العملية السياسية.. وحرب التسريبات والشائعات! هاني حبيب

الأحد 12 نوفمبر 2017 03:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
العملية السياسية.. وحرب التسريبات والشائعات! هاني حبيب



يقترب العام من نهايته، لذلك ربما نشهد العديد من التصريحات والتسريبات المتعلقة بالرؤية الأميركية للحل السياسي على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، إذ إن ما سبق وأن أصدر من البيت الأبيض وأروقة وزارة الخارجية الأميركية، وكذلك من مستشار الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، من أن هناك جهداً أميركياً للتقدم برؤية للسلام في الشرق الأوسط "ربما" مع بداية العام القادم، وبالفعل، لا يمكننا حصر التسريبات المتعلقة "بالاختراق الأميركي" والتي تبارت وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية على حد سواء في نشرها والتبرع بتحليل مضامينها، الموقف الفلسطيني ظل غائباً عن هذه التسريبات والتصريحات، وربما لسبب وجيه، فإضافة إلى تصريحات الرئيس حول الموقف الفلسطيني الداعي إلى سلام عادل وإزالة الاحتلال ووقف الاستيطان وإقامة الدولة المستقلة، لم تكن هناك أية تصريحات تحدد موقفاً من كل ما يشاع أو يسرب، لسبب بسيط بقدر ما هو وجيه، إذ ليس هناك من رؤية أو خطة أو مشروع محدد أو واضح بما يلزم اتخاذ موقف تجاهه، لذلك فلتأخذ التسريبات والمشاريع والسيناريوهات مجراها لدى وسائل الإعلام المختلفة، والإبقاء على الموقف الفلسطيني إلى حين إزالة الغموض عن الشائعات أو حتى المواقف الحقيقية والخطط المحددة، فنحن لسنا مطالبين بالمشاركة بمثل هذا الغموض، أو هذه التسريبات من خلال تصريحات أو مواقف مبكرة في غير وقتها وزمانها!
ولعل ما يجمع بين كل هذه التسريبات والتصريحات، تعارضها وتناقضها وبحيث لا يمكن للمتابع أن يتوقف ملياً أمام إحداها، لكي يفاجأ بتسريب آخر، من مصدر تقول وسيلة الإعلام أنه "موثوق" لكنه رفض التصريح باسمه، بعضها يعول على الحل الاقتصادي، ويرسم سيناريو معتمدا على ما يقال عن "تحسينات وتسهيلات" ذات أبعاد اقتصادية، وتسريب آخر، يتعمد التمحور حلو مستقبل المنطقة "ج" وآفاق وإمكانيات السيطرة الفلسطينية عليها وبناء صرح تنموي يترافق مع تسهيلات للعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وخارجه من خلال استثمارات اقتصادية إسرائيلية في عموم الضفة الغربية وقطاع غزة.
بعض التسريبات يشير إلى أن إدارة ترامب لا تنتظر نهاية العام الجاري أو أوائل العام القادم للتقدم بخطتها للسلام على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ذلك أنها تقدمت فعلاً بمثل هذه الخطة للجانب الإسرائيلي الذي رفضها (!) لذلك، ربما يزور نائب الرئيس الأميركي مايك بنس المنطقة ويلتقي نتنياهو وأبو مازن بغرض التسويق للخطة المذكورة، الغامضة والسرية، مع العلم أن ليس من مهام نائب الرئيس الأميركي، وفقاً للدستور الأميركي، أن يقوم بمهام من هذا النوع، لذلك، فإن وسائل الإعلام الأميركية وكذلك الإسرائيلية، أشارت إلى أن هذه الزيارة مجرد محاولة لتوجيه الفرقاء إلى أن جوهر الخطة الأميركية ترتكز على أن لا تفرض على الطرفين، بما يجعل مثل هذه الخطة، قابلة للنقاش وغير قابلة للحياة والتنفيذ!
كمتابعين للشأن السياسي، كنا نعتمد أساساً على تسريبات وشائعات وسائل الإعلام الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالتسوية السياسية والحراك الأميركي بهذا الخصوص، إلاّ أننا لاحظنا في الفترة الأخيرة، نشاطاً إعلامياً محموماً من قبل وسائل الإعلام العربية، لصياغة ونشر تسريبات مفصلة حول هذا الحراك، ورغم ازدحام الأجواء السياسية في المنطقة، الأزمة الخليجية العربية مع قطر، التحركات الداخلية السعودية، الحرب الكلامية المستعرة بين الرياض وطهران، عودة لبنان بلعب دور المحرك للسياسة العربية، وربما العربية ـ الإسرائيلية، الحديث المسهب عن حرب إسرائيلية متعددة الجبهات باتت بالأفق، رغم كل هذا الاحتشاد من الأخبار الساخنة، إلاّ أن الإعلام العربي بات أكثر ولعاً في الترويج لتسريبات، ربما من صنعه أو من صنع آخرين، حول علاقة كل ما يجري، أو بعضه على الأقل، بالخطة الأميركية المتعلقة بالعملية السياسي على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
وما أن وصل الرئيس أبو مازن إلى الرياض في زيارة خاطفة ومن دون تخطيط مسبق حسب بعض وسائل الإعلام التي بقدرتها أن تعرف فيما إذا كانت الزيارة مخططا لها أو غير ذلك، ما أن عقدت مباحثات فلسطينية ـ سعودية على مستوى القمة، حتى بدأت التأويلات والتسريبات لتنشط من جديد.