القادم السياسي ... والقوى السياسية !!! وفيق زنداح

الجمعة 20 أكتوبر 2017 09:10 ص / بتوقيت القدس +2GMT
القادم السياسي ... والقوى السياسية !!! وفيق زنداح



منذ النكبة بالعام 48 ... وما قبلها من قرار التقسيم رقم181 ... وما جرى من نكبة ألمت بشعبنا الى حيث المنافي ومخيمات اللجوء.... وما تم في خمسينيات القرن الماضي من طرح مشروع التوطين والتدويل والذي تم رفضه جملة وتفصيلا.... على قاعدة ان الوطن فلسطين ولا مكان اخر .

بداية ستينيات القرن الماضي تأسست منظمة التحرير الفلسطينية.... وانطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة بالأول من يناير 65 ... وبدأت مرحلة جديدة من النضوج السياسي للفكر الوطني والثوري ... والاعتماد على الذات الوطنية.... القائمة على أسس علاقات عربية وأممية راسخة تتفاوت بين مرحلة وأخري ... وما حدث من انطلاقات عديدة لفصائل وقوى ذات ايدولوجيات فكرية ... وارتباطات تنظيمية مع احزاب عربية قومية ... ومع احزاب شيوعية ماركسية .

مشهد الخارطة الفلسطينية اصابها الكثير من الانشقاقات والخلافات.... والتي وصلت الى مرحلة التخوين والى حد التكفير ... وما جرى من اشتباكات واغتيالات وما تولد من جماعات مثالها أبو نضال ... وابو موسى ... وجميعها كانت محاولات فاشلة لا ارجل لها ... ولا قاعدة يمكن البناء عليها .

المشهد الفلسطيني وقد اصابه الانقسام والاختلاف... في ظل مرحلة الثورة وتباين الاجتهادات السياسية.... في ظل مبادرات وأطروحات منذ مبادرة روجرز وزير الخارجية الامريكي الاسبق ... ومبادرة كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق وسياسته المكوكية وما كان عليه المشهد العربي من حرب استنزاف ....كان لها نتائجها الايجابية التي مهدت الطريق الى انتصارات اكتوبر 73 ... وما نتج عن الانتصار من مبادرة الرئيس الراحل السادات والموقف منها ... واتفاقية كامب ديفيد والاختلاف حولها .. وحتى اتفاقية الخروج من بيروت لقوى الثورة والقيادة الفلسطينية بالعام 82 ... وحتى مؤتمر مدريد بالعام 90 والاختلاق الفصائلي حول جدوى مثل هذا المؤتمر ... وحتى اتفاقية أوسلو بالعام 93 والخلافات حول جدواها ومخاطر التوقيع عليها.... في ظل انشداد فصائلي حول موقف كل فصيل من برنامجه السياسي .

تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية بالعام 94 كأول سلطة على الأرض الفلسطينية ... وبداية الخلاف حول أهمية هذا المشروع من عدمه ... وعلى قاعدة أوسلو ... وان السلطة سوف تكون تحت الاحتلال ... وما جرى من عدم التزام إسرائيلي بمراحلها وبنودها والتي كان يجب الانتهاء منها بالعام 99 .

إسرائيل وممارساتها عملت بكل مخططاتها على احداث حالة العجز والضعف ... وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الوطنية والإنسانية لشعبنا ... بالصورة المتوقعة والمطلوبة من قبل السلطة الوطنية ... التي تعرضت للقصف والقتل والحصار وحتى الوصول الى مرحلة قصف مؤسساتها المدنية والامنية ....لاحداث الضعف وعدم القدرة.... في ظل بعض القوى السياسية التي كانت تختلف مع السلطة وقيادتها دون ان يكون لدى تلك القوى برنامجا مغايرا يمكن تحقيقه وفق امكانيات تلك القوى.... وهذا ما اثبتته التجربة والسنوات الطويلة ... والتي اوصلتنا لحالة الضعف والعجز وقلة الحيلة....والتي مهدت الطريق الى مرحلة الانقسام الاسود بالعام 2007 ... بعد إجراء انتخابات ديمقراطية كانت الثانية في عهد السلطة الوطنية .

واليوم وصلنا الى بداية تحقق جهود المصالحة وبرعاية مصرية اخوية... وبداية تنفيذ مرحلة تمكين حكومة التوافق داخل القطاع ... في ظل تحديات ومعوقات تولدت بفعل ما يزيد عن عشر سنوات.... يصعب إيجاد الحلول لها بفترة زمنية قصيرة ... لكنها البداية الايجابية بكل مصاعبها وتحدياتها.... لانهاء كافة فصول الانقسام وتعزيز الوحده ....باعتبار ذلك ممرا اجباريا للجميع .. ولا مجال لاحد بخيارات اخرى .

التجربة الفلسطينية حول المبادرات السياسية العربية والدولية منذ قمة بيروت ومبادرة السلام العربية وحتى الحديث حول مبادرة أمريكية باعتبارها صفقة القرن وعلى قاعدة السلام الإقليمي .

اذن ماذا بعد المصالحة وإتمام كافة مراحلها وتواريخها وتشكيل حكومة وحدة وطنية ... والدخول بمؤسسات منظمة التحرير للقوى الاسلامية حماس والجهاد... واجراء الانتخابات الديمقراطية الرئاسية والتشريعيه والمجلس الوطني ... وبعد الانتهاء الكامل من فصول الانقسام الأسود ... وما سوف يكون عليه القادم من مبادرة سياسية أمريكية جديدة تحمل اسم مبادرة الرئيس ترامب ... ما بعد الحديث عن مؤتمر السلام بشرم الشيخ لوضع كافة الاطراف امام مسؤولياتها...... لايجاد تسوية سياسية تحقق السلام والامن والاستقرار بالمنطقة .

ماذا بعد.... ان يكون الجميع امام حقائق سياسية ... وقرار سياسي وطني.... للخروج من ازمة الواقع ... وتردي الاحوال ... وفي ظل رؤية عربية للتسوية السياسية ... كما الرؤية الأوروبية والأمريكية .....وبطبيعة الحال في ظل حكومة يمينية عنصرية استيطانية ...لا تعمل من أجل التسوية ....ومفهوم حل الدولتين ....بعد أن نهبت الأرض ....وحاصرت السكان بجدارها العنصري ....وبعد محاولاتها المستمرة لاشعال نيران المواجهة ضد سوريا ولبنان والتهديد لايران ....كما استمرار التهديد لقطاع غزة .

هنا الامتحان ... والقرار الوطني الصائب ... بعيدا عن التجربة الماضية وافرازاتها وعنترياتها ... والتي طال أمدها ... ولم ينتج عنها أي تقدم يذكر .

انعكاس مثل هذه المبادرة .. ومثل هذه التوجهات في ظل عدم وجود البرنامج الواحد والموقف الواحد ....واختلاف وتباين الاراء حول موقف كل فصيل ... وهذا ما لا يجب ان نكون عليه في ظل القادم السياسي والاخطر.... والادق بمرحلة تاريخية حاسمة ....نحتاج فيها الى كل امتنا العربية والى كل دول العالم لأجل انهاء الاحتلال وتجسيد الدولة ... وازالة كافة مخلفات هذا الاحتلال من استيطان ومستوطنين .

أي اننا امام مرحلة القادم السياسي وما يمكن ان يطرح علينا ... وكيفية التعامل مع ما يطرح وان نمتلك كيفية الردود ... وحساب المواقف ... بما يتوافق وامكانياتنا الحقيقية ... ومنظومة علاقاتنا الداخلية والعربية والدولية .....وعلى رأسها الشقيقة مصر ...وضرورة التناغم والانسجام والتوافق مع كافة مواقفها ....بما يخدم قضيتنا وحرية شعبنا ....وبما يوفر مقومات المواجهة لاجتثاث كافة البؤر الارهابية التكفيرية وعدم اعطائها المجال للتحرك والتمويل .

نحن أمام الاخطر ... لكنه الممكن والمتاح ... والاكثر امكانية.... لحسم الصراع ومواجهة إرهاب منظم تمارسه اسرائيل ... كما الإرهاب التكفيري الذي يمارس بدمويته وجرائمه بالعديد من الساحات والمناطق العربية وبالقرب منا في أرض الفيروز سيناء العزيزة على قلوبنا ... كما مواجهة حالة الفقر واحتياجات التنمية ....في ظل ضعف امكانياتنا ...واحتياجاتنا الدائمة للمساعدة لأجل تغطية نفقاتنا التشغيلية والتطويرية .

هنا علينا الاختيار بحكمة واتزان ... وليس بردات فعل قديمه غير محسوبة بنتائجها ... في ظل غياب المحاسبة التاريخية.... التي يمكن ان تحاسب كلا منا حول موقفه المتخذ ... وحتى لا نقدم لأجيالنا القادمة ....ذكريات مؤلمة حول مائة عام على وعد بلفور المشئوم.... وذكرى النكبة الكبرى والسوداء بالعام 48 ...وذكرى العدوان الثلاثي والاحتلال بالعام 56 ... وذكرى الهزيمة بالخامس من يونيه 67 ... وذكرى الانقسام الاسود في يونيه 2007 ... ذكريات مؤلمة وسوداء ... لا تعني بالمطلق اننا لم نحقق نصرا هنا وهناك ....فلقد انتصرنا بمعركة الكرامة بمارس 68... كما انتصرنا بمعركة بيروت بالعام 82... كما انتصرنا بحرب الاستنزاف وانتصارات اكتوبر 73 ... كما استطعنا ان نصمد إمام ثلاثة حروب قام بها المحتل بعدوانه على قطاع غزة ....ولم يحقق اهدافه بكسر ارادتنا ....ورفع الراية البيضاء لقوته الغاشمة والعدوانية .

نحن اليوم ....لسنا بصدد تواريخ الانتصار.... والهزيمة.... ولسنا بصدد محطات تاريخية لحسابات المواقف المؤيدة والمعارضة ... لكننا امام مرحلة جديدة لها تحدياتها ومصاعبها ... في ظل ارض تنهب ... وحقوق تسلب ... ومقدسات تهود ....واستيطان يزداد ... فالي متى سنبقى ؟! .

نحن اليوم.... بحاجة للوحدة بأكثر من أي وقت مضى ....بحاجة الى انهاء الانقسام بصورة جذرية بأكثر من أي وقت مضى.... بحاجة الى وحدة الموقف والقرار بارادة جامعه وموحده بعيدا عن الرؤية الفصائلية الضيقه..... التي عشناها على مدار عقود طويلة.... والتي لم يسفر عنها...... إلا المزيد مما نحن فيه .....وعليه .