برنامج النقاط الثلاث..فؤاد أبو حجلة

الأربعاء 13 ديسمبر 2017 02:23 م / بتوقيت القدس +2GMT
 برنامج النقاط الثلاث..فؤاد أبو حجلة



لم يعد ممكنا قبول الجمود والتشبث بالصيغ التسووية القديمة الفاشلة التي تجاوزتها الحالة الفلسطينية منذ إعلان رئيس أمريكا الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل وقراره نقل سفارته إلى المدينة المحتلة.

ليس مقبولا اعتماد هذه الصيغ في الرد على القرار الأمريكي الأحمق، ليس فقط لأنها صيغ أثبتت فشلها، ولكن لأن الفعل الشعبي الفلسطيني وردود الفعل القوية ضد هذا القرار في عواصم وشوارع العرب والمسلمين ومعظم دول العالم تجاوزتها وتقدمت عليها كثيرا.

وإذا كان صعبا في ظل حالة الضعف والهوان العربي أن يعود الفلسطينيون إلى المطالبة بحقهم المشروع في ترابهم الوطني من الناقورة إلى رفح، فإن ذلك لا يعني إطلاقا استسلامهم لأقدار أوسلو، ولأفكار واشنطن التي ترسخ الاحتلال وتعمل على شطب الوجود الفلسطيني بالمطلق.

لذا يبدو منطقيا البحث عن نقاط انطلاق جديدة للمشروع الوطني الفلسطيني، والانتقال من حالة رد الفعل إلى حالة الفعل السياسي المنتج المدعوم بموقف شعبي يتجلى الآن في القدس ومدن الضفة والقطاع.

هذه الانطلاقة الجديدة التي ينبغي أن تكون مواكبة للموقف الشعبي والرسمي المتقدم نسبيا في الساحة العربية، توجب طرح رؤى أكثر حيوية وقدرة على إحداث التغيير، كما توجب البحث عن برنامج وطني شامل يراعي المستجد السياسي في المنطقة والعالم، ويدرك جوانب القوة في الموقف الفلسطيني الذي ينبغي تطويره الآن للانسجام مع الواقع الجديد على الأرض وفي المحيط العربي، وهو واقع صادم للكيان الاحتلالي ولرعاته في الولايات المتحدة.

ولعل دعوة النائب محمد دحلان أمس إلى خطوات عملية في هذا السياق تؤسس لحوار واسع وجامع للوصول إلى برنامج وطني ينطلق من إدراك الواقع الجديد والبناء على ما تم تحقيقه في الأيام السبعة المشتعلة بالتحدي للاحتلال والتصدي للقرار الأمريكي الأهوج.

دعا دحلان الرئيس محمود عباس إلى استثمار الحالة الجديدة، والإعلان في القمة الإسلامية في إسطنبول عن التحلل من اتفاقية أوسلو وملحقاتها، وإذا كان عباس لم يفعل ذلك في القمة، فإن هذا لا يعني الاستمرار في التشبث بأوسلو، وربما تكون كلمة عباس في القمة مبشرة بهذا التوجه خاصة وأنها جاءت مختلفة ومتقدمة كثيرا على خطابه الحمائمي المألوف.

كما دعا دحلان إلى إعلان فلسطين وعاصمتها القدس دولة تحت الاحتلال والسعي لتحقيق الاعتراف الرسمي بالدولة وبالعاصمة المحتلة وفقا للقرارات الأممية في هذا الخصوص.

ومن البديهي أن هذا التحول في الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية يوجب إنها الانقسام وتحقيق اللقاء على الحد الفلسطيني الجامع الذي لم يعد حدا أدنى.

هذه النقاط الثلاث تؤسس لبرنامج وطني وتمثل أرضية لحوار طارئ وجاد بين الفصائل من أجل إقرارها والبناء عليها وربما الإضافة إليها أيضا للخروج بموقف واحد قوي ومؤثر يستثمر الواقع الجديد.

إنها فرصة تاريخية نادرة تتيح العودة إلى المسار الوطني الصحيح والمنتج، وينبغي التقاط اللحظة والخروج من القوالب والرؤى التي أثبتت فشلها وأصبح طرحها مرفوضا ومقززا بالنسبة لجموع الفلسطينيين.

لم نعد قادرين على تجربة المجرب، وعلينا الخروج من مساحة المراوحة إلى فضاء المبادرة، سواء بالخطاب السياسي أو بالفعل الميداني، وكلاهما يجيء الآن أكثر بهاء.