صفقة القرن.. القدس مقابل إيران!! ..نشوى الحوفي

الخميس 28 ديسمبر 2017 10:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT



تدرك من وقائع التاريخ الفارق بيننا كعرب وبين الصهاينة. هم يُقرون خططهم ويعلنونها ويعملون عليها كأمر واقع لا جدال فيه، بينما يبحث كل طرف من العرب عن مصالحه الضيقة فى تلك الخطط، فيكون التفاوض والتعاون مع الصهاينة فى الخفاء والشجب فى العلن! والنتيجة أن أصبح العرب منتِجاً منفِّذاً بأموالهم لما خطط له عدونا. هكذا الحال منذ إعلان مؤتمر «بازل» عام 1897 قيام دولة إسرائيل خلال نصف قرن من ذلك التاريخ، وهو ما كان.

ولذا لم أتوقف أمام من أيّد بالتصويت مشروع القرار المصرى فى مجلس الأمن وإعادة طرحه من قبَل تركيا واليمن فى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإعلانه بتأييد 128 دولة ومعارضة 9 دول وامتناع 35 عن التصويت. فإلى جانب كونه غير ملزم لأى طرف، فإن ما يعنينى هو المواقف على الأرض لا العبارات الرنانة.

ومن هنا أتوقف مع تقرير صحيفة «ميدل إيست آى البريطانية» التى تتحدث عن صفقة القرن التى يتحدث عنها الأمريكان وانتشرت كتعبير سيئ السمعة منذ زيارة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى وكبير مستشاريه، للرياض فى شهر نوفمبر الماضى ولقائه بالأمير محمد بن سلمان، ولىّ العهد السعودى، ومناقشة ملامح الخطة معه، وبالتالى عرضها على الفلسطينيين. نعم، الجميع يعلم تفاصيل التحرك الأمريكى وملامح الخطة التى من المقرر إعلانها بشكل رسمى فى أوائل العام 2018، ولكنهم ينكرون ما تؤكده الوقائع.

«ميدل إيست آى»، ومن قبلها «واشنطن بوست» الأمريكية، تحدثتا عن ملامح الخطة وتضمنها إقامة دولة فلسطينية حدودها قطاع غزة والمنطقتان «أ» و«ب» وأجزاء من المنطقة «ج» فى الضفة الغربية، مع التزام الدول المانحة بمبلغ 10 مليارات دولار للبنية التحتية بما فى ذلك مطار وميناء بحرى فى غزة ودعم مجالات الاقتصاد الفلسطينى مع تأجيل قضيتَى القدس وعودة اللاجئين لحين ميسرة، وبدء محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية بقيادة السعودية. ومن هنا يمكن فهم تصريحات وزير خارجية السعودية لقناة «24» الفرنسية يوم 15 ديسمبر الحالى بثقته فى جدية «ترامب» فى إحلال السلام بين العرب والإسرائيليين!

لا بد هنا من التذكير بقرار الكنيست منذ العام 1980 باعتبار القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، وموافقة الكنيست منذ أيام على الصيغة الأولى لقانون القومية الذى يعلن إسرائيل وطناً قومياً لكل يهود العالم، مع منح مكانة للغة العربية من دون الاعتراف بها! ليكون السؤال: أى سلام تتحدث عنه السعودية وإدارة «ترامب» مع إسرائيل؟ الإجابة تكمن فى تصريحات ولىّ العهد السعودى لمستشار الرئيس الأمريكى التى تم تسريبها للإعلام الغربى عن تحمُّسه للتوصل إلى سلام بين إسرائيل والعرب كخطوة أولى يتم بعدها تشكيل ائتلاف بين السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيرانى!؟ لتكتشف أن صفقة القرن لا تعنى إعادة الأراضى المحتلة ولكن تعنى «القدس مقابل إيران»! فولىّ العهد السعودى يرى أن صراع بلاده مع إيران صراع وجود على النفوذ، ويصدق أن إسرائيل وأمريكا حليفان يمكن الوثوق بهما! دون أن يدرك أن بلاده وإيران لعبة فى يد إسرائيل وأمريكا منذ خطة برنارد لويس- بيرجنيسكى. السعودية تظن فى أمريكا السند، وإيران تصدق وهم الزعامة والهلال الشيعى.. وكلتاهما لعبة فى يد الصهيونية.

وتتعجب حينما تقرأ أن البحرين، وفقاً لتقرير نشرته «فورين بوليسى»، سمحت لوفد منها قوامه 23 فرداً بزيارة إسرائيل يوم 9 ديسمبر، أى بعد ثلاثة أيام من قرار «ترامب»، بدعوى عرض سماحة البحرين فى التعامل مع العقائد الأخرى! وكأن إسرائيل هى اليهودية أو كأن البحرين ليس بها مواطنون يهود من أبرزهم هدى نونو سفيرتها فى واشنطن من 2008 إلى 2013! ثم تقرأ حواراً لوزير الاستخبارات الإسرائيلى «يسرائيل كاتس» مع موقع «إيلاف» السعودى مروِّجاً لاقتراح للخليج بإعادة خط سكة حديد «حيفا- الحجاز» ليربط إسرائيل بالخليج اقتصادياً مروِّجاً للفكرة بأن ربع التجارة التركية للخليج يدخل من حيفا!

ليبقى السؤال: ماذا بعد القدس وماذا بعد إيران يا عرب؟

عن الوطن المصرية