مسيرة العودة وإعادة تعريف العدو.. أحمد الغندور

الخميس 05 أبريل 2018 01:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
مسيرة العودة وإعادة تعريف العدو.. أحمد الغندور



ها هو الأسبوع الأول قد مضى على مسيرة العودة ولازال الاحتلال يمعن بارتكاب جرائمه ضد الأبرياء من المشاركين في هذه المسيرة بإيقاع المزيد من الشهداء والجرحى، ولعل المراقبين ووسائل الإعلام المختلفة في الميدان على حدود غزة أو في العالم بأسره يشهدون بسلمية مظاهر هذه المسيرة وبعدها عن كافة أشكال العنف رغم نزيف الدم المستمر.

كما يشهد المراقبون بأن الاحتلال ومنذ البدايات الأولى لمسيرة العودة وهو يشرع بالقيام بعدد لا بأس به من جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب عن قصد تام، عبر عنه عدد من مسؤولي الاحتلال دون مبالاة بالقانون الدولي العام، والقانون الإنساني الدولي، والقانون الجنائي الدولي أو حتى المؤسسات الدولية التي تبدو عاجزة أمام هذه الغطرسة الإسرائيلية الممعنة في جرائم القتل العمد، والأفعال اللاإنسانية التي تسبب المعاناة وتلحق بالجسم أذىً خطيراً، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها، وأخذ الرهائن، ومهاجمة المدنيين والمواقع المدنية، بالإضافة إلى الاعتداء على الطواقم الطبية ووسائل الإعلام.

هذا الاحتلال الذي لازال يغتصب إلى الأن حوالي 200 كيلو متر مربع، أو أكثر من نصف مساحة القطاع الحالي، إذ أن المساحة الحقيقية لقطاع غزة حسب اتفاقية الهدنة هي 555 كيلو متر مربع، وليس 362 كيلو متر مربع، كما هو مذكور في جميع وسائل الإعلام والوثائق المتداولة، ولازال يمارس التخريب والاعتداء على مساحات أخرى إضافية بشكل يومي على الأراضي المعروفة بـ "المناطق الحدودية" بالرغم أنها حقيقة داخل قطاع غزة.

غزة التي مرت بأكثر من عدوان إسرائيلي غير مبرر وأخرها العدوان في سنة 2008 والذي عُرف باسم "الرصاص المصبوب" وكذلك عدوان 2014 المسمى "الجرف الصامد" كما أطلق عليهما الاحتلال، لا يمكن لأي عاقل أن يُصرح بأن غزة قد تجاوزت أثار العدوان المضاعف، بل رافق ذلك حصاراً دولياً على غزة قضى على البقية الباقية من أشكال الحية الإنسانية في القطاع.

من المستغرب أن المجتمع الدولي عمل على عقاب غزة دون معاقبة الاحتلال؛ وكانت حجتهم في ذلك المقاومة العسكرية التي تصدت للعدوان الإسرائيلي في الحدثين المشار إليهما أعلاه، هذه الفرضية التي تنفي حق الشعوب في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الغير مبرر والغير شرعي، إضافة إلى المساواة بين الضحية والجلاد ضاعفت معاناة السكان في قطاع غزة وأحالته إلى قطعة من الجحيم دون النظر إلى الأبرياء المحاصرين في غزة.

بالرغم من ذلك؛ قامت غزة بخطوة غير مسبوقة باللجوء إلى المقاومة السلمية في مواجهة الاحتلال، مما لا يعطي أي طرف دولي العذر بالاستمرار في دعم الاحتلال بغض الطرف عن جرائمه والمساواة بين الضحية والجلاد.

فها هي غزة تعيد تقديم وتعريف الاحتلال بجرائمه الفاضحة والخطيرة التي دفعت مؤسسات حقوق الإنسان الدولية مثل " هيومان رايتس وتش " ـ مراقبة حقوق الإنسان" أو حتى الإسرائيلية مثل "بتسليم" إلى التنديد بجرائم الاحتلال، بل مطالبة جنود الاحتلال بالامتناع عن تنفيذ التعليمات الصادرة إليهم من قيادات الاحتلال بممارسة القتل لأنها تشكل جرائم مخالفة للشرائع والمواثيق الدولية.

فهل ستعمل المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة عن غض الطرف عن هذه الجرائم الفاضحة، وتمعن في الظلم بالمساواة بين الضحية والجلاد؟

هل حقيقةً يمكن اعتبار إحياء التراث بأشكال مختلفة، وممارسة الرياضة والقراءة والفن يشكل خطراً مباشراً على جنود الاحتلال؟ وبالتالي يمكن تشويه هذه الممارسات السلمية في مقاومة الاحتلال؛ ومن ثم العمل على اعتبار الاحتلال ضحية؟!

اليوم لا يمكن القبول بالصمت أمام هذه الجرائم، ولا يُقبل الاستمرار بالاحتلال والعدوان الظالم على الشعب الفلسطيني قرابة قرن من الزمان!

لذلك مرفوض من المطبعين في المنطقة الإسراع بمد طوق النجاة للاحتلال، ومنع المؤسسات الدولية من القيام بالدور المنوط بها وخاصة قيام محكمة الجنايات الدولية بفتح ملف للتحقيق في جرائم الاحتلال، ومنع الأمم المتحدة من اتخاذ الإجراءات اللازمة للجم الاحتلال.

إن الشعب الفلسطيني وقيادته قادرون على المضي قدماً في مقاومة الاحتلال مهما طال الظلم من العدو أو حتى من القريب أو البعيد وبكافة الوسائل المشروعة، ولا نقبل التهديد والتخويف، ولن نتنازل عن ذرة تراب من فلسطين بمقدساتها كاملة، ولن يستطيع كائن من كان إيقاف قطار العودة الذي انطلق عائداً إلى القدس ويافا وحيفا وعكا وسائر المدن والقرى الفلسطينية.

إن من راهن على نسيان الصغار من الشعب الفلسطيني لوطنهم التاريخي وتخليهم عن حق العودة بموت الأباء قد خسر خسرانا مبيناً، والمصير ذاته سيناله المطبعين الذين يسعون إلى بيع الوهم خدمة للاحتلال وإنقاذاً له من مصيره المحتوم بالاندثار.

فلا قرت أعين الجبناء.