مصر.. وعبث الفصائل الفلسطينية..طارق حسن

الثلاثاء 05 ديسمبر 2017 04:27 م / بتوقيت القدس +2GMT



قرأت أخيراً أن مصر شددت فى اجتماعات فتح وحماس الأخيرة فى القاهرة على أن تاريخ العاشر من الشهر الجارى موعد لن يتم تجاوزه فى التوصل إلى تنفيذ حقيقى وفعال للمصالحة الوطنية الفلسطينية، كما أبلغت مصر وفدى فتح وحماس أن تجاوز هذا التاريخ والتلكؤ فى المصالحة لن يخدم سوى أعداء الشعب الفلسطينى، وأن القاهرة مضطرة لإرجاء الحوارات والتفاهمات إلى أجل غير مسمى، وأنها تعتزم التخلى عن رعايتها للحوار إذا أصرت الأطراف على وضع العراقيل.

لو صح ما قرأت فقد فعلت مصر الصواب، ويمكن لمصر أن تفعل أكثر من ذلك، والفلسطينيون يطلبون منها أن تفعل أكثر من ذلك. المواطن الفلسطينى هو الخاسر الأكبر من الانفصال والتقسيم، بينما الفصائل رابحة. فتح تسيطر على الضفة الغربية وحماس تسيطر على قطاع غزة، رجال فتح وحماس يحظون بمميزات السلطة هنا وهناك. أغنياء التقسيم والانفصال والحصار فى الضفة كما فى غزة. بينما المواطن هو المحاصر وهو الممنوع من الحركة والانتقال والسفر والكسب والتعليم والعلاج.

الكاتب الفلسطينى أكرم عطا الله كتب أخيرا مقالا أعتبره رسالة مفتوحة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى. قال عطا الله للسيسى: لا تستضف وفود الفصائل الفلسطينية فى الفنادق المصرية الكبرى ولا فى مقر المخابرات العامة. سيادة الرئيس قم بنقل الحوار إلى القلعة، بما تحمله من دلالات ما فعله والى مصر محمد على بالمماليك عام 1811، عندما قرروا استمرار العبث باستقرار الدولة المصرية.

سيادة الرئيس: لا تجعل الدولة المصرية تتدخل فى الحوار، بل استدعِ مائة شاب من قطاع غزة من الذين دُمرت أحلامهم وآمالهم وضاع مستقبلهم تحت صراع الفصائل وقم بتسليح هؤلاء الشباب بما يلزم من أسلحة واتركهم يعطون المتحاورين زمناً محدداً للتوصل لاتفاق ملزم وتنفيذه. أى دعه حواراً مع مسدس على الرأس واترك للشباب حرية القرار والتصرف.

حوار كهذا تحت تهديد الخوف سيدفعهم مرغمين على الاتفاق، فلم يحدث مرة واحدة أن دفعوا ثمن الفشل، لأننا من دفعه نحن وهم فى كل مرة يعودون إلى نعيم الانقسام وما يوفره من امتيازات الحكم والجاه والمال والسلطة ولا مشكلة لديهم أن يتعزز الانقسام والفقر والجوع والكارثة أو أن يتآكل مشروعنا الوطنى.

لمصر أن تصدق صرخة عطا الله. لمصر أن تصدق صرخة المواطن الفلسطينى. معاناة المواطنين الفلسطينيين من الفصائل صارت تتفوق على معاناتهم من الاحتلال. الفلسطينى لا يصدق الفصائل. إنما ما بعث فيه الأمل أخيرا فى تحقيق سلامه الذاتى والمصالحة الوطنية هو وقوف مصر بقوة وجدية من أجل إتمام هذه المصالحة. لكن الملل بدأ يتسرب إلى النفوس مرة أخرى من عبث الفصائل واشتباكاتها الكلامية وإثارتها التماحيك والعقبات والعراقيل. لو استمر الوضع على هذا المنوال دون حسم واضح فانعدام الثقة فى الفصائل سوف ينتقل إلى مصر. لا يجب لمصر أن تسمح بهذا أبدا. المواطن الفلسطينى يضع ثقته التامة فى مصر. مثل هذه الثقة العزيزة ينبغى أن تكون فى محلها دائما. مصر قادرة على وضع حد لعبث الفصائل. فى قدرة مصر نصرة المواطن الفلسطينى. يجب أن تتوجه مصر بحديثها مباشرة إلى المواطن الفلسطينى.

الإنذار المصرى للفصائل الفلسطينية يجب أن يسمعه المواطن الفلسطينى بوضوح. حديث مصر للمواطن الفلسطينى يجب أن يجرى علناً وعلى رؤوس الأشهاد. أبدا ليس فى الغرف المغلقة. تسعى مصر من أجل سلام ودولة الفلسطينى المستقلة. إنما ينبغى أن يكون مفهوما جيدا أن من لا يحظى بالسلام داخله لا يمكنه التوصل لسلام مع الآخرين. كما لا يمكنه أن يحظى بدولة.

*صحفي مصري

عن المصري اليوم