الفلسطينيون يستبدلون «ترامب» !هاني حبيب

الأربعاء 27 ديسمبر 2017 10:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الفلسطينيون يستبدلون «ترامب» !هاني حبيب



بمراجعة ما تضمنته استراتيجية الأمن القومي الأميركي التي أعلنها الرئيس ترامب الأسبوع الماضي، وبعد أيام قليلة من إعلانه أن القدس هي عاصمة الدولة العبرية، بالتوازي مع الضربات السياسية التي تلقاها من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، في سياق هذه الاستراتيجية، فوجئ المتابع لما احتوته من مواقف استراتيجية، أن الولايات المتحدة برئاسة ترامب لم تولِ الأهمية الضرورية على ضوء هذه المواقف للملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وذلك خلافاً لكافة التوقعات على ضوء الأولوية التي حاولت إدارة ترامب أن توليها لهذا الملف، سواء من خلال التصريحات أو المواقف التي كان أبرزها الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل بالتوازي مع التصريحات النارية من قبل ترامب وطاقمه السياسي، خاصة مندوبته إلى الأمم المتحدة نيكي هيلي ومبعوثيه إلى الشرق الأوسط، كوشنير وغرينبلات، وترجمت هذه التصريحات من خلال الضغط المالي والاقتصادي على عدة دول «ضعيفة»، لكي لا تصوت على القرارات الدولية لصالح القضية الفلسطينية بالموافقة عليها، إضافة إلى التهديد الدائم والآني بتقليص حصة الدعم المالي للمنظمة الدولية على خلفية انتصار المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية.
إلاّ أن ما يجري على الأرض، يتجاوز تجاهل هذا الملف نسبياً في سياق استراتيجية الأمن القومي، لاتخاذ خطوات منسقة أميركية ـ إسرائيلية سريعة وواسعة وفعالة في سباق مع الزمن لخلق وقائع جديدة على الأرض، والعنوان الأساسي هنا يتمثل في توسيع رقعة الاستيطان وتغيير معالم العاصمة الفلسطينية، القدس المحتلة، من خلال قرارات ومشاريع قرارات متتالية سيناقشها البرلمان الإسرائيلي ـ الكنيست ـ لكي تكتسب «شرعية قانونية» لعلّ أخطرها إمكانية التقدم بمشروع قرار إلى الكنيست من قبل الليكود بضم الضفة الغربية نهائياً إلى دولة الاحتلال، وبالتالي، منح المستوطنات والمستوطنين الغطاء القانوني، إضافةً إلى فتح الباب أمام الإسرائيليين، أفراداً وجماعات، للبناء والسكن في أي مكان من الضفة الغربية من دون العودة إلى مؤسسات الدولة العبرية، على أساس أن من حق كل إسرائيلي، أن يختار مكان إقامته في الدولة العبرية، ومع أن إمكانية إقرار هذا المشروع تبدو صعبة بالنظر للمخاطر الديمغرافية التي يطرحها، ما يجعل بعض أطراف الائتلاف الحكومي يتخذ موقفاً معارضاً، إلاّ أن مجرد طرح مثل هذا المشروع، يعتبر حدثاً خطيراً بحد ذاته كونه يكشف حقيقة المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى إنهاء حل الدولتين بشكل لا يقبل مجرد التفكير فيه!
رد الفعل الفلسطيني على قرار ترامب، كان مفاجئاً للقيادتين، الإسرائيلية والأميركية، وفي الغالب، لم تتحسب لهذا الموقف الذي أزاح الولايات المتحدة عن دورها كوسيط، ما دفع إدارة ترامب إلى البحث عن بديل للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي بدوره، وكان سباقاً في هذا السياق، بدأ بتهيئة البديل الطبيعي، والموضوعي للدور الأميركي الراحل، المنظمة الدولية، مستفيداً في ذلك من هذا الدعم على مستوى المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية وعزل وحصار الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، وفي سبيل ذلك، كان لا بد من تسجيل اختراق على المستوى الدولي، للولوج إلى هذا البديل، من خلال أقطاب السياسة الدولية الراهنة: روسيا والصين وفرنسا، إذ ليس مطلوباً في السياق السياسي الراهن، عقد مؤتمر في موسكو أو بكين أو باريس، لم تعد هذه الخيارات قائمة في ظل ضرورة أن تجتمع هذه القوى لدعم التوجه الفلسطيني إلى البديل الموضوعي، الأمم المتحدة، ولكل طرف من الأطراف الثلاثة، مساحة من الافتراق أو التعارض مع المواقف الأميركية، ليس فقط انطلاقاً من اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، بل وقبل ذلك، من خلال السياسات التي رسمها ترامب على الصعيد الأطلسي والدولي عموماً، ولعلّ الحديث عن مؤتمر تحضيري تقوده الدول الثلاث بشأن القضية الفلسطينية، على أساس التمسك بالقرارات الدولية، يشكل المحطة الأولى لانطلاق قطار التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، إلاّ أن ذلك يتطلب أولاً وقبل كل شيء أن تقوم هذه الأطراف الثلاثة، بتفعيل موقفها المعارض لقرار ترامب، ليس فقط من خلال التصويت ضده، بل بالاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي أقرّته الشرعية الدولية في قراراتها المختلفة التي أشارت إلى أن الضفة الغربية بما فيها القدس، أراض محتلة يستوجب جلاء الاحتلال عنها.
إن جدية المجتمع الدولي عموماً، والأطراف الثلاثة المشار إليها، في دعم إيجاد بديل موضوعي عن الدور الأميركي، تحت الاختبار الفعلي من خلال الإعلان عن هذا الاعتراف أولاً، واستخدام كل نفوذها لإقناع دول العالم بالحذو حذوها!

Hanihabib272@hotmail.com