الجعبري وقصف تل أبيب ..إبراهيم المدهون

الثلاثاء 14 نوفمبر 2017 11:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الجعبري وقصف تل أبيب ..إبراهيم المدهون




أبو محمد الجعبري اسم كبير في عمق الوجدان الفلسطيني، وهو أحد مكوناته الهامة من أصول خليلية ولكنه ابن لغزة ومجاهد من مجاهديها فجمع القوتين والنورين والعبقين، رمز فُجعت الأمة باستشهاده كما لم تُفجع من قبل، ولأجل دمائه ضُربت تل ابيب بصواريخ القسام، ومُرغت أنفها بالتراب في حجارة السجيل، وهو صاحب المشهد القوي وقد أمسك بالجندي الإسرائيلي من تلابيبه ليظهر حجمه أمام تصاعد وعظمة المقاومة، فأضحى رمزاً تحرص إسرائيل التخلص منه لتمحي الصورة، فكان وقودا أشعل الغضب.
التقيته مصادفة أول مرة في بيت الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، ولفت نظري تحركه غير المتكلف ورزانة نظراته وحديثه الواثق واندفاعه الصائب، وقد كان معه حبيبه محمد الهمص رحمه الله، فاخبروني انه الاقرب لأذن الشيخ، قد كان مهتما بقضايا الاسرى والجرحى ومداواتهم ودعم عائلاتهم، وسمعته يقول ما بدي ابن شهيد او زوجة شهيد تحتاج حد وسنخدمهم بعيوننا.

ويحسب له أنه مؤسس تشكيل الجيش الشعبي في بداية انتفاضة الأقصى، والذي قام على توزيع السلاح بأسعار زهيدة لمن يريد المقاومة، وقد نجح نجاحا باهرا في تكوين نواته قبل اندماجه بكتائب القسام، وتركزت مهامه داخل المدن للدفاع عنها من الاجتياحات الاسرائيلية المتكررة، وقد أبلت بلاء حسنا في ذلك الوقت.
للجعبري حضور نقي لما يتمتع من بديهة وسرعة استجابة وإخلاص يظهر في تحركه العفوي، كما تمتع برؤية استراتيجية لا تفصيلية، وكان يحب القفزات النوعية لا التموضع أو الزحف، أحبه جند القسام ومن حوله لاستعداده للتضحية ولكريزمته الأخاذة، فكان لاستشهاده ميلاد مرحلة جديدة سميت بـ "قصفت تل ابيب".

فقصف تل أبيب بالصواريخ لأول مرة شكل صدمة للعقل الاسرائيلي، وأصاب مقتل نظريته في الردع، حيث عمل الاحتلال طوال عقود وجوده على اعتبار تل ابيب الحصن الحصين، الذي لا يجرؤ أحد أي كان من إطلاق الصواريخ او مهاجمتها، وحاول الاحتلال بث الرعب والخوف لمن يفكر في ذلك، وما أن استشهد ابو محمد الجعبري رحمه الله حتى تحولت هذه المدينة لهدف مركزي من أهداف المقاومة.
وانكار الاحتلال لضرب تل ابيب في البداية جاء لظنه ان هذه فلتة لن تتكرر. وبعد عدة صواريخ اعترف الاحتلال، وأضحى اليوم ضرب تل ابيب بالصواريخ امرا طبيعيا وبدا الاحتلال يفكر بحماية نفسه من الصواريخ بدل من منعها. 
وبدات المقاومة تفكر من زيادة كثافتها ورفع قوتها التفجيرية لهذا مئات الصواريخ نزلت في العصف المأكول. واعتقد ان المقاومة بدت تعد لضرب تل ابيب بصواريخ نوعية ذات قدرة تدميرية، وأكثر غزارة وكثافة.