صحيفة :خشية من تضامن الرياض مع واشنطن ووقف مساعداتها للاونروا

الجمعة 05 يناير 2018 10:27 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة :خشية من تضامن الرياض مع واشنطن ووقف مساعداتها للاونروا



لندن /وكالات/


غض الطرف وانتظار “الكارثة” بالنسبة للاردن لم يعد خياراً حين يتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف التمويل الامريكي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا، فهذا يعني تحديدا مضيّ واشنطن بخطتها لتصفية القضية الفلسطينية على حساب عمان ودون أي تفاوض.
ورغم ان تهديد الرئيس الامريكي للسلطة الفلسطينية بدا منصبّاً على تمويلها الخاص، الا ان الخطورة العملية لا تتشكل في ذلك وانما اكثر في ما اعلنته سفيرته في الامم المتحدة من وقف الدعم الامريكي للاونروا، حيث تتحمل واشنطن اكثر من 365 مليون دولار من ميزانية الوكالة الدولية لتكون صاحبة اعلى حصة على الاطلاق في ذلك، الامر الذي يعني ان تخليها عنها تعني بالضرورة “تفكك المنظمة” وهو حرفياً ما اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي في النصف الثاني من العام الماضي انه طلبه من السفيرة هايلي ذاتها.


وقف تمويل الاونروا يعني حتما ان واشنطن مجددا تصفع المجتمع الدولي، كما فعلت في قضية القدس، وهي “تصفّي”- وفقا لتغريدة ترامب عن التفاوض- قضايا الوضع النهائي واحدة تلو الاخرى ولحساب الاسرائيليين بالطبع، بدءا بالقدس التي يعتبر الرئيس الامريكي انها “خرجت” من المفاوضات بإعلانها عاصمة لاسرائيل، واليوم بتصفية القضية الشائكة الثانية المتمثلة باللاجئين الفلسطينيين، والتي تستضيف عمان النسبة الاعلى منهم سيجد العالم نفسه امام امر واقع جديد.


العام الماضي، وفقا لما اشار له مقال منشور للباحث علي الهويدي من بيروت، شهد اعلى موجة تغييرات و”تآمر” على الاونروا، فنتنياهو يدرك جيدا ان وجود الوكالة الدولية وحده هو ما يضمن للاجئ الفلسطيني حقه في العودة لفلسطين لاحقا، وهو ما يخلخل طبعا ديمغرافيا يرسمها الاسرائيليون لصالحهم منذ اكثر من 100 عام.
معنى الرغبة الجامحة اسرائيليا وامريكيا بتفكيك المنظمة، التي أنشئت عام 1949، مرتبط مباشرة بالفتك بحقوق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات المنصوص عليه دوليا للفلسطينيين، وهو الامر الذي تتذرع الولايات المتحدة اليوم لتطبيقه بالحديث عن “رفض الفلسطينيين للتفاوض على الطاولة الامريكية”، بينما هي عمليا ومنذ بداية عام 2017 تنسق انشطتها لتفكيك المنظمة وضم الفلسطينيين لغيرهم في المفوضية العليا للاجئين.


في الحالة المذكور لن تعاني فلسطين وحدها والسلطة من التبعات، بل قد تكون الاخيرة هي من اقل المعانين، فالاردن ولبنان وسوريا ستكنّ الدول الاكثر معاناة في ضوء الوقائع التي ستقضي بتوطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها، وحرمانهم من حقوقهم في التعويض والعودة وهو ما كانت عمان طوال الوقت تناضل لئلا يحصل.
الحديث عن تعويض عن الحصة الامريكية يتطلب تحركا سريعا قد يلزم الاتحاد الاوروبي (ثاني المساهمين بنحو 160 مليون دولا) ثم الالماني والبريطاني والسويدي والياباني والسويسري والنرويجي والهولندي (وهم المساهمون 4-10 بالترتيب في حصص تتراوح بين نحو 74 مليون لالمانيا و نحو 22 مليون لهولندا) على تغطية الفرق الذي يصل لاكثر من مضاعفة الحصص.
هذا ناهيك عن التأكد من مضيّ السعودية – الحليفة جدا اليوم لنظام ترامب- في دفع حصتها اصلا (وهي ثالث اكبر حصة بعد اميركا والاتحاد الاوروبي بـ 148 مليونا، قبل مطالبتها بمضاعفتها، او حتى الطلب لدول عربية اخرى في المساهمة بحصص اكبر.


الضربة الكبرى التي قد تتلقاها الاونروا لن تكون فقط في حال توقف واشنطن عن دفع حصتها من التمويل وانما في حال تضامنت معها الرياض وهي التي استدعت الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس قبل ايام على غرار ما حصل قبيل اعلان ترامب القدس عاصمة لاسرائيل.


الرياض اليوم تضغط وبقسوة على الفلسطينيين ليقبلوا طرح ترامب الذي سربت سلفا عنه صحيفة نيويورك تايمز انه يتضمن تصفية كل قضايا الوضع النهائي، ويتضمن ايضا انهاء حق العودة، وهو الامر الذي يعني ايجاد حلول بديلة للفلسطينيين بطبيعة الحال على حساب الاردن.
الاردن اليوم يفترض به ان يواصل جهده الدولي في اتجاهين: اولا التحشيد دوليا ضد ما يقوم به الرئيس الامريكي من خطوات احادية وهو الامر الذي يضرب اصلا بكل القرارات الدولية بعرض الحائط، وثانيا ايجاد بديل لواشنطن في اي مفاوضات محتملة. والاردن وحده القادر على العمل بزخم دولي كبير في الملف خصوصا مع توطيد جبهة التحالف مع الاتراك باعتبار الاول رئيس القمة العربية، وانقرة رئيسة القمة الاسلامية.


بكل الاحوال، المزيد من التصعيد الامريكي اليوم بات متوقعا، بينما لا يخدم عامل الوقت عمان ابدا، فقضية اللاجئين بالتوازي مع قضية القدس- ان تم الاقرار بهما- تنبئان بوضوح بأردن مختلف عن ذلك الذي نعرفه.

راي اليوم