المنتصرون والخاسرون في القدس/ مصطفى إبراهيم

الثلاثاء 25 يوليو 2017 12:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
المنتصرون والخاسرون في القدس/ مصطفى إبراهيم



كأن حادثة السفارة الإسرائيلية في عمان هدية السماء لجميع الأطراف الرسمية التي وجدت نفسها متورطة في أزمة البوابات الإلكترونية ومقاومة المقدسيين لها، والخشية من استمرار التصعيد والانفجار الذي لا ترغب به تلك الأطراف.‬

نتنياهو تلقف أزمة السفارة وخلال يوم عقد صفقة وتوصل لاتفاق مبادئ مع الملك عبدالله الثاني الجزء الواضح فيها هو الإفراج عن القاتل ضابط الامن في السفارة الاسرائيلية لمواطنين أردنيين، هذا ما اراده نتنياهو وهو بحاجة لانتصار لتعزيز مكانته وموقفه كزعيم متغطرس لليمين المتطرف والليكود ويقود الدولة ولا يستطيع شركاؤه في اليمين المزايدة عليه.

خلال الأيام الماضية حاول نتنياهو البحث عن انتصار عن طريق البدائل وحل ازمة السفارة والصورة التي ظهر فيها وهو يجري مكالمة هاتفية مع طاقم السفارة اراد منها أن يخفي هزيمته، وقبل أزمة السفارة كان يدرك انه مجبر على التراجع. أزمة السفارة انتهت، ولم تستطيع إسرائيل إخضاع الفلسطينيين خاصة المقدسيين، ومعركة البوابات هي معركة الهوية والسيادة ومحاولة تغيير الوضع القائم ورفض الإحتلال وسياساته.

إنتصر المقدسيين على البوابات الالكترونية على أبواب المسجد الاقصى، وأيضاً إزالة الكاميرات التي كانت منصوبة سابقاً، والحديث عن تبديل البوابات الإلكترونية بفحص أمني قائم على تكنولوجيا متقدمة (فحوصات ذكية) الكاميرات الذكية وبإجراءات أخرى، هذا حتى الانتهاء من مخطط نصب الكاميرات الذاكية حيث يحتاج المشروع مدة 6 أشهر، حيث خصص المجلس الوزاري ميزانية 100 مليون شيكل من أجل تنفيذ هذا المخطط، وهذا يجب مقاومته والتصدي له.

اسرائيل لن تترك فرصة لإعادة المحاولة لفرض سيادتها وسيطرتها، غير اي كان ما حدث سواء صفقة او اتفاق مبادئ، هو إنجاز للمقدسيين بفعل النضال الشعبي اليومي الموحد للمقدسيين، والأهم. انتصر المقدسيون بوحدتهم وهزمت القيادة الرسمية الفلسطينية المتلعثمة التي اختبأت خلف المرجعيات الدينية في القدس وأهلها في إدارة المعركة.‬

المعركة في القدس وعلى الأقصى وحدت الجميع بمشاعرهم، وأظهرت قدرة الفلسطينيين على التعاطي مع قضاياهم الوطنية ومقاومة عملية كي الوعي التي تمارس بحقهم، غير انها أيضا أظهرت حجم الهوة بين مكونات العمل السياسي من فصائل وطنية وإسلامية، وكانت ولا تزال الفرصة قائمة لتحمل الجميع مسؤولياتهم خاصة طرفي الإنقسام والتخلص من أنانيتهما وتلعثمهما في محاولة إستغلال معركة الأقصى بطريقة حزبية مصلحية. ولم يستطيعوا العمل بشكل وحدوي وتذويب الخلافات، وكانت دعواتهم للتظاهر والتصدي باهتة ونابعة من إحساس العجز والارتباك والخوف والمزايدة، ولم يدركوا أن المهمة الوطنية التاريخية أكبر من أن ينتظروا إنهاء الإنقسام بوضع شروط للمصالحة.

معركة القدس أثبتت أن الشعب الموحد ومن خلفه قيادة تجمع الفلسطينيين حولها تستطيع ان تنتصر بفعل النضال الموحد القائم على إستراتيجية وطنية كفاحية، والنضال المشترك سيحقق الفلسطينيين انتصارات كبيرة، ويستطيعوا من خلال معركة القدس تحقيق إنجازات تراكمية كما فعل أهل القدس، وهذا له أهمية كبيرة في إعادة الثقة وبث روح التفاؤل والأمل وإعادة الإعتبار للذات من خلال العمل النضالي اليومي المشترك.