حماس: زيارة القاهرة وعبء المسؤولية/ مصطفى ابراهيم

الأربعاء 13 سبتمبر 2017 10:47 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حماس: زيارة القاهرة وعبء المسؤولية/ مصطفى ابراهيم



 زيارة قيادة حركة حماس إلى القاهرة بجميع أعضاء مكتبها السياسي تقريباً تعبر عن حجم الضائقة داخل الحركة واستشعارها خطورة الاوضاع، وعبء المسؤولية التي تعيشها الحركة والملقاة على عاتقها سواء في إدارة قطاع غزة والأزمات المتلاحقة أو في موضوع إنهاء الإنقسام وإتمام المصالحة، وتفاقمت الأزمات جراء العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس على القطاع بذريعة إنهاء الإنقسام.

إضافة إلى ذلك الضغط الإسرائيلي وما تقوم به إسرائيل في بناء جدار تحت الأرض وفوقها على الحدود الشرقية للقطاع، وإدراك حماس خطورة هذا الجدار من ناحية إستراتيجية للتأثير على سلاحها الإستراتيجي الأنفاق، بالإضافة إلى قيام الجيش الإسرائيلي بتدريبات عسكرية متلاحقة على الحدود الجنوبية مع القطاع أو في الشمال، التي يقرأها البعض انها موجهة لغزة اكثر ما هي الى لبنان وحزب الله.

حركة حماس خلال الفترة الماضية أجرت إنتخاباتها الداخلية وأسفرت عن فوز شخصيتان من غزة لقيادة الحركة حيث تبوأ رئاسة المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، ويحيى السنوار رئاسة المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، وهذا ما لم يحدث من قبل، وهذا عزز دور الحركة في غزة التي تعتبر مركز الثقل، وزارد من أعبائها ومواجهة ما يسمى قيادة الخارج التي سيطرت على قيادة الحركة لسنوات طويلة وغير راضية عن تفاهمات حماس دحلان، وحدثت خلالها تناقضات واختلافات في عدد من المواقف والمحطات السياسية أفشلتها حماس غزة.

إضافة إلى ذلك قدمت حركة حماس وثيقتها السياسية الجديدة، وكأنها قدمت تحت ضغط الحاجة والانفتاح على الأخر، غير أن توقعاتها لم تصل لوضع الرضا سواء من حماس ذاتها أو من محيطها في الداخل الفلسطيني أو الاقليمي والعربي والدولي، ولا يزال المطلوب من حماس تقديم رؤية أكثر وضوحا وجرأة لغموض بعض بنود الوثيقة وتناقضها.

غير أن حماس لا تستطيع تقديم أكثر من ذلك لأسباب داخلية في الحركة التي لم تعبر بعد عن نضوج سياسي وبرغماتية أكثر جرأة، ليس من أجل فكفكة أزماتها فقط، إنما لتعريف ذاتها بشكل أكثر وضوحاً كحركة سياسية فلسطينية تقود قطاع غزة منذ 11 عاماً، وبعد ثلاثين سنة من الولادة، وكأن سن النضوج في الحركة لم يأتي إلا في سن الأربعين، أي علينا أن ننتظر عشر سنوات أخرى كي تدرك حماس أنها بحاجة لتعريف ذاتها أكثر في ظل حالة فلسطينية متردية وتعاني ازمات بنيوية انعكس على المشروع الوطني وهي سبب من أسباب هذا التراجع. حركة حماس تحاول فكفكة أزماتها الداخلية وأزمات قطاع غزة المتورطة فيها حتى أذنيها، وإستطاعت الحركة التغلب على بعض الأزمات الى حين كأزمة الكهرباء، حيث أن أزمات قطاع غزة لا تنتهي، وهي ليست خدمات فقط أنما ازمة قطاع غزة وعلاقته بالمشروع الوطني والخشية من فصل القطاع، واسرائيل تعمق هذا الإنفصال، وكذلك الإنقسام وسياسات أطراف الإنقسام.

وإستطاعت الحركة أن تحدث إختراقا مهما في العلاقة مع مصر، واعتبر رئيسها في غزة يحيى السنوار أنه اختراق استراتيجي مهم وانه لا عودة عن هذه العلاقة، كما استطاعت أن تحدث إختراق مع عدوها اللدود النائب في المجلس التشريعي محمد دحلان وتعقد معه عدة تفاهمات. زيارة حماس الى القاهرة جاءت بطلب منها، فحماس تدرك حجم الأزمة، وانها لا تستطيع تقديم تنازلات في العلاقة مع مصر وحتى محمد دحلان أكثر من ذلك ولم تحصد نتائج من خلال هذه العلاقة، والمتربصين من داخل الحركة بقيادة الحركة التي اتخذت قرار التقارب مع مصر ودحلان أكثر من المتربصين بها من الخارج سواء الرئيس عباس او الناس في القطاع الذين ينتظرون الخلاص من أوضاعهم المأساوية.

في لقاء مع رئيس حماس في قطاع غزة يحيى السنوار الشهر الماضي تحدث عن الواقع الإنساني في القطاع، وقال على حماس أن تبذل جهداً أكبر، وانها تتحمل الجزء الأكبر عن الواقع الاقتصادي في غزة، وان الأوضاع ستشهد تطوراً إيجابياً في معالجة معدلات الفقر والبطالة، وان فتح معبر رفح والتفاهمات في القاهرة جاءت تحت عنوان التخفيف من حدة البطالة والفقر، وأضاف السنوار انه اذا ما اندلعت احتجاجات في القطاع من المواطنين سنرد على من يحاصروننا ليتحملوا المسؤولية عن الحصار والوضع الانساني الخانق في القطاع، الرد هنا سيكون ضد إسرائيل يعني من سيدفع الثمن الناس في القطاع.

هرولت حماس للقاهرة لأن التفاهمات في القاهرة لم تفتح المعبر والأوضاع تزداد تردياً، وحماس تدرك خطورتها والحري بحركة حماس ان تفكر مليون مرة بأي مواجهة مع إسرائيل، فغزة لم يعد لديها قدرة على الاحتمال والصمود اكثر مما هي فيه، ومن الضروري البحث في وسائل أكثر عقلانية ووطنية في رفع الحصار من خلال الوحدة الوطنية واتمام المصالحة بالإنفتاح أكثر على جميع الاطراف خاصة حركة فتح، وتقديم تنازلات من أجل المشروع الوطني، وما يدبر له امريكيا واسرائيليا وتواطؤ عربي في ما يسمى بصفقة العصر.