حركة فتح بين حسابات السياسة و متطلبات التأسيس لإنتفاضة شعبية..محمد حجازي

الأربعاء 27 ديسمبر 2017 10:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حركة فتح بين حسابات السياسة و متطلبات  التأسيس لإنتفاضة شعبية..محمد حجازي



بدون أدنى شك أن قرار الرئيس ترامب  , بإعتبار القدس عاصمة لإسرائيل , ونقل السفارة  الأمريكية إليها , أحدث رد فعل هائلة على الصعيد العالمي , تمخض عن ذلك ما شاهدناه  في جلسات مجلس الأمن الدولي  , و الجمعية العامة للأمم المتحدة  حالة الرفض العالمي الرسمي و الشعبي , أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد , بإعتبارها قضية عادلة , حيث كانت المواجهة واضحة ضد قرار ترامب ,  رغم التهديد و الوعيد بقطع المساعدات , رغم ذلك صوت  " 129 "  دولة   في الجمعية العامة للأمم المتحدة  , في تحدي واضح لإدارة ترامب .

شعر الفلسطينيون بأنهم ليسوا وحدهم في المواجهة , حيث شكل القرار الأمريكي صدمة كبيرة لهم , أن تتحول الإدارة الأمريكية من راعي لعملية السلام إلى , إلى تابعا و منفذا لرغبات نتياهو  شيء آخر  , وبهذا تكون الإدارة الأمريكية غيرت إستراتيجيتها في المنطقة العربية , وعزلت نفسها عن الرعاية و الوساطة .

 بعد قرار ترامب وجدت قيادة السلطة وفصيلها حركة فتح نفسيها  أمام سؤال المرحلة   "  بعد الفشل المراهنة على التسوية و على الرعاية الأمريكة "  ,  إما البقاء و المراوحة في المكان أو التحرك و الإنتقال , إلى مرحلة نضالية , عنوانها التحدي و الدفاع عن مشروعها وقيادتها لشعبها وقبل كل ذلك لملمة شملها  .

قرار تشكل الحركة لجان فتحاوية في كل المناطق الفلسطينية ,  بحسب  مجلسها الثوري هام جدا ,   لتنظيم التظاهرات ولجعلها أكثر فاعلية , خاصة أننا شاهدنا جزءا هاما من قيادات الحركة  في مقدمة التظاهرات , هذا المشهد غاب عن الشارع الفلسطيني في المرحلة السابقة , خروج فتح بهذا الشكل , أولا  :   يعيدها إلى دورها النضالي و الكفاحي , الذي فقدته إلى حد كبير في المرحلة السابقة , وثانيا  :   بمثابة  الدفاع عن النفس وعن دورها , خاصة و إن إسرائيل تتحدث صراحة و جهارا عن ضرورة إستبدال هذه القيادة بأخرى , وهنا ليس المقصود الرئيس أبو مازن فقط  بل رأس فتح و قيادتها الحالية ,  وهذه إسطوانه مشروخة سمعناها مرارا وتكرارا  , ولكن في هذه المرحلة المشهد أشد خطورة  .

و أمام مشهد إنتقال فتح إلى الشارع , يطرح أيضا عدة أسئلة , أولها  هل حركة فتح تستطيع الإنتقال إلى هذه المرحلة و بكل زخمها , و هل تستطيع قيادة حركة فتح التضحية بكل الإمتيازات التي حصلت عليها  , و السؤال الأهم من كل ذلك هو القدرة على التحرك بين المحاور في الإقليم , في سعيها للبحث عن البدائل السياسية على الأرض   .

إن صوغ برنامج سياسي جديد لهذه المرحلة الحساسة يقتضي وحدة الحالة الفلسطينية , وتأسيها على قاعدة الشراكة السياسية في منظمة التحرير , لا وقت لتضيع الوقت , و على حركة حماس أن تعي , أن مشروعها  أولا  كدولة في قطاع غزة قد  إنتهى , و ثانيا برنامجها في المقاومة , وصل إلى طريق مسدود ,   كما فشل مشروع الرعاية الأمريكية و التسوية   ,  فالعودة إلى الوراء فيما يخص المصالحة , كما أتضح من الكثير من الإشارات التي تصدر عن حركة حماس , و الحديث على فشل المصالحة وبالتالي العود إلى خيار غزة  " الدولة  " حديث خطير جدا , يعزز الإنقسام و يتساوق مع مخططات الإحتلال بتقسيم الفلسطينيين و التشكيك بتمثيلهم السياسي , وعزل قطاع غزة عن الضفة و مدينة القدس , بل أكثر من ذلك عزل القطاع عن القضية الفلسطينية .  ولكن قبل مطالبة حماس وجب على قيادة السلطة إلغاء كل الإجراءات التي إتخذتها صد قطاع غزة .

 بالمقابل تحضير حركة فتح نفسها , لقيادة الشارع الفلسطيني نحو إنتفاضة ثالثة على طريقة إنتفاضة 87 , شيء هام يساهم في بلورة رؤية فلسطينية جديدة , عنوانها وحدة الفلسطينيون ووحدة قضيتهم , و يجب التنبه فيما لو ذهبنا إلى إنتفاضة ثالثة , عندها الإحتلال الإسرائيلي لن يقف ساكنا , مدعوما من الإدارة الأمريكية , من المؤكد بأنه سيتخذ إجراءات عقابية متواصلة , تبدأ بسحب ومصادرة عائدات الضرائب , ولا تنتهي بسحب كل بطاقات الشخصيات المهمة , ولكن عندها العالم سيقف على قدم واحدة يساند الفلسطينيين و يدعمهم و أن الجماهير العربية الغارقة في مشاكل المحلية , لن تسكت على تهميش القضية المركزية .

لكل إنتفاضة فرسانها و قادتها المتمرسين في العمل الجماعي  , فالعمل الميداني في وجه المحتل هو الذي يوحد الفلسطينيين , وبمقدار إبتعادنا عن المواجهة مع الإحتلال بمقدار ما تفرقنا وكل طرف يبدأ بالبحث عن أجندته الخاصة .  ولضمان هذه المعادلة و جب التأكيد على أنه في هذه المرحلة , إن الشكل المناسب لنضالات الفلسطينيين هو ذهابهم إلى إنتفاضة شعبية عارمة  غير مسلحة , لضمان إبتعادها عن العمل النخبوي , الذي يسهل على الإحتلال إحتوائه , كما حدث في إنتفاضة 2000  ,  فبقاء  شكل المشاركة الشعبية غير المسلحة هو الأفضل   ,  فهي أقوى سلاح يمتلكه الفلسطينيون في هذه المرحلة , و يجعل من العالم يدعمنا أكثر , و من جهة أخرى وجب على الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة , و في هذه المرحلة الحساسة , وقف إطلاق الصواريخ  , لفتح المجال و التركيز على الإنتفاضة , فالحرب على القطاع  من الممكن أن تحبط و تجهض الإنتفاضة , الهدف الذي تسعى إسرائيل  إلى تحقيقه , واخيرا و لإعطاء الإنتفاضة زخما جماهيريا أكبر وهذا ما تفتقده حاليا  ,  و جب التوافق و التنسيق وتشكيل لجان في كل مدينة و قرية و حي ,  من كل مكونات الحالة الفلسطينية  و قبل كل ذلك ضمان السقف السياسي المناسب للإنتفاضة  , و أن لايهبط للبحث عن البدائل بعودة الرعاية الأمريكية وفتح مسارا جديدا للتسوية   .

كاتب من فلسطين