معاريف: مصر والسعودية تبذران الذخيرة على حماس المحاصرة وقطر الصغيرة ويتناسون ايران

السبت 15 يوليو 2017 01:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: مصر والسعودية تبذران الذخيرة على حماس المحاصرة وقطر الصغيرة ويتناسون ايران



معاريف

كتب  ألون بن دافيد في معاريف :- وتيرة الاحداث في منطقتنا كفيلة بان تدير رؤوس حتى من هم ثابتون: ففي اسبوع واحد سقطت موصل داعش في ايدي الشيعة برعاية ايران، وبدأت مصر تملي على حماس كيف تدير قطاع غزة. ولاول مرة منذ 101 سنة، منذ اتفاق سايكس بيكو، وقعت القوى العظمى في العالم على اتفاق لتقسيم الشرق الاوسط. هذه التطورات كفيلة بان تبدو ايجابية لنا في المدى القصير، ولكن عند النظر بعيدا، نرى ايران تسير بثقة نحو هيمنة اقليمية وتكمل حركة كماشة حول شبه الجزيرة العربية.
في اسرائيل لم يقرروا بعد أي نوع من البشرى جاء بها اتفاق ترامبوتين الأول. فقد اختير جنوب سوريا ليكون الكبش الذي يذبح كخطوة بناء ثقة بين الطرفين. هذا ليس سايكس بيكو ولكنه بالتأكيد علامة طريق في تدخل القوى العظمى في الشرق الاوسط. اسرائيل، بخلاف بعض المنشورات، لم تكن طرفا في الاتفاق، والاردنيون ايضا اضطروا لقبوله كصفقة ناجزة.


وقف النار الذي اعلن عنه يحترم في هذه الاثناء، ولكن القوات الروسية التي كان يفترض أن تنتشر في جنوب سوريا لم تسارع في الوصول. وفي اللحظة التي تستولي فيه على المنطقة، ستكون هذه مجرد مسألة وقت الى ان تبدأ الاحتكاكات مع قوات الثوار، وعندها فان القوة التي يفترض ان تجلب السلام ستصبح قوة هجومية. لقد سبق أن رأينا هذه الالية. في غضون اسابيع سنجد أنفسنا امام قتال شديد ينشب في الطرف الاخر من الحدود، مع الاف السنة ممن سيتدفقون لايجاد مأوى قرب الجدار او يحاولون اجتيازه. مع تواجد روسي في الطرف الاخر، فان قدرة الرد الاسرائيلية على تسلل النار ستكون اضيق.


لم يتعهد الروس باحترام مجال الفصل السُني للثوار والذي خلقناه على الحدود في الجولان، ما يسمونه في الجيش الاسرائيلي “ابناء المكان”. ناهيك عن اننا تعلمنا في السنتين الاخيرتين بانه حيثما يوجد روس، يوجد ايضا ايرانيون وكذا حزب الله. فهم يقاتلون كتفا بكتف في هذه الحرب ضد قوات مختلطة، ونحن كفيلون بان نرى قريبا ايضا الايرانيين يثبتون أنفسهم في المنطقة التي بين القنيطرة والجولان وبين درعا في حوران.


 في اسرائيل يجدون صعوبة في حل لغز نوايا الفينيق من موسكو. فقد ثبت حتى الان حكم الاسد في القسم الهام من سوريا – المجال الذي بين دمشق – حلب غربا، ولا يوجد تهديد على السيطرة الروسية في ميناء طرطوس وفي مطار حميميم. ليس واضحا أي مصلحة يجدها فجأة في الجولان وفي حوران، المنطقتين عديمتي الاهمية الاستراتيجية بالنسبة له. من الصعب ان نصدق أن فلاديمير بوتين يتطلع لان يعيد لبشار الاسد السيطرة في كل المجال الذي كانت فيه ذات مرة سوريا، لان الاثمان ستكون باهظة.
كلما واصل قمع السُنة، الذين هم الاغلبية في الاراضي السورية، فهو كفيل بان يضع الاساسات لداعش 2 – صورة صلبة ومتطرفة حتى اكثر مما شهدن. وكما تعلم الامريكيون في العراق بالطريقة الصعبة: احتلال الارض هو الجزء السهل، الاحتفاظ بالارض هو المرحلة التي يبدأون فيها بالنزف. اذا بدأ الروس يتعرضون لخسائر فادحة اكثر، فانهم كفيلون مثل الامريكيين ان يعلنوا بان المهامة انتهت فينسحبون من سوريا. عندها سنجد انفسنا مع دولة مرعية ايرانية حتى في حدودها الشمالية – الشرقية.
حاليا، تسمح روسيا لقوات كردية برعاية امريكية لاحتلال عاصمة الدولة الاسلامية الرقة. ولكن اذا كانوا في اسرائيل أملوا في أن يمنع مقاتلون امريكيون باجسادهم خلق الهلال الشيعي، فان الامريكيين ايضا سيسارعون الى الانصراف من الصحراء السورية ما أن يهزم داعش. وعندها ستتمكن ايران من استكمال التواصل الاقليمي من الخليج الفارسي عبر العراق، سوريا وحتى البحر المتوسط في لبنان.

*  *  *
 لا ينذعر الايرانيون ايضا من التصميم الذي يبديه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على أن يقيم ضدهم محورا سنيا – وهم يعرفون لماذا. ففي ثلاث سنوات، هبطت ارصدة العملة الصعبة السعودية باكثر من 230 مليار دولار. وقد بذروا هذا المبلغ الطائل على الحرب في اليمن وعلى تطبيق رؤيا محمد بن سلمان للعام 2030، لجعل السعودية قوة عظمى في التكنولوجيا العليا.


قطر الصغيرة جدا تقف في مواجهة المقاطعة السعودية دون أن تتراجع، مع احتياطات مالية واملاك باكثر من 230 مليار دولار. لديها طول نفس، حتى لو سحب السعوديون والاماراتيون كل الممتلكات التي لهم في قطر. وستنتهي الازمة الحالية مثل معظم النزاعات في المجتمع القبلي – بصلحة مؤقتة.
الانباء الطيبة بالنسبة لنا هي ان هذه الازمة ادخلت حماس في ضائقة وتشوش. فقد خرب عالم رجال حماس عليهم مع اعلان المقاطعة على قطر. مذهولون ومتألمون يهرعون الى القاهرة ليتلقوا كل املاء يفرضه المصريون عليهم. لم تعد لهم قيادة تستقر في الخارج – كل قيادات حماس توجد اليوم في القطاع وتخضع لرحمة المصريين. وسيضطرون لان يبتلعوا تواجد رجال دحلان في غزة، ويوجد في اسرائيل من يجعل هذا التفكير لهم راحة.


 يؤمن المصريون بانه لاحت لحظة مناسبة لتغيير الحكم في قطر وفي غزة. ولكن الواقع اكثر تعقيدا. فقطر ستنتعش ولا يوجد أي احتمال لان تسمح حماس لرجال دحلان باكثر من مكانة رمزية. حماس، المنتج الاصيل للمجتمع الغزي، كانت وستبقى الحاكم الحصري لغزة. نحن، الذين ربطنا انفسنا بخطوة محرجة في خدمة ابو مازن وقلصنا توريد الكهرباء لغزة، في ظل مخاطرتنا بحرب، وجدنا انفسنا لاعبين ثانويين في خطوة اعدها المصريون. فقد أبعدت الخطوة المصرية عنا حاليا خطر الحرب، ولكن مرة اخرى كشفت حكومة اسرائيل كمجرورة وليس كمبادرة.


هذا لا يعني ان يتفاجأ احد. فحكومة يتملكها الفزع من حملة فيس بوك صغيرة اطلقها المستوطنون ضد المخطط الهيكلي لقلقيليا، لن تكون على ما يبدو قادرة ان تحسم في مسائل اكثر اهمية. واذا كان اعضاء الكابنت ممن يقفون على رأس قوة عظمى نووية (حسب منشورات اجنبية) ويسيطرون على الجيش الاقوى في الشرق الاوسط يعتقدون حقا بان 6.000 منزل في قلقيليا ستشكل تهديدا على دولة اسرائيل – فيمكنني فقط أن آمل الا يتعين عليهم ان يتخذوا قرارات في مواجهة تهديد حقيقي.


إذن وبينما ينشغل وزراؤنا في تحسين وجه مدينة قلقيليا، تحلم مصر باستبدال حماس بدحلان، وتؤمن السعودية بان تخضع قطر – ترسخ ايران قاعدتها في اليمن وتجهزها بصواريخ دقيقة. بالنسبة للسعوديين، يوشك اليمن على أن يصبح ما كان لبنان بالنسبة لنا: قاعدة لاطلاق الصواريخ الايرانية. وتنقيط السكاد الذين اطلق على السعودية من اليمن حتى اليوم كفيل بان يستبدل قريبا بوابل من صواريخ ام 600 الدقيقة التي تنزل على الرياض وجدة. مشكوك أن يبدي سكان السعودية قدرة الصمود التي ابدتها الجبهة الاسرائيلية الداخلية في المواجهات الاخيرة، ومحمد بن سلمان كفيل بان يتبين بان ليس خلفه جمهور محصن ومصمم.

*  *  *
ايران باتت تضرب عينيها نحو فريستها التالية: سلطنة عُمان ومملكة البحرين. قاسم سليمان، قائد جيش القدس في الحرس الثوري، اصبح خبيرا في تشخيص الضعف في المنطقة. وهو يحرص على ملء الفراغ الذي يراه ويشدد بتصميم الطوق حول السعودية.
في هذا البحر العاصف يقود سفينتنا قبطان لا يرى ولا يعرف. فهو لا يعرف عن الغواصات التي انشغل بها المحامي دافيد شمرون، كما لم يعرف عن بيزك. كان هذا شاؤول ألوفيتش، الكهربائي في يوم الغفران – دعته زوجته. وبالنسبة لايران، التي ستحقق بعد لحظة هيمنة اقليمية وبعد لحظتين ستنتج قنبلة نووية، هذا على الاطلاق ذنب اللاسامي اوباما. “سيد ايران” عندنا، من كان اول من شخص التهديد، كفيل بان يكون هو الذي في ورديته ستؤسس الجمهورية الاسلامية تواصلا شيعيا من الخليج الفارسي وحتى البحر المتوسط.
معاريف

*ملاحظة: المصلحات والالفاظ الواردة في المقال تعبر عن صاحبها