رائحة الانتخابات تفوح في اسرائيل….ماذا يعني ذلك؟ د. سفيان ابو زايدة

الأربعاء 18 أكتوبر 2017 12:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
رائحة الانتخابات تفوح في اسرائيل….ماذا يعني ذلك؟ د. سفيان ابو زايدة



 

على ما يبدوا ان اسرائيل دخلت في اجواء الانتخابات العامة رغم مضي عامين و نصف فقط على اخر انتخابات حيث جرت في شهرمارس ٢٠١٥، ووفقا للقانون الاساسي الاسرائيلي الانتخابات تجرى كل اربع سنوات.

تاريخيا خلال الستة عقود و نصف منذ قيام اسرائيل و الانتخابات تجرى بمعدل كل ثلاث سنوات ، اما عمر الحكومات في اسرائيل فهو عامين فقط .

هذا يعني انه لا مفاجآت اذا ما تم تقديم موعد الانتخابات من مارس 2019 ، وهو الموعد الرسمي لها ، الى مارس 2018 قبل الاعياد اليهودية او بعدها بقليل .

هناك العديد من المؤشرات التي تشير بشكل واضح على ان اسرائيل تسير بهذا الاتجاه وبوتيرة سريعة ، من اهمها:

اولا: التحقيقات التي تجري مع نتنياهو حول قضايا الفساد، حيث يخوض نتنياهو حربا على مستقبله السياسي ، لان انتهاءالتحقيقات بتقديم لائحة اتهام له تعني انه مجبر على تقديم استقالته وفقا لاعراف السياسة الاسرائيلية، لذلك هو يتصرف كالذئب الجريح الذي يهاجم هنا و هناك. هاجم الشرطة و هاجم الصحافة و هاجم اليسار في اسرائيل و اخر هجوم له على مديرعام الشرطة الذي كان خياره هو ،وهو الذي جلبه من الشاباك الى سلك الشرطة لثقته به.

نتياهو في هجوماته الاعلاميه هذه يتصرف بانه ضحية مؤامرة من كل هذه الاطراف لاسقاطة من زعامة اسرائيل. لكن في اسرائيل هذا الامر لا يؤثر كثيرا اذا ما توفرت الادلة الكافية لدى الجهات القضائية لتوجيه لائحة اتهام له و تقديمة للمحكمة.

مصلحة نتنياهو ان لا تصل الامور الى هذا الحد، وقبل ان تصل سيسعى الى توجيه ضربه استباقية بتقديم موعد الانتخابات ما بين شهر مارس الى شهر سبتمبر 2018 ، لكن على الارجح ليس ابعد من ذلك.

ثانيا: تصريحات زعيم حزب العمل الاخيرة ، آفي غباي

غباي انتخب مؤخرا زعيما لحزب العمل بعد تغلبة على المرشحين من قيادات الحزب على الرغم انه التحق مؤخرا بهذا الحزب بعد ان قدم استقالته كوزير عن حزب (كلانوا) الذي يتزعمه موشي كحلون

ربما ساعد في انتخابة لزعامة حزب العمل  حاجة الحزب  الى التغيير حيث غباي الذي هو من  اصل مغربي و  جذورة ليكودية وهو لم يأت من عالم السياسة الملوث بل جاء من عالم الاعمال ويقال انه كان ناجحا في هذا المجال ،حيث كان مديرا لشركة بيزك و ناجحا في عالم (الهايتك) .

خلال هذا الاسبوع كان له تصريحات خلفت الكثير من الضوضاء في اسرائيل واعتبرت اشارات البدء للمعركة الانتخابية القادمة.

التصريح الاول هو انه لن يشرك معه القائمة العربية المشتركة ولن يعتمد عليهم في حال فوزة في الانتخابات لانه لا يشعر ان هناك قواسم مشتركة معهم. هذا الامر من ناحية ليس جديد على حزب العمل  لانه لم تشارك الاحزاب العربية في الحكومات الاسرائيلي ةالسابقة و لكن هناك حكومات اعتمدت عليهم مثل حكومة رابين وحكومة بارك كشبكة امان عندما كان هناك مفاوضات سياسية وكان هناك بصيص امل للتوصل الى اتفاق. تصريحات غباي كزعيم لحزب العمل بهذا الموقف المتشدد هو  مؤشر بانه سيتخذ مواقف يمينية للحصول على اصوات اليمين و الوسط في اسرائيل على اعتبار ان اصوات اليسار مضمونه له.

و التصريح الثاني الذي كان اكثر وضوحا و اعتبر تصريحا انتخابيا بامتياز هو ما قاله حول المستوطنات الاسرائيلية، حيث قال انه لن يخلي مستوطنات يهودية في اي حل قادم مع الفلسطينيين. هذا الموقف اكثر تطرفا حتى من موقف ليبرمان و لا ينسجم مع موقف حزب العمل الذي يؤمن بالتمسك فقط بالكتل الاستيطانية اما المستوطنات المتفرقة فليس هناك مانع من اخلائها اذا لزم الامر من اجل التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

تصريح غباي هذا هو عبارة عن غزل لليمين في اسرائيل ، و ادراكا منه كسابقية انه لكي تكون له فرصة بأن يصبح رئيس وزراء عليه ان يأخذ الاتجاه نحو اليمين.

ثالثا: الموقف الاسرائيلي من المصالحة.

كان من الواضح ان الصمت الاسرائيلي الذي ساد عشية اعلان حماس حل اللجنة الادارية و الاستجابة لطلبات الرئيس عباس ،بأن هذا الصمت نابع بالدرجة الاساسية من الاستجابة للرغبة الامريكية التي تدعم المصالحة لما سيساعدها ذلك في تقديم مشروعها السياسي.

لكن ، ولان اسرائيل تتصرف فقط وفقا لمصالحها وانها تؤثر على السياسة الامريكية اكثر مما تتأثر منها ، لذلك هذا الصمت لم يدم طويلا و بدأت اسرائيل تتحدث عن شروط لكي تتقبل هذه المصالحة، والتي كان اخرها ما قرره الكابينت امس بعدم الولوج في اي مفاوضات سياسية طالما حماس لم تستجب للشروط المعروفه.

نتنياهو اراد ان يقول ، ومعه نفتالي بينت الذي يقود الخط المتشدد في هذ الحكومة انهم الاكثر حرصا على المصالح الاسرائيلية، وانهم لا يخضعون الى الضغوط، حتى و ان كانت ضغوط حليفتهم الولايات المتحدة الامريكية.

رابعا: التطورات على الجبهة السورية

ليس سرا ان الطائرات الاسرائيلية قصفت عشرات المرات اهدافا سورية و اهدافا تابعة لحزب الله اللبناني،  و ان اسرائيل تعبر عن قلقها من التطورات الاخيرة في سوريا و ما يحققه الجيش العربي السوري من انتصارات هناك، ولكن ما يقلقها اكثر هوالوجود الايراني الذي يترسخ على الاراضي السورية مما يعتبر بالنسبة لاسرائيل تهديدا مباشرا على امنها لن تقبل به.

لكن لم تعترف اسرائيل مرة واحدة بمسؤليتها عن قصف هذهالاهداف ، دائما كان الاعلام الاسرائيلي يشير الى ذلك وفق المصادر اجنبية.

الجديد في الامر هو ما حدث قبل يوميا عندما اطلقت المضادات السورية النار على طائرة اسرائيلية كانت تقوم بمهمات لتصوير اهداف هناك ، الامر الذي جعل اسرائيل ترد بتدمير بطارية صواريخ سورية و تعلن لاول مرة انها قامت بهذا العمل.

التقديرات الاسرائيلية ان الحرب على حزب الله و الحرب مع ايران على الاراضي السورية هو امر قد لا يمكن تجنبه ، لذلك من المهم ترتيب وضعهم الداخلي.

خلاصة القول ان نتنياهو سيقدم على خطوة استباقية بتقديم موعد الانتخابات في اقرب فرصة للخروج من المأزق الذي يعاني منه وفي نفس الوقت ترتيب الاوراق السياسية و العسكرية مع بدايةالعام المقبل.

من اجل ذلك صعدت اسرائيل لهجتها تجاه المصالحة الفلسطينينة ومخرجاتها والتي اهمها تفكيك سلاح التنظيمات الفلسطينية واعادة الجنود و الاعتراف بأسرائيل مع الالتزام بالقرار السابق الذي اتخذة الكابينت قبل يومين وهو عدم اتخاذ اجراءات ضد السلطة او قطع العلاقة معها لان هناك مصلحة اسرائيلية في تمكين السلطة من سيطرتها على غزة و تعميم نموذج الضفة في عمل الاجهزة الامنية علي غزة، مع تقديراتهم المسبقة ان فرص نجاح هذا الامر ضعيفة جدا.

dr.sufianz@gmail.com