هل يذهب نتنياهو إلى حرب جديدة؟ أشرف العجرمي

الأربعاء 16 أغسطس 2017 01:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل يذهب نتنياهو إلى حرب جديدة؟ أشرف العجرمي



كثير من الخبراء والمحللين الإسرائيليين يعتقدون أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لن ينجو من ملفات الفساد التي يحقق معه بخصوصها، وأنه بعد وجود شاهد ملك ضده تذهب الأمور بصورة كبيرة نحو تقديم لائحة اتهام ضده، وأن القضية لا تعدو كونها مسألةَ وقت ليس أكثر، وبعضهم لا يستبعد أن يحاول كسبَ المزيد من الوقت باختلاق أزمات كبرى للتغطية على قضايا الفساد المتهم بها، بما في ذلك الذهاب إلى حرب جديدة في غزة أو لبنان وسورية.
وفي الواقع هناك مؤشرات لاستعداد إسرائيل لحرب مع غزة ربما أكثر من لبنان وسورية على الرغم من انزعاجها من الاتفاق الأخير حول المناطق الآمنة الذي تم بين الولايات المتحدة وروسيا في مناطق جنوب وشرق سورية والذي يبقي قوات إيرانية ومن «حزب الله» قريباً من الجولان المحتلة، وهو ما ترى فيه إسرائيل تهديداً لها. ومن أبرز المؤشرات على التصعيد على جبهة غزة قيام جيش الاحتلال بإجراء مناورات في الجنوب على اجتياحات في غزة وتخليص رهائن وأمور أخرى مرتبطة أساساً بالوضع وتجربة الحرب هناك. وكذلك انشاء الجدار تحت وفوق الأرض على طول الحدود مع غزة، وهو ما ترى فيه حركة «حماس» استفزازاً لأنه يبطل أحد أهم عناصر استراتيجية الحركة وخاصة موضوع نقل المعركة إلى العمق الإسرائيلي بقيام مجموعات بتنفيذ عمليات خلف صفوف العدو ومحاولة أسر إسرائيليين.
يضاف إلى ذلك المحاولات المستميتة التي يبذلها نتنياهو لتمرير قانون يمكنه من اتخاذ قرار بالحرب دون أخذ موافقة غالبية وزراء الحكومة كما هو عليه الحال اليوم. وإذا نجح في التصديق على القانون الجديد فيكفيه أن يحصل على موافقة المجلس الوزاري الأمني المصغر الذي يحصل فيه على أغلبية بسهولة ودون جهد كبير لأنه يعين الوزراء الأقرب إليه في هذا المجلس. وهذا يخوله أن يقرر إعلان الحرب متى يشاء. صحيح أن الأمر ليس بهذه السهولة، حيث يتوجب عليه أن يأخذ أيضاً موقف وتقديرات الأجهزة الأمنية بنظر الاعتبار. والأخيرة تدرس الأمور بعمق وتحاول حساب الربح والخسارة أكثر مما يفعل هو ووزراء آخرون.
وقد يكون الوضع في غزة عاملاً يشجع الذهاب نحو حرب جديدة. فالمأساة التي يعيشها القطاع الذي يبدو في كل لحظة على وشك الانفجار سواء بسبب «حماس» أو إجراءات السلطة التي تفاقم حجم المعاناة وتضيف لأبعادها بعداً جديداً كل يوم من الممكن أن تدفع الأمور نحو الانفجار، وخاصة إذا فشلت التفاهمات بين «حماس» ومحمد دحلان ومصر في احداث تغيير إيجابي ملموس خلال فترة وجيزة. ونشير الى المقترحات التي طرحتها «كتائب القسام» مؤخراً والتي تتلخص في إحداث فراغ أمني وسياسي بتخلي «حماس» عن السلطة وإحجامها بالتأكيد عن لعب دور المحافظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل، حتى لو أبقت بعض أجهزتها كشرطة داخلية. ومجرد السماح للفصائل المختلفة باطلاق النار باتجاه إسرائيل فهذا كفيل بإشعال حرب جديدة بسرعة.
وهناك مراهنات كبيرة من قبل «حماس» وتطلعات أكبر من قبل المواطنين في غزة بأن ينجح شيء ما ويفكك الأزمة الإنسانية في القطاع، ويبدو أن قائد «حماس» الجديد في غزة يحيى السنوار قد رهن مستقبله السياسي بالاتفاق مع دحلان، في ظل معارضة داخلية كبيرة وخاصة من «حماس» الضفة و»حماس» الخارج اللتين لا يعجبهما تمركز قرار الحركة بشكل كامل ومطلق في قطاع غزة. ولهذا فالمخاطر الكامنة في الفشل وعدم تحقيق ما يتمنى الغزيون قد يكون مدعاة لحرب جديدة تلعب لصالح نتنياهو إلى حين على فرض أن إسرائيل لا تتكبد خسائر كبيرة في هذه الحرب.
أي حرب جديدة لن تكون نزهة وهي بكل تأكيد ستكون أكثر ضراوة من سابقتها وقد تكون الخسائر البشرية في كلا الطرفين كبيرة لدرجة لا يقدر المستوى السياسي في إسرائيل على تحملها، ولهذا لربما تذهب إسرائيل إلى حرب لإنهاء الوضع القائم في غزة واسقاط حكم «حماس» كما يلوح بذلك بعض القادة الإسرائيليين، وقد تتورط إسرائيل في مستنقع جديد. ومن الصعب رؤية موافقة الأجهزة الأمنية ومنح تأييدها لمغامرة من هذا القبيل، ولكن في نهاية المطاف المستوى السياسي هو الذي يقرر.
نحن في وضع يُرثى له على المستوى الداخلي في ظل الانقسام المدمر والانهيار التدريجي لأركان الحكم وتراجع القيم الإيجابية في كل من غزة والضفة على السواء. وأيضاً في ظل انعدام الأفق السياسي وحالة الضياع التي تعصف بالأجيال الشابة التي باتت تفقد ثقتها بمختلف القيادات وتذهب نحو مبادرات فريدة ليست دائماً موفقة أو مفيدة. ويظهر أننا نعيش في حالة انتظار لما تقرره إسرائيل أو الولايات المتحدة أو العالم بشأننا. وبالتأكيد لن يساعدنا أحد ما لم نساعد أنفسنا. ونحن لا نفعل هذا لأسباب شخصية تخص كل قائد وصاحب قرار، فالقضية تحولت بدرجة كبيرة إلى مصالح ذاتية ضاع فيها الهم الوطني، وضاعت فيها تضحيات ومعانيات الناس إلى أن يشاء الله وتتغير الأحوال، وهي على ما نراه اليوم تتعقد، فبدلاً من أن يشكل البحث في انعقاد المجلس الوطني مدخلاً لحل مشاكلنا يظهر أنه سيكون مشكلة.