هل سيكون الفلسطينيون ضحايا صفقة القرن؟ توفيق أبو شومر

الأربعاء 06 ديسمبر 2017 10:34 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هل سيكون الفلسطينيون ضحايا صفقة القرن؟ توفيق أبو شومر



صفقة القرن، ما أدراكَ ما صفقةُ القرن، إنها التحول الجديد في عالمٍ جديد، تنفذه قيادة جديدة، أميركية تجارية، مشروع جرى الإعدادُ له منذ زمنٍ بعيد، غايته ليست الرفاهية والازدهار، كما يبرز في وسائل الإعلام، وإنما غايتُه إزالةُ كلِّ رواسب الأيدولوجيات القديمة، المتمثلة في بقايا النظريات القومية، والانتماءات العرقية والإثنية، والتحالفات الإقليمية والدولية، والتيارات الثقافية التوعوية، غايَتُه النهائية، صياغة عالمٍ تجاريٍ صناعيٍ جديد.
يقع على رأس قائمة المطلوبين للتصفية، قضيةُ فلسطين كقضية حقوق وطنية مغتصبة.
يهدف المشروعُ الجديد إلى تفكيك قضية فلسطين إلى جزئيات صغيرة، لا علاقة لها بالحق والقانون، لتصبح ملفاً من عشرات آلاف الملفات في العالم، ضمن ملفات الإحسانٍ والعطفٍ، والانتعاش الاقتصادي!
تمرُّ عمليةُ تفكيك القضية الفلسطينية، وفق الصفقة بالمراحل الآتية:
تحييد العرب عن قضية فلسطين، وتحويل القضية، من قضية عربية مقدسة، إلى مُسبِّب مزعومٍ في كل  كوارث ومصائب العرب، ليُصبحَ الفلسطينيُ مطارَداً، مكروهاً.
جرى تسويق، شائعةٍ تقول: إن سبب نكبات العرب لا يرجعُ إلى تأخرهم، وإلى ديكتاتوريات حكامهم، بل يرجعُ السببُ إلى انشغالهم بقضية فلسطين، وحروبهم ضد إسرائيل، فتحولَ معظمُ العرب، من خانة الشراكة في قضية فلسطين، إلى حالة النقمة على الفلسطينيين، صار كثيرٌ منهم يتمنون زوال القضية، حتى وإن أظهروا على اللسان غير ما يُبطنون، فهم يعلنون دعم قضية فلسطين، وفي الوقتِ نفسِه يكرهون الفلسطينيين.
أما مرحلة التفكيك الثانية، فهي لا تقلُّ خطورة عن الحلقات السابقة، لأنها تستهدف النسيج الفلسطيني الحزبي، فقد تخلَّت أحزابٌ كثيرة عن أبجديات التقاليد الحزبية الوطنية الرئيسة، وأبرزها التزامها بفلسطينيتها، وبجماهيرها، وبقضيتها فتحول بعض التنظيمات إلى (شركات حزبية) مساهمة، ووكالات حزبية، تتبع في الحقيقة مالكي هذه الشركات من غير الفلسطينيين، فزُجَّ الفلسطينيون في الخلافات العربية، وأصبحوا أطرافا فيها، وأحلافا في الصراعات الدينية، الدينية.
هذه العولمة الحزبية الفلسطينية، غير المدروسة، أدَّتْ إلى إضعاف الوحدة الفلسطينية، أدتْ إلى أخطر مرحلة في تاريخ فلسطين، الاقتتال والانقسام.
أما حلقةُ التفكيك الثالثة، فهي ضرب نواة هذه القضية، وهي التحرير، والعودة، والقدس، واستبدال هذه الركائز النضالية بقضايا جزئية، أبرزها؛ الموظفون، والاستيطان، وتشكيل الوزارات، والكهرباء، والموازنات، المياه...
هذه القضايا الفرعية أصبحتْ هي القضايا الرئيسة، فقد اختفت قضية الحرية، وحق العودة، تحت وطأة ضائقة الحياة.
يجري الإعدادُ ضمن صفقة القرن، لإحكام حلقة الحصار على الفلسطينيين، بأن يتحولَ العربُ إلى حارسي سجنٍ، وإلى مُطوعِين، مُهدِّدين للفلسطينيين، حتى يخروا صاغرين، ليوقعوا على صك السخرة العولمي.
فصكُّ السخرة القادم، أو صفقةُ القرن، يتجاوز المبادئ، ويُركِّز على آليات الحياة اليومية، وفق تعبير (الجزرة والعصا)، وصكُّ السخرةِ يُلزمُ الضعفاءَ بأن ينصاعوا لمشيئة الأقوياء، ماليا، عسكريا، اقتصاديا.
هل يتمكن الفلسطينيون في هذا الوقت الحَرِج من إعادة صياغة أولوياتهم النضالية، بدءا بإنهاء الشرذمة، وانتهاءً بالتوعية بمخاطر الآتي المُرعب؟!