عمرو موسى والزعيم الخالد عبد الناصر ..عبد الناصر النجار

السبت 23 سبتمبر 2017 09:13 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عمرو موسى والزعيم الخالد عبد الناصر ..عبد الناصر النجار



لا ننكر أن جيلنا تربّى على حُبّ الزعيم القومي جمال عبد الناصر، ومما لا شكّ فيه أنّ غالبية الشعوب العربية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أيضاً، كانت جزءاً من الدائرة الناصرة الكبيرة؛ لأنّ الشعارات التي أطلقها الزعيم الراحل كانت في أساسها محاولةً لتأسيس وحدة وقوة عربية قادرتين على مواجهة التحديات على الرغم من تعدد المؤامرات ضد سياسة عبد الناصر.. ابتداءً من العدوان الثلاثي، مروراً بحرب اليمن، وليس انتهاء بهزيمة العام 67 ومواقف الإخوان المسلمين.
الزعيم جمال عبد الناصر ترك من الإنجازات لمصر والعالم العربي ما لا يمكن أن تمحوه عوامل الزمن السياسية أو ربما آراء أشخاص تفاجئك في لحظة ما.
وزير الخارجية المصري السابق عمرو موسى وأمين عام الجامعة العربية بعد ذلك.. كان يمكن أن يكون مثل أي وزير خارجية مصري سابق.. يعمل في منصبه بضع سنين ثم يذهب وتطويه عوامل النسيان.. ولو سألنا اليوم كثيراً من المصريين والعرب عن أسماء وزراء خارجية مصر الذين سبقوا عمرو موسى أو تسلموا منصبه بعده لما عرفوا الإجابة، لأنهم لا يعرفون الكثير عنهم. إذاً، لماذا عمرو موسى؟ ألا تذكرون المطرب الشعبوي شعبان عبد الرحيم في أغنيته المشهورة "بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل" والتي انتشرت في حينه كالنار في الهشيم، بعد أن سطع اسم عمرو موسى على أساس قومي عروبي ناصري قادر على مواجهة إسرائيل بآرائه العروبية والقومية. 
في مذكراته التي صدرت، مؤخراً، يدّعي عمرو موسى أن الزعيم عبد الناصر كان يستورد طعاماً خاصاً من سويسرا؟! وأن عبد الناصر هو الدكتاتور الذي قاد مصر إلى الهزيمة، وأن تظاهرات التنحي بعد إعلان استقالته مفبركة، وأنه اختصر مصر في شخصه.. بل أكثر من ذلك، فقد اعتبر أن سياسات عبد الناصر هي سبب اندلاع ثورة 25 يناير.
عمرو موسى يعترف بأنه لم يلتق الزعيم عبد الناصر إلاّ مرّتين، ولم يكن سوى ملحق دبلوماسي في عهده.. وأنه في اللقاء الأول في نيودلهي كان يُدوِّن محضر لقاء الزعيم عبد الناصر مع رئيس وزراء الهند أنديرا غاندي والرئيس اليوغسلافي جوزيف تيتو.
كيف لملحق دبلوماسي، أن يكون على اطلاع على تفاصيل حياة الزعيم عبد الناصر، علماً أن عبد الناصر مات فقيراً، وليس مليونيراً، ولم تكن له قصور في مصر أو خارجها.
عبد الناصر هو أب السد العالي، الذي ما زالت مصر تحيا من خيراته، وهو الذي أقام صناعة مصرية حديثة، شغّل ملايين العمال، لم تكن في عهده بطالة كبيرة.. وما زال الشعب المصري يشهد أن فترته هي الأكثر ازدهاراً خلال القرن العشرين.
عبد الناصر أبو الإصلاح الزراعي، الذي قضى على الإقطاع وحرّر المزارعين والفلاحين المصريين من عبودية "الباشوات".. عبد الناصر هو الذي أمّم قناة السويس، وأنشأ الجامعات في مختلف المناطق المصرية، وفي عهده كان التعليم الجامعي مجّانياً لكل أبناء مصر.. وهو الذي رفع أبناء الطبقة الوسطى وأبناء الفقراء.. لم يكن في عهده سياسة انفتاح ولا مئات المليونيرات الذين دخلوا من أبواب الفساد.
الزعيم عبد الناصر هو الذي قدم المساعدات للثورات العربية: الثورة الفلسطينية، الثورة الجزائرية، وحاول تخليص المنطقة العربية من الاستعمار.. وهو الذي أنشأ مجموعة عدم الانحياز.
كثير من الكتّاب والمفكّرين والمبدعين المصريين ردُّوا على ترّهات عمرو موسى.. الذي كتب رأياً خاصاً به دون أن يأتي بوثيقة واحدة في مذكّراته المسيئة للزعيم الراحل.
عبد الناصر لم يخسر من هذه المذكّرات.. بل على العكس، فقد حرّكت هذه المذكرات مريديه والمدافعين عنه لإعلاء شأنه مرّة أخرى.. وأكدت أن عمرو موسى استغلّ حبّ الناس للمفاهيم القومية والعروبية والناصرية في فترة ما وتبرّأ منها على اعتقاد أنه تعدّى مرحلة الشهرة. ولكن كما أجمعت كثير من وسائل الإعلام المصرية المحايدة، فإن الخاسر كان عمرو موسى الذي تشوّهت صورته كثيراً ولم تعد تنطبق عليه أغنية "شعبولا".

abnajjarquds@gmail.com