القدس وتداعيات نقل السفارة الأمريكية ... علاء محمد منصور

الخميس 07 ديسمبر 2017 01:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
القدس وتداعيات نقل السفارة الأمريكية ... علاء محمد منصور



بات واضحاً جلياً ولا يُطلى على أحد طبيعة الدور الأمريكي في المنطقة كحامي ومدافع عن صنيعته وحليفته الأولى بالشرق الأوسط (اسرائيل), وبالمقابل اتضح بما لا يدع مجالاً للشك طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية المعادية للأمة العربية وخاصة الشعب العربي الفلسطيني وحقه في نيل حريته والتحرر من نير الاحتلال الصهيوني كآخر احتلال على وجه البسيطة,  فالقرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي(ترامب) بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان المحتل, ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب للقدس سيترك آثار مدمرة على طبيعة مجريات عملية السلام المتعثرة أصلاً. ذلك أنه سيترك بصماته السوداوية على مسيرة السلام بين الشعبين ولتلتفح المسيرة السلمية وروادها بالوشاح الأسود, فهذا القرار أقل ما يقال عنه, بأنه عمل على تقويض عملية السلام ووصولها لبداية النهاية المشئومة بعد أن أوصلتها سياسة اليمين الصهيوني الاستيطانية لحائط مسدود.

وفي الحقيقة ما كان لترامب من اتخاذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دون الادراك التام والمسبق بحجم الردود العربية وطبيعتها, فالدول العربية أنهكها ما سُمي بثورات الربيع العربي, والتطرف الديني, والحروب الاهلية, والانقسامات السياسية, وحتى بات الضعف العربي على أشُده, وأصبح بالإمكان وبكل سهولة ويُسر التنصل من حق الشعب العربي الفلسطيني بأرضه ووطنه ومقدساته, واقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف, وتقديم مبادرات وصفقات أمريكية سياسية بديله هادفة لإسقاط تلك الحقوق العربية الفلسطينية, وأمام الواقع العربي حالك الظُلمة, أصبح من الضرورة أمام الادارة الامريكية المتصهينة بزعامة ترامب التقاط الفرصة الذهبية بالاعتراف بالقدس كعاصمة  للمحتل الغاصب, والنيل من مقدسات الأمة الاسلامية والعربية, دون أن يكون هناك أية عواقب سياسية أو اقتصادية  للمصالح الامريكية بالمنطقة.

 فالانحياز الأمريكي لصالح الكيان الاستيطاني الاحتلالي الصهيوني ليس بجديد, ولكن التجروء على العرب والمسلمين بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان المحتل الغاصب للأرض العربية الفلسطينية, تكون الولايات المتحدة الامريكية خلعت ثوب الحشمة والحياء ان جاز التعبير وارتدت ثوب العداء للأمة والشعوب العربية والإسلامية, فالقدس مسرى النبي محمد علية الصلاة والسلام , وأولى القبلتين للمسلمين وثالث الحرمين الشريفين.

ولعل تسلسل الإجراءات الامريكية من التشريع الأمريكي القاضي بوقف المساعدات المالية السنوية للسلطة الفلسطينية، مروراً باغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن, وصولاً للاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة للاحتلال الإسرائيلي تخرج الولايات المتحدة من دور الراعي لعملية السلام الى دور الانحياز الكامل للمحتل الاسرائيلي وتقف كطرف عدائي للشعب الفلسطيني وحقه بتقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

وبالتالي بات المطلوب من الفلسطينيين ضرورة اتباع استراتيجية جديدة في التعامل مع افرازات الواقع الأمريكي السياسي الجديد, حيث تقوم هذه الاستراتيجية على خطوط عريضة أهمها:

- تعرية الولايات المتحدة الامريكية وسياستها بالمنطقة كدولة حليفة للمحتل الصهيوني وبعيدة كل البعد عن مسار الوسيط النزيه والعادل, وبالتالي رفض الدور الأمريكي وعدم قبوله كطرف راعي لعميلة السلام, والمطالبة بتفعيل الدور الأوروبي والروسي.

- تكثيف الجهود الدبلوماسية مع دول الاتحاد الأوربي الرافضة للقرار الأمريكي لمحاصرة تداعيات القرار الأمريكي وتوجهات الرئيس الأمريكي ترامب اليمينية المتطرفة والبعيدة كل البعد عن مسار محبي ودعاة الحرية والسلام والديمقراطية.

- ضرورة تفعيل المنظمات الإقليمية العربية والإسلامية لكبح التوجهات الامريكية في    المنطقة.

- العمل على حشد أوسع التحالفات الدولية والنضال بمحافل الدولية ضد القرار الأمريكي, واستخدام المحافل الدولية لتعرية الإدارة الامريكية وانعكاسات توجهاتها العدائية تجاه حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

- تعزيز طريق الوحدة الوطنية وترسيخها على أسس وطنية مناهضة ومقاومة للمشروع الاستيطاني الصهيوني في الأراضي الفلسطينية, باتباع سُبل ووسائل جديدة للحد من غطرسة الاحتلال الصهيوني فوق الأرض العربية, ومن تلك الوسائل المقاومة الشعبية عبر المسيرات والتجمعات الشعبية المناهضة للاستيطان في كافة أماكن تواجده, والعمل على اسناد المسيرات الشعبية بقرارات وطنية بتصعيد الكفاح الوطني بأشكال ووسائل نضالية فاعلة مؤلمة للاحتلال ومستوطنيه, وبالتالي الخروج من حالة الهدوء والأمن والاستقرار التي ينعُم بها الاحتلال لحالة الانتفاضة الشعبية المستمرة للوصول لحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.

أ‌.     علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية   

Ala.mansour@hotmail.com