العقوبات ضد غزة اجبرت الرئيس عباس على ان "يمد يده" لحماس

الإثنين 18 سبتمبر 2017 10:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
العقوبات ضد غزة اجبرت الرئيس عباس على ان "يمد يده" لحماس



القدس المحتلة/سما/

منذ بدء العقوبات على قطاع غزة قبل خمسة أشهر، عاد أبو مازن وأعلن أن تفكيك اللجنة الإدارية لقطاع غزة سينهي هذه العقوبات وتخفيف الضغط عن حماس. وعندما أعلن رسميا عن تفكيك حكومة الظل التابعة لحماس، من الممكن إعادة النظر بطبيعتها وأهدافها.

وكانت حماس أعلنت عن إقامة اللجنة الإدارية في آذار/مارس بعدما ادعى التنظيم (بمدى كبير من الصدق) ان حكومة الوحدة الوطنية تتجاهل تماما قطاع غزة وتستثمر كل مجهودها، نشاطها وميزانيتها في الضفة الغربية فقط.

اللجنة مركبة من سبعة أشخاص كل واحد منهم مسؤول عن عدد من الوزارات الحكومية، التي لها ممثليات في قطاع غزة. كل واحد من الممثلين يعتبر عمليا الوزير المسؤول عن الوزارات ولذلك تم تسمية اللجنة حكومة الظل. ترأس عبد السلام صيام اللجنة، وشغل صيام مناصب وزارية هامة في حكومة حماس السابقة برئاسة إسماعيل هنية.

اهتمت حماس بالتشديد في حينه على أن اللجنة ليست حكومة ولا تشكل بديلا لحكومة الوحدة، أعضائها ليسوا وزراء وانشئت بسبب قيود وضغوطات مؤقتة. بحسب حماس مهمتها هي التنسيق بين الوزارات الحكومية في غزة بسبب اهمالهم من قبل حكومة الوحدة في رام الله.

لكن الكلام مختلف عن الواقع: اللجنة نعم عملت كحكومة واعضاؤها عملوا واتخذوا قرارات كوزراء. هذه كانت في الواقع نسخة ضعيفة ومصغرة من حكومة حماس التي عملت في قطاع غزة وفككت بعد اتفاق المصالحة بين فتح وحماس.

رد أبو مازن على إقامة الحكومة كان قاسيا بشكل خاص. حيث بدأ بفرض عقوبات صعبة مثل التوقف عن دفع تكاليف امداد الكهرباء من إسرائيل الى غزة، عدم المصادقة على الاعفاء الضريبي على الوقود المخصص لمحطة الكهرباء. هذه العملية أدت الى توقف الكهرباء عن القطاع، وتعطيل محطة الكهرباء، تقليص رواتب الموظفين الحكوميين في قطاع غزة، خطة للخروج للتقاعد المبكر للموظفين في القطاع، التوقف عن التحويلات البنكية بمجالها، رفض إعطاء التزام بتغطية تكاليف علاجية لمرضى حالتهم صعبة بتحويلهم للعلاج في إسرائيل او الضفة الغربية وغيرها.

هذه العقوبات أدت قبل كل شيء الى ازمة كهرباء شديدة، وفي ذروتها وصلت الكهرباء الى القطاع ساعتين في اليوم. اضافة لذلك، الضغوطات الكبيرة على السكان المدنيين في غزة بسبب العقوبات، كانت من منطلق أمل لأبو مازن ان يقوم الشعب بالخروج ضد حكومة حماس بقطاع غزة وان يقوم بإسقاطها.

الازمة حدثت لكن حماس التي كانت مدركة للوضع المتفجر، اهتمت بأن تفتح جيوبها وان تقوم باستيراد الوقود من مصر حتى تشغل محطة الكهرباء. رغبة رام الله لم تتحقق، والسكان في القطاع لم يتظاهروا ضد حماس. بالرغم من ان أبو مازن بقي مصمما على فرض عقوباته وهدد بالمزيد منها.

المحاولات لإنضاج محادثات المصالحة

الإعلان الدراماتيكي عن تفكيك اللجنة الإدارية، جاء في اعقاب مناقشات ماراتونية عقدها مسؤولون من حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية ويحيى السنوار مع المخابرات المصرية. عمليا كان من المفترض ان يعود هنية ومرفقيه الى القطاع قبل أيام، لكنهم اعلنوا انهم سوف يستجيبون لطلب مصر وسيبقون في القاهرة لمناقشة الازمة مع حركة فتح في محاولة لانضاج محادثات المصالحة بين الطرفين. مصر من جانبها قامت بدعوة وفد من حركة فتح الى القاهرة حتى يناقشوا الوضع وفي الأيام الأخيرة وصل الى هناك القياديين في حركة فتح عزام الأحمد وحسين الشيخ.

باختيارها، حماس عمليا رمت الكرة الى ملعب أبو مازن. رسالتها تنقل الى جميع الفلسطينيين، مصر ولكل شخص مستعد للسماع، بان أيديهم ممدودة للسلام وان يقومون كل ما طلبته منهم القاهرة عمله. وانهم طلبوا تطبيق اتفاق المصالحة وطالبوا (مجددا) اجراء انتخابات.

مد اليد هذه تترك أبو مازن بوضع محرج وتضعة بامتحان هام. أولا، يجب عليه الان انهاء العقوبات، وإعادة الوضع الى سابقة- عملية سوف تكلفة ماديا. ثانيا، رفضه الغاء العقوبات سوف تعرضه كرافض وتضعه بصورة سلبية جدا امام مصر، والتي علاقته متزعزعة أيضا. حماس تبرز الان تضحيتها من اجل الوحدة الوطنية، والشعب الفلسطيني، مصر ومن اجل الاخوة.

وأبو مازن؟ يفهم الان ان كل قرار آخر له غير عودة الوضع الذي كان قبل الازمة سيؤدي الى تقوية وتعزيز العلاقات بين القاهرة وحماس على حسابه، على حساب رام الله وعلى حساب فتح.

هو اعرب عن اعتقاده ان الأيام القادمة سوف يخصصها الى الأجواء المرموقة والدولية التي يحبها كثيرا خلال الاجتماع السنوي للجمعية العام للأمم المتحدة. الان يتضح ان الأبراج المهملة لقطاع غزة سوف تعتم على ناطحات سحاب نيويورك بالرغم منه.

حماس تسخر عن كونهم وضعوا امام فتح تحد جدي وجميع الاعين انظارها اليهم. يد حماس تمتد بشكل ظاهري (على ما يبدو)- هل ستقوم فتح بتقبل التحدي وتضغط وتمد يدها (مع عدم رغبة) اليهم ؟

تحليل للكاتب اليئور ليفي من موقع "واينت العبري"