التطرف؛ هل أصبح نموذج حياة؟ ... يوسف عودة

الأربعاء 18 أكتوبر 2017 01:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
التطرف؛ هل أصبح نموذج حياة؟ ... يوسف عودة



التطرف لغتاً حسب ما جاء في المعاجم اللغوية؛ هو "حد الشيء وحرفه، وعلى عدم الثبات في الأمر، والإبتعاد في الوسطية؛ والخروج عن المألوف ومجاوزة الحد، والبعد عما عليه الجماعة"، وأما التطرف إصطلاحاً، فقد بحث علماء اللغة في العديد من كتب القدماء لتحديد معنى لهذا المصطلح، إلا أنهم لم يستطيعوا تحديد المصطلح بعينه أو بمعنى آخر لم يجدوا ذاك المعنى المقصود "بالتطرف"، وإنما توصلوا إلى كلمة قريبة في معناها منه؛ آلا وهي "الغلو" وهي كلمة وردت في القرآن الكريم على لسان نبينا المصطفى، وتعني بشكل عام تجاوز حد الإعتدال سواء أكان ذلك في العقيدة أو الفكر أو حتى في سلوك الإنسان وتصرفاته.

بشكل عام نستطيع القول؛ بأن التطرف مصطلح يستخدم في وصف بعض الأفكار والأعمال الصادرة عن بعض الأشخاص، والتي تكون غير مبررة سواء كان ذلك في مجال الدين والعقيدة أو في الشأن العام، من حيث ممارسة الشؤون السياسة أو الاجتماعية، وحتى في أسلوب المعاملات التجارية. وإستخدام التطرف كنمط وأسلوب حياة يشكل بحد ذاته تهديد لقيم ومبادئ المجتمع التي أرسى قواعدها ديننا الحنيف، فهو لم يترك مجالاً إلا وبين للناس فيه الحقوق والواجبات كقواعد عامة تحكم وتفصل بين الناس، الأمر الذي أدى في ذاك الوقت لإنتشار الأمن والأمان، إلا أنه ومع الزمن بدأ يقل تمسك البعض بهذه القيم والمبادئ، الأمر الذي أدى أيضا في نهاية المطاف إلى ظهور التطرف والمتطرفين في الكثير من المجالات، والتي بدأ معها معاناة الناس كنتيجة لسلوك وتصرفات المتطرفين، إلا أن الشيء الجدير ذكره هنا؛ هو أن التطرف في مجال التجارة على سبيل المثال لا يقل خطورةً عنها في مجال العقيدة، بمعنى أخر ظهور داعش وما قام ويقوم به من ترويع للناس وتهديدهم بأرواحهم وأولادهم ومتلكاتهم على سبيل المثال، يشبه إلى حد كبير تطرف بعض التجار، خاصة في قيامهم بالعمليات الإحتكارية والتي تؤدي في أحيان كثيرة إلى رفع الأسعار على الناس والشق عليهم في ظل ظروف إقتصادية صعبة.

وهنا؛ نحن لسنا بصدد وضع حلول سحرية للتخلص من التطرف والمتطرفين، فلا شك بأن كافة الحلول التي وضعت للحد من هذه الظاهرة باءت وحتى الآن بالفشل، لأنه إذا أردت إصلاح الشيء فلا بد من معالجة الأسباب الحقيقية له، لا أن تتعامل مع تلك الظواهر الناتجة عن هذه الأسباب فقط، وهذا الأمر بحد ذاته بحاجة إلى تكاتف وتعاون وإخلاص بين كافة الأطراف المسؤولة كلٌ في مكانه، سواء كان ذلك على مستوى الوطن الواحد، أو على مستوى الأمة بأكملها، وعلى الرغم من كل هذا، إلا أن جُل من نستطيع فعله من خلال هذه الكلمات البسيطة، هو "الدعوة" بمعنى دعوة كل شخص لمراجعة نفسه وللتدقيق والتفحيص أكثر في حساباته، واضعاً نُصب عينيه النهاية والتي كُلنا واردُها.