خيبة أمل إسرائيلية من العدوان الثلاثي

الإثنين 16 أبريل 2018 11:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خيبة أمل إسرائيلية من العدوان الثلاثي



غزة / سما /

كتاب إسرائيل - كما كتاب اللوبي الصهيوني العالمي - يظهرون انتقادًا كبيرًا لطبيعة العدوان الثلاثي (والأمريكي أساسًا) ضد سوريا، من حيث الأهداف والعمق والشدة، فبالنسبة لهم فإن العدوان كان محكومًا بالفشل منذ البداية، حيث لم يأتِ في سياق سياسة هجومية واضحة تعاقب نظام الأسد وترسل رسالة قوية المضمون وتحمل تهديدًا رادعًا، دون أن تعبأ بحلفاء الأسد من إيرانيين وروس، وترسل رسالة غير مباشرة للإيرانيين في ملفيْن هاميْن (ملفها النووي ونفوذها الإقليمي). وفي نظرهم، كان العدوان محكومًا بسياسات أمريكية تنسحب من المنطقة وليست على استعداد للدخول في مواجهات مع كل من روسيا وإيران؛ وهذا ما أزعج جدًا إسرائيل وكتابها وأصدقائها، وجعلهم يشنون هجومًا على السياسات الأمريكية التي يقودها ترامب فيما يتعلق بالملف السوري، ويخشون ان تنسحب ذات السياسة على الملف الإيراني.

رون بن يشاي، كبير المراسلين العسكريين لموقع "واي نت" والحائز على جائزة دولة الاحتلال لعام 2018، أعرب عن خيبة أمله من الضربة ونتائجها في مقال نشره بالأمس، أكد من خلاله على:

بشار الأسد يمكنه أن يتنفس الصعداء، وكذلك الروس والإيرانيون، فالهجوم الذي نفذته كلٌ من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على مواقع السلاح الكيماوي في سوريا كان محدودًا في أهدافه، ولم يوقع أضرارًا خطيرة للنظام.

كانت الأهداف المعلنة ردع الأسد والتلويح للروس بالبطاقة الحمراء، لكن ما تم تنفيذه عمليًا لم يحقق هذا الهدف، وبالكاد اخرجوا للروس بطاقة صفراء باهته.

رسالة ترامب السابقة بالـ 55 صاروخ كانت أقوى، لأنها حملت تهديدًا لاستمرار حكم نظام الأسد، لكن الرسالة الثلاثية التي استهدفت فقط بعض مراكز التصنيع لم تحمل أي تهديد.

الضربة "ذات المرة الواحدة" التي أعلن عنها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس لم تضر سوى منظومة السلاح الكيماوي لا غير؛ وهذا أقل بكثير ممّا كان يمكن ويجب فعله بالطبع.

من ارتدع هم الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون، الذين بالغوا بالحذر الذي انتهجوه في اختيار الأهداف المهاجمة خشية استفزاز بوتين، وزير الدفاع ماتيس وقائد القوات المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد قالا بأنهما ورغم أنهما قيدا الأهداف المهاجمة خشية المساس بالمدنيين وخشية ان يتسببوا بأضرار جانبية؛ إلا ان الخوف في الواقع من إيقاظ الدب الروسي من رقاده كان هو الاعتبار الأساسي في اختيار الأهداف وأساليب الهجوم. الذخائر التي ألقيت بالقرب من دمشق كانت بالفعل "جميلة وجديدة ومتطورة" كما أشار إليها ترامب قبل أيام، لكن مفعولها الرادع كان لا شيء.

ويخلص بن يشاي إلى ان على إسرائيل ان تعتمد على نفسها، "الرد الغربي الركيك على أكثر من خمسين حالة استخدم فيها الأسد السلاح الكيماوي ضد مواطنيه بعيد عن ان يكون الخطوة الرادعة التي توقعوها في إسرائيل وفي العواصم الشرق أوسطية الأخرى. لم يبقَ لإسرائيل إلا أن تعتمد على نفسها، وتجهز الأدوات الهجومية والدفاعية للتأكد من أن سوريا لن تتجاوز الخط الكيماوي الأحمر في التعاطي معنا أيضًا".

أما صحيفة "نيويورك تايمز" فكتبت معلقة على الهجوم: ضرب الرئيس ترامب أهدافًا أكثر، واستخدم قوة نيران أكثر ممّا فعل في الضربة العسكرية المماثلة في العام الماضي؛ لكن في النهاية، اختار ترامب عملية محدودة كان من الواضح أنها محسوبة لتجنب استفزاز راعيي سوريا (روسيا وإيران) ودفعهما للانتقام.

وزير الدفاع الأمريكي ماتيس كان قد حذر من هجوم سريع دون استراتيجية عميقة، وحذر من جذب روسيا وإيران إلى مواجهة مع أمريكا، في بلد تمتلك فيه البلدان الثلاث قوات على الأرض، وقد كان واضحًا تأثير هذه المحاذير على خطة الهجوم.

بالنسبة إلى كل لغة ترامب الصارمة هذا الأسبوع، فإن البديل الذي اختاره لم يبذل أي جهد واضح لإلحاق الضرر بالآلة الحربية الأوسع نطاقًا للرئيس بشار الأسد أو لقيادة حكومته وسيطرته على قواته بخلاف أسلحته الكيمائية، لكن الرئيس ترامب كان يأمل بأن يكون ذلك كافيًا لردع الأسد عن استخدام الأسلحة الكيمائية مجددًا من دون أن يسبب ذلك ضررًا يرغم روسيا وإيران على التدخل.

الرد الإيراني هو قليل الاحتمالية بسبب محدودية الضربة، والخشية الأمريكية هي من تهديدات سايبر روسية إيرانية ضد المنظومات الغربية.

على الرغم من أن نتنياهو وحكومته باركوا العدوان الثلاثي على سوريا، وعبر بيان أصدره مكتب نتنياهو ومكالمات نتنياهو الهاتفية مع رؤساء دول العدوان الثلاثي الداعمة والمباركة للهجوم؛ إلا ان إسرائيل الرسمية لا تستطيع أن تخفي إحباطها وخيبة أملها من أهداف الهجوم وحجمه. وعلى الرغم من ان الإعلام الإسرائيلي سرّب في البداية ان الاستخبارات الإسرائيلية قدّمت معلومات وشاركت في تحديد بنك أهداف الهجوم؛ إلا ان الأهداف التي تم قصفها هي غير الأهداف التي كانت ترغب إسرائيل بقصفها.

دولة الاحتلال - التي سعت منذ بدايات الأزمة السورية إلى توريط أمريكا في الصراع على سوريا، لتضمن تأمين حضور مصالحها ومطامعها - أعربت عن غضبها من إعلان ترامب قبل أسبوعين عن نيته سحب قواته من سوريا. وقد سرب الإعلام الإسرائيلي ان نتنياهو هاتف ترامب معربًا عن استيائه، ومنتقدًا السياسات الأمريكية التي تفسح المجال بانسحابها أمام النفوذ الإيراني والروسي، وبعد يومين من تلك المكالمة حدث ما يزعم انه هجوم كيماوي في الغوطة، وكان من الواضح ان هذا الهجوم المزعوم استغل ووظف بشكل كبير لدفع أمريكا ودول العدوان لتنفيذ هجوم وسياسات عنيفة تجاه سوريا وإعادة النظر في استراتيجياتها، لكن السياسات والمصالح الأمريكية المحكومة بموازين القوى في المنطقة والحضور الروسي والإيراني فرضت على ترامب تبني ما تبناه سابقه في البيت الأبيض أوباما، وهي سياسة الانسحاب ممّا يسمونه بالمستنقع تدريجيًا، الأمر الذي يزعج إسرائيل كثيرًا ويشعرها بأنها ربما ستضطر للوقوف وحيدة، وأكثر ما يقلق إسرائيل أن تنسحب ذات السياسات فيما يتعلق بالملف الإيراني.