عشية ذهاب وفود الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة ينتظر الفلسطينيون الإجتماعات , بترقب حذر , خاصة و أن أداء المصالحة على الأرض، لا يبشر بالخير تباطئ في بسط الحكومة سيطرتها على الوزارات , و المعابر، وعدم إلغاء الإجراءات العقابية التي إتخذتها السلطة الفلسطينية ضد الفلسطينيون في القطاع, و بمعنى آخر لم يشعر المواطن حتى هذه اللحظة بتقدم ملموس على صعيد المصالحة , و أعتقد أن سبب ذلك يعود لأمرين , الأول متعلق بتطبيق تفاهمات القاهرة , حيث بدأوا بالتفاصيل الجزئية على حساب القضايا الكبرى , و ثانيا رؤية الفصيلين للمصالحة , حركة حماس تحولت من حكومة أمر واقع , إلى قوة أمر واقع , بدون أن يرافق ذلك تطمينات جدية سياسية و أخلاقية , و عمل مراجعات جدية لمبدأ سيطرتها على القطاع , وحالة الخراب الذي نتج عن ذلك , في السياسة و الإقتصاد و البيئة الإجتماعية و الطبيعية, في حين حركة فتح تنظر للمصالحة من زاوية المهزوم , و تكريس الإستئثار بالقرار الوطني الفلسطيني , و الإبتعاد عن مفهوم الشراكة السياسية بين مختلف القوى , وتأسيس مؤسسات وطنية جامعة تستوعب الإختلاف , و تضمن مبدا التداول السلمي للسلطة , و قبل ذلك تقر بأن الشعب هو أصل السلطات.
من هنا يفهم المواطن الفلسطيني المصالحة, فالمطلوب من إجتماعات القاهرة , هو التوافق على البرنامج السياسي أم القضايا , فالتوافق هنا على البرنامج يعني , تعريف المرحلة التي يمر بها الفلسطينيون , و المتغيرات التي حدثت طيلة الحقبة الماضية منذ أوسلو إلى الآن، ويعني التوافق على الأدوات و الأدوار التي ستستخدم في مواجهة، عدونا التاريخي، ولكن قبل كل شيء يجب إحداث عملية مراجعة حقيقية و مواجهة جريئة , لحالة الخراب الذي وصلته القضية الفلسطينية , سواء مرحلة أوسلو و ما سمي بالعملية السياسية و المفاوضات , و مفهوم المقاومة , وطرق ممارستها , بعد تجربة قطاع غزة , العقيمة , وهذا يقودنا إلى البحث عن وظيفة السلطة الفلسطينية , ومستقبلها , في ظل إنسداد أفق التسوية , وإنهيار حل الدولتين , هل ببقاء الحال على ماهو عليه و بالتالي تقييد حركة الفلسطينيين أو بالإنتقال لمرحلة نضالية جديدة , وفعلا نحن في خضمها , مرحلة ما بعد فشل التسوية السياسية و الدور الأمريكي في المنطقة , الذي أراد للمنطقة أن تتحول بإرادة إسرائيلية , إلى صراعات دينية و مذهبية تؤسس , لدويلات متناحرة دينيا , ودور قطر المعلن أكثر من مرة يشير إلى ذلك , وعلى لسان وزير خارجيتها الأسق حمد بن جاسم , حين قال بأننا كنا ننفد أجندة أمريكية في المنطقة , و تمويلنا للجماعات الإسلامية المتطرفة كان بعلم وقرار أمريكي، في قلب هذه الأجندة , تفكيك مصر و العراق وسوريا و ليبيا , وفلسطين لم تكن مستثناه من ذلك .
يحتاج الفلسطينيون إلى عقل جمعي و حكمة , للخروج من هذه المرحلة , و الإنتقال لمرحلة جديدة تؤسس لحقل سياسي متوافق على برانامج سياسي , وفي هذا المجال أعتقد بانه آن الأوان فعلا " لا تهديدا او تلويحا " , للتحول لدولة تحت الإحتلال , خاصة بعد نيل عضوية في الأمم المتحدة "عضوية غير كاملة", عندها تنتقل الولاية السياسية و القانونية , لمنظمة التحرير الفلسطينية صاحبة الولاية على أراضي الدولة الفلسطينية , التي حددتها قرارات الشرعية الدولية, عندها نتصرف, دولة تحت الإحتلال بما يتتطلبه ذلك من حل للسلطة الفلسطينية , التي تصارع عليها الفلسطينيون , ضمن رؤية وأجندة حركة حماس , وفشلها بأن تتحول إلى جسر يقودنا للدولة الفلسطينية , وخاصة بان السلطة لم تشكل للفلسطينيين حلا بل كانت عبئا سياسيا , وعائقا أمام البرنامج الوطني "وهو قديم جدا يحتاج لمراجعة و تجديد "، بعد ربع قرن على أوسلو ,غرق الفلسطينيون في وحل ممراته الإجبارية , وعلقوا طيلة هذه السنوات في مشهد شكل صدمة كبيرة , خاصة و أنه حدثت متغيرات كبيرة , في المنطقة و الإقليم وفي الطرف الآخر إسرائيل , التحول نحو دولة الأبارتهايد و إمبريالية صغرى في المنطقة.
مطلوب من إجتماع القاهرة , التوافق على الإنتخابات , بعد ورود إشارات لتأجيلها و بصيغة دولة تحت الإحتلال و تجديد الشرعيات الفلسطينية كاملة في الداخل و الخارج .
البنود الأخرى و أن بدت صعبة , ممكن التوافق عليها بشكل يضمن أن لا يكون هناك غالب أو مغلوب , في معادلة توافقية , في مقدمة ذلك السلاح و الأمن و الموظفين،" مثلث الإنقسام " وسببه المباشر .
مرحلة جديدة ينتظرها الفلسطينيون و تؤسس لمؤسسات جامعة و تجدد فيها الشرعيات جميعها، بعد أن , ضاعت في دهاليز الإنقسام