كيف مكّن سلاح الإشارة المجلس العسكري لـ"كتائب القسام" من الإنعقاد الدائم؟

السبت 27 يناير 2018 01:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف مكّن سلاح الإشارة المجلس العسكري لـ"كتائب القسام" من الإنعقاد الدائم؟



غزة / سما/

القسام - خاص :

لا يمكن لممارسة القيادة أن تتحقق بفاعلية دون توفر وسائل وقنوات مناسبة للاتصالات، ويجب أن تكون مجدية وآمنة، فسلاح الإشارة يمنح الدعم الكامل للقائد والجندي في أثناء المعركة، ولعل «فقد الاتصال بـالقيادة» من أسوء العبارات التي من الممكن أن تمر على الجندي أثناء الحرب، أو أن يفقد اتصاله بقيادته ومجموعته، كما أنه أسوء خبر على القائد فقْد اتصاله بجنوده الذين هم أدواته لتنفيذ الخطط التي سهر الليالي من أجلها.
ويؤدي سلاح الإشارة دوراً محورياً في الجيوش المُعاصرة، فهو بمثابة العين التي تبصر بها القوات وكذلك عصبها الحيوي الذي من خلاله يتم التحكم والسيطرة في المعارك والحروب .
 ونظراً لهذه المكانة التي يتمتع بها وضع من القيادة العسكرية العُليا على سُلم الأولويات من أجل الرقي به وازدهاره، ليكون قادراً على إيصال المعلومة المناسبة من الجنود إلى القيادة في الوقت المناسب، وإيصال التوجيهات والأوامر من القيادة إلى الجنود في الوقت المحدد، وتبادل الآراء والخبرات والمعلومات المهمة بين القيادة.

الاتصالات في القسام

كانت الاتصالات بين مجموعات وخلايا كتائب القسام تتم مع بدء تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي بطرق بدائية، إما بواسطة «النقطة الميتة» أو «مُراسلي البريد»، حيث كانوا يتكفلون بنقل وإيصال الرسائل التي كانت أغلبها مُشفرة وتتضمن أخبار ومعلومات وتقارير أمنية أو أوامر وتعليمات.
ومع مجيء السلطة الفلسطينية أصبحت كتائب القسام تستفيد من خدمات الاتصالات اللاسلكية والتي عُرفت وقتها بـ"البيلفون"، لكن سرعان ما أدركت الكتائب المُهدِدات الأمنية التي تُلحِقُ بقيادة الجهاز العسكري والتي عن طريقها جرى اغتيال مهندسها الأول يحيى عياش المهندس الأول في كتائب القسام. 
وظلت كتائب القسام تستخدم الاتصالات الخلوية الصهيونية والفلسطينية «الميرس، والجوال» حتى بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، لكن العدو سرعان ما كان يُشوش عليها أثناء إقدامه على تنفيذ عمليات الاجتياحات للمخيمات الفلسطينية الأمر الذي يُبقي مُعضلة فقدان الاتصال بين مجاهدي القسام ماثلةً أمامهم.
كان استمرار مُشكلة التشويش على الاتصالات أثناء المواجهات مصدر قلق للمُقاتلين في الجبهات، لكن ذلك كان باعثاً ومُحركاً للبحث عن بدائل أخرى، وفي أثناء عملية اجتياح «قوس قُزح» عام 2003م نجحَ القائد الشهيد رائد العطار في إدارة معركة المواجهة وإصدار التعليمات، ورصد تحركات العدو لجميع المجاهدين، وذلك بواسطة أجهزة اتصالات لاسلكية «ماخشير».
ومنذ تلك اللحظة تجسدت الأفكار والإرهاصات الأولى لنشأة سلاح الإشارة في كتائب القسام، ولاقت وقتها شبكة الاتصالات اللاسلكية استحسان جميع قادة الألوية، التي أخذت شكلًا أكثر ترتيبًا عام 2005م حيث أسس سلاح الإشارة.
وقد ساهمت الاتصالات حتى عام 2008م في إنجاح العمليات العسكرية التي أدت إلى طرد العدو من غزة، وكذلك إنجاح عملية «الوهم المتبدد»، فأصبحت قواعد الإشارة ومجاهدوها هدفاً للعدو، الذي استهدفها بالصواريخ في محاولةٍ منه للقضاء عليها.

تنظيم سلاح الإشارة

مرّت عمليةُ تنظيم سلاح الإشارة بمرحلتين هامتين كانتا بمثابة الانطلاقة التي رسمت الأُسس التنظيمية لهذا السلاح الحساس، تمثلت المرحلة الأولى في تزويد كتائب القسام مجموعاتها بأجهزة اللاسلكي، وكان لها الأثر البارز في وضع المجاهدين بما يجري على أرض الميدان.
بينما جاءت المرحلة الثانية مع نجاح مشروع شبكة الاتصالات السلكية التي مكنت القيادة من التواصل مع بعضها البعض وتنسيق خطة النيران، والتواصل مع الميدان في أحلك الظروف والأوقات، حيث وفرت هذه الشبكة عنصر التأمين للقوات وأماكنها وحفظت أسرارها.
وغدت الرافعة للعمل العسكري المقاوم لما توفره من احتياطات الأمان، والسهولة في تداول المعلومات، بأقل جهد ووقت ممكن، وأصبحت شبكة الاتصالات السلكية التي بدأ العمل بها بشكل موسّع بعد انتهاء معركة «الفرقان»، وبإشراف القائد الشهيد رائد العطار مرحلة فارقة في تاريخ سلاح الإشارة القسامي، حيث جاء قرار العمل بها كنتيجة التوصيات التي تمخضت عن اللجنة الفنية لدراسة طبيعة إدارة وتأمين القوات في الحرب.
وكان من أبرزها العمل على تعميم فكرة الاتصالات السلكية والتي كانت مُطبقة أثناء الحرب في كتيبة التفاح. كان لهذا القرار بالغ الأثر على تطور منظومة الاتصالات، حيث باشر فرسان سلاح الإشارة مهامهم كباقي تخصصات كتائب القسام في الإعداد لتأمين اتصالات القيادة مع القوات، والقوات فيما بينها ضمن الأعمال التنسيقية، ونجح أفراده خلال وقت قصير في جعل الشبكة تغطي كافة مناطق قطاع غزة. 
ومع أول اختبار لها أثبتت فعاليتها حيث نجحت البنية الرصينة لسلاح الاتصالات خلال معركتي «حجارة السجيل» و«العصف المأكول» في تهيئة الظروف المناسبة لقيادة وسيطرة آمنة بعيدة عن قدرات العدو، مكّنت المجلس العسكري من الانعقاد الدائم ومتابعة مجريات المعركة، إذ كان المجلس العسكري بمثابة هيئة أركان حرب منعقدة تدير شئون المعركة بكل تفاصيلها.

مهام معقدة

أصبح سلاح الإشارة السلكي اليوم يؤدي دوراً حيوياً في تأمين القوات من الناحية المعلوماتية، سواء أوقات الهدوء حيث يقوم مجاهدوه بتطوير الشبكة، وكذلك الصيانة المستمرة لها، وتأمينها من استخبارات العدو سواء بإخفاء خطوطها أو بحمايتها من عمليات التنصت، أو في خلال التصعيد حيث يقومون بمهام معقدة ودقيقة للحفاظ على إتمام عملية السيطرة والتنسيق والتي هي العصب الحيوي لأي جيش.
ولا سلاح الإشارة يعمل على توفير التواصل الذي تحدثنا عنه في البداية ورفع الروح المعنوية للجبهة الداخلية وتخذيل الخصوم، لذلك فإن الإخوة العاملين في تخصصات الإشارة لهم أهمية كبرى أثناء وقبل المعارك، لأنهم يحافظون على هذا السلاح ويعملون على حمايته من التلف أو الاختراق، فهم الجنود المجهولون في المعارك.

عن موقع القسام