بحرائق كبيرة، وخلال هذه الأيام يستعد المستوطنون في كيبوتسات غلاف غزة لإحياء ذكرى تأسيس دولة "إسرائيل"، وبذلك يكون من أفعالكم سلط عليكم.