قطار المصالحة ما بين التمكين والتنويم .. صقر حلس

الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 09:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
قطار المصالحة ما بين التمكين والتنويم .. صقر حلس



لا يزال المواطن المغلوب على أمره والعاطل عن العمل معطوب الأمل والخريج الذي أصبح سحيج بعد ضياع العمر في انتظار وترقب مستقبل شاحب الملامح معدوم الأثر وفي ظل هذا الأمر يبقى المشهد الفلسطيني يراوح في نفس المكان وكأنه زوبعة في فنجان أو أسير عاجز عن القفز من فوق الجدران.

إن الفرصة الآن سانحة جدا لطي صفحة الماضي وإلى الأبد أكثر من أي فترة ماضية وإن الظروف المحلية والإقليمية مهيأة ومشجعة لتطبيق المصالحة وتحقيق الحلم الذي كان مستحيلا في وقت سابق.

إن الحديث المستمر عن موضوع التمكين الحكومي هو بمثابة فشل حكومي في إدارة الأزمة ومواجهة الاستحاق الوطني إذا لم يتبعه وجود خطط وبرامج وقرارات جاهزة وآليات عمل ناجزة على الارض لكنس الانقسام وطرده من البيت الفلسطيني دون رجعة.

يقع على عاتق الحكومة مباشرة أعمالها والقيام بمسؤولياتها وإعادة بناء مؤسسات الوطن دون مماطلة أو تسويف أو تباطؤ وإن منطق الزيارات الخاطفة للوفود الوزارية والأمنية مرفوض ومدعاة للتشكيك بنية الحكومة في تسلم مسؤولياتها ، كما أن المواطن الذي بات ينتظر ويتلمس ويتحسس الحلول ولو جزئية للعديد من المشاكل والخدمات ومن ضمنها الكهرباء والمياه والصرف الصحي قد نفذ صبره وتضخم يأسه.

لذلك على حكومة التوافق الوطني الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق المصالحة برؤية شاملة وبخطوات واثقة وإجراءات محددة وقرارات حاسمة بعيدة عن الأيادي المرتعشة والخطوات المرتبكة والإجراءات المترددة وذلك من خلال الاشتباك مع الانقسام وتداعياته وآثاره واثامه لمحاصرته وإنهاءه كليا وصولا إلى حكومة وطنية فتية قادرة على تلبية آمال وتطلعات واحتياجات الشعب الفلسطيني فلا يعقل ولايمكن أن ينتهى الانقسام من تلقاء نفسه دون مواجهة إدارية وهيكلية وعملية واعلامية .

لا أحد ينكر حجم المشاكل الكبيرة التي خلفها الانقسام البغيض والتي جعلت حجم الأعباء ثقيلة والمسؤوليات عظيمة التي تقع على عاتق الحكومة والتي تحتاج إلى وقت وجهد مضني ولكن تكلفة حمل الأمانة والمضي بقطار المصالحة إلى الأمام أقل بكثير من تكلفة الرجوع إلى الخلف وتحطيم آمال الجماهير وإنهاء المشروع الوطني.

إن العقبات والعراقيل ومقاومة التغيير القادم هو أمر متوقع وطبيعي فلا تتوقعوا أن يواجهكم أعداء المصالحة وأمراء الانقسام وقططه السمان بالورود والرياحين لأن عملية نزع السلطة أشبه بنزع الروح وصدق الله عزوجل حينما قال " تهب الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء" وبالتالي سيدافع المتضررين من المصالحة عن مزاياهم ومكتسباتهم بأقصى طاقاتهم.

لذلك على الحكومة مواجهة التحديات المتوقعة بمجموعة من الخطط المدروسة بعناية والتي تحمل في جنباتها الأمل للمواطن مسلحة بالارادة الشعبية التي لن تقبل ولن ترحم هذه الفئة التي تتحرك عكس عقارب الزمن ومستثمرة في ذات الوقت المواقف الوطنية للقائد يحي السنوار ورفاقه والتي فاجأت الجميع وليس ما حصل في سلطة جودة البيئة وسلطة الاراضي عنا ببعيد حيث تم نبذ وتعرية أعداء المصالحة سياسيا وإعلاميا وجماهيريا .

استبشرنا خيرا بزيارة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في الثاني من أكتوبر الماضي وحديثه الجدي ببدء العمل الفوري لانهاء معاناة غزة وان الوزراء سيقيمون في غزة أكثر من الضفة لتحقيق هذا الغرض ولكن للأسف بدت حكومة التوافق أدني من مستوى الحدث ولم ترتقي إلى مستوى الزخم الجماهيري والفصائلي الذي كان في استقبالها مدفوعا بالأمل بالإنعتاق والخلاص من هذه الحقبة السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني وكذلك لم ترتقي إلى حجم الدور المصري الراعي والضامن لهذه الجهود والذي كانت بصمته واضحة من خلال وجود الوفد الأمني المصري بقيادة وزير المخابرات المصرية خالد فوزي والذي لم يقف عند هذا الحد بل تم تتويجه بتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي شخصياً وإلقاء كلمة عبر الفيديو كونفرس أكد فيها على مساندة ودعم مصر لإنهاء الانقسام وتذليل أي عقبات أمام المصالحة وأنه لا خيار أمام الشعب الفلسطيني سوى الوحدة.

نعول ونأمل خيراً في لقاءات اليوم الثلاثاء الحادى والعشرون من نوفمبر ونريد أن نبني عليها وان لا نضيع الوقت في اكتشاف الأخطاء والنوم بجوارها وانتظار المعضلات للهروب من المسئوليات بدلا من معالجتها والتغلب عليها.

وأخيرا نقول يجب أن يمضي القطار دون انتظار وعلى الحكومة اتخاذ القرار بالبقاء في غزة لأشهر طوال للقيام بعملية الإصلاح الهيكلي والإداري والفني ودمج الموظفين والتحضير للانتخابات وحل المشكلات وتحسين جودة الخدمات وصولا إلى تثبيت نفسها كحكومة لكل الشعب الفلسطيني .