الإرهاب بين طبيعة الحقائق وأسلوب المواجهة...لواء: محمد إبراهيم

السبت 02 ديسمبر 2017 10:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
الإرهاب بين طبيعة الحقائق وأسلوب المواجهة...لواء: محمد إبراهيم



سؤال منطقى يردده الكثيرون، ويجب ألا يغضبنا، وهو متى ينتهى الإرهاب الأسود من ربوع مصرنا الغالية وكيف سينتهى ومتى نعلن أن مصر خالية من الإرهاب، ولاشك أن هذا الاستفسار يعد استفسارا مشروعا يتطلب من جميع الباحثين المهتمين بمتابعة هذا الملف أن يجتهدوا للإجابة عنه مع تقديرى بصعوبة وجود إجابة وافية تماما نظرا لطبيعة هذه القضية الشديدة التعقيد. 

بداية هناك أربع حقائق من الضرورى الإشارة إليها: - 

الحقيقة الأولى أنه لا يمكن للإرهاب أن يهزم دولة فما بالنا عندما تكون هذه الدولة بحجم مصر بحضارتها وتاريخها. 

الحقيقة الثانية أن مؤسسات الدولة وتحديدا قواتنا المسلحة والشرطة تحارب الإرهاب بكل ما تملكه من وسائل، ولا تتوانى مطلقا عن التضحية وأداء هذه المهمة الوطنية. 

الحقيقة الثالثة أن تجاربنا السابقة تؤكد أننا استطعنا أن نهزم الإرهاب الذى تعرضنا له من قبل خاصة فى التسعينيات. 

الحقيقة الرابعة أن الإرهاب الذى نواجهه حاليا ارتبط بمتغيرات دولية وإقليمية أفرزت لنا تنظيمات متطرفة للغاية سواء القاعدة أو داعش أو غيرها من التنظيمات التى نهلت كلها من معين إرهابى واحد. 

وبتقييم نتائج المواجهة الأمنية مع الإرهاب حتى الآن نجد ما يلى: - 

تحقيق نجاح كبير فى هذه المواجهة حتى انحصر الإرهاب عن قلب الدولة وحاول إيجاد موطئ قدم له فى أطرافها، ولاسيما فى شمال سيناء وإلى حد ما فى منطقة الواحات، وهذا دليل على النجاح المتواصل فى العمليات التى تقوم بها القوات الأمنية ضد هذه الجماعات.

إن استمرار الإرهاب فى شمال سيناء يعود إلى الطبيعة الجغرافية والسكانية لهذه المنطقة وتماسها مع قطاع غزة لمسافة 14 كم مما أدى لإيجاد بيئة حاضنة للإرهابيين. 

إنه لولا العمليات الناجحة والمؤثرة التى قامت بها قواتنا المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب فى سيناء بعد ثورة 30 يونيو، لكانت هذه المنطقة قد أصبحت خارج سيطرة الدولة المصرية تماما. 

رغم طول الحدود المصرية مع ليبيا التى تبلغ نحو 1200 كم فإن حجم النجاحات التى تتحقق كل يوم تؤكد مدى القدرة على درء مخاطر الإرهاب القادم إلينا من هذه الدولة التى شهدت تفككا، وأصبحت ترسانتها التسليحية فى متناول الجماعات المتطرفة. 

وارتباطا بما سبق أعود إلى السؤال الرئيسى الذى طرحناه متى وكيف ينتهى هذا الإرهاب الذى يحصد أرواح الأبرياء والأبطال، وهنا أن أشير إلى ثلاث نقاط مهمة النقطة الأولى أن الإرهاب ليس بمنزلة قضية سياسية أو اقتصادية يمكن حلها ببعض الإجراءات والقرارات وإنما هو مسألة معقدة تعانيها أكثر دول العالم تقدما وسوف يستمر لفترة قادمة، والنقطة الثانية أن علينا توقع عمليات إرهابية أخرى قد تكون مشابهة لما قبلها أو عمليات نوعية ويجب استمرار اليقظة التامة تحسبا لهذا الأمر، أما النقطة الثالثة يجب أن تصل القناعة إلى كل مواطنى الدولة أننا فى حالة حرب حقيقية مع الإرهاب، ذلك العدو الجديد المختلف بطبيعته عن القضايا الأخرى التى نواجهها. 

ولا يساورنى شك فى أن مصر لديها القدرة للقضاء على الإرهاب فى معركتنا الشرسة معه التى سننتصر فيها بإذن الله، لاسيما أن مؤسساتنا الأمنية تبذل أقصى جهدها، وتتفاني لحماية أمننا القومى وليسمح لى القارئ أود التأكيد والتذكير من قبيل الحرص فقط على المبادئ الثمانية التالية : - 

يجب أن تكون لدينا الثقة الكاملة فى قيادتنا السياسية، فبالقدر الذى منحناها كل الثقة لإدارة الدولة وتحقيق مستقبل أفضل لابد أن نمنحها نفس الثقة بل أكثر ونحن نفوضها للتعامل مع قضية الإرهاب. 

من الضرورى أن نسبق فكر الإرهابيين بمراحل، ونتوقع منهم الأسوأ، وأنهم لن يتورعوا عن تنفيذ أى عمليات تؤثر على الصورة العامة للدولة فى الداخل والخارج خاصة بعد أن تعدوا كل الخطوط الحمراء فى حادث مسجد الروضة. 

إن امتلاكنا المعلومات الاستخبارية المسبقة والنجاح فى تجفيف منابع تمويل الإرهابيين، أيا كانت مواقعها أصبحت مسألة مصيرية، حيث إن ذلك هو السبيل المتاح أمام مزيد من توجيه الضربات الوقائية الإجهاضية لمخططاتهم الإجرامية التى قد تتزايد مع جهود التسوية فى سوريا وليبيا. 

أهمية أن ندفع المواطن المصرى من موقع المراقب ليكون شريكا كاملا مع الدولة فى مواجهة الإرهاب، فهذه المواجهة ستظل فى حاجة إلى جهد المواطن حتى تكون أكثر فاعلية فى التصدى للإرهاب. 

لابد للمنظومة الإعلامية أن تعيد تقييم أدائها فى تعاملها مع قضية الإرهاب وأن تبتعد عن الأسلوب الروتينى والسطحى حتى تكون هذه المنظومة عاملا مساعدا للدولة فى مواجهة الإرهاب، خاصة مع العزوف الواضح من العديد من القطاعات عن متابعة البرامج الحوارية. 

أن المؤسسة الدينية الممثلة فى الأزهر الشريف تقوم بدور مهم ومحمود فى مواجهة الإرهاب ولكننا لم نشعر حتى الآن بهذا الدور ومن ثم يجب أن نرى فى الفترة المقبلة مدى التأثير الإيجابى لهذا الدور على مستوى الشارع المصرى. 

ضرورة الاستمرار فى مشروعات التنمية الاقتصادية واستيعاب قطاعات الشباب، خاصة فى المناطق الأكثر احتياجا وتعرضا لانتشار الأفكار المتطرفة. 

يجب استثمار التأييد الدولى لمصر، وهى تواجه الإرهاب نيابة عن العالم، كما قال الرئيس السيسى ونحوله من مجرد تعاطف أو إعلان الوقوف بجانبنا إلى إطار أكثر دعما حقيقيا لمصر فى كل ما يتعلق بوسائل مواجهة الإرهاب.