لي نعجةٌ واحدة ... يوسف عودة

الأربعاء 14 مارس 2018 03:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
لي نعجةٌ واحدة ... يوسف عودة



مما لا شك فيه أن أول شيء يتبادر إلى أذهاننا عند قراءة العنوان خاصةً لمن يعرف الآية، "إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ"، الآية (23) من سورة ص، يدرك وللوهلة الأولى بأن المقصود من الحديث برمته "الطمع"، هو نفسه الطمع الذي لازم البشر على مر التاريخ وحتى منذ خلق آدم، فإبليس نفسه؛ طمعِه بالتفرد والصدارة جعله يوسوس لآدم وحواء، ومن ثم تغيير مسار حياتهما؛ وبالطبع هذا كله بإرادة الله سبحانه، ومن ثم وبعد نزولهما إلى الأرض والعيش فيها حسب ما قدره الله لنا؛ جاء طمع قابيل الذي أودى به لقتل أخيه هابيل؛ واستمر الحال على هذا المنوال حتى يومنا هذا، وسيستمر حتى قيام الساعة، فالأمر مفروغٌ منه، لأن الطمع بذاته؛ هو من أهم وأصعب الإختبارات التي تم وضعها من الله سبحانه وتعالى للبشر، كمقياس لصلاحهم وفلاحهم وتقواهم في الحياة.

والمتتبع لقصص السابقين وحتى للقصص التي تحدث في وقتنا الحاضر، يدرك حجم المخاطر التي يشكلها الطمع على المجتمع برمته، فأثر الطمع يظهر وبدون مقدمات في تهدم القيم والمبادئ لدى البشر، فطمع الشخص ينتقص من حقوق الأخرين، وأحياناً يؤثر على سير حياتهم، الأمر الذي يؤدي بهم إلى تغيير وجهتهم ومعتقداتهم بدرجاتٍ عالية، وبهذا يكون الأمر؛ تحقيق طمعٌ شخصي سبب رئيسي في دمار وتدمير مبادئ حياة لدى أشخاص أخرين جُل ما يتمنونه هو العيش بسلام، وعلى الرغم من أن للطمع مكانه يحاسب عليه العبد أي بما سببه للأخرين من إشكاليات، إلا أنه وللأسف غير مدرج في تعاملات الحياة.  

والأصل في الطمع؛ أن يكون طمع الإنسان في دينه لا في الحياة برمتها، وبهذا يكون الطمع هنا محموداً، كأن يطمع الإنسان في عمل الخير والإكثار منه، أو الطمع بكثرة الإستغفار ودخول الجنة كما جاء على لسان سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء "وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" (82)، ولكن الواقع يختلف كثيراً عن هذا الأصل؛ فالإنسان يطمع بكل ما في الحياة ويركن دينه جانبا وكأن الأمر لا يعنيه.