ماذا بعد تقارب دحلان وحماس؟ د. كاظم ناصر

الأربعاء 28 يونيو 2017 12:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا بعد تقارب دحلان وحماس؟ د. كاظم ناصر



علاقات حماس ومحمد دحلان كانت قائمة على العداء والتوتّر والعنف . فمنذ منتصف التسعينيات من القرن المنصرم عندما كان دحلان رئيسا لجهاز الأمن الوقائي ورجل السلطة القوي في غزّة وحماس تتهمه بالفساد وسرقة المال العام، والعمالة لإسرائيل، وقتل وملاحقة  وسجن وتعذيب كوادرها، ومنع الأعمال الخيرية التي كانت تقوم بها في غزّة. باختصار لقد كان دحلان عدوّ حماس اللدود، وقالت فيه أكثر ممّا قال الإمام مالك في الخمر!
في الآونة الأخيرة حدث تقارب بين دحلان وحماس تمخّض عنه عقد اجتماعات بين الطرفين في القاهرة. هذا التقارب الذي يبدو غير منطقي نظرا لتاريخ العلاقات السيّئة جدّا بين الطرفين لا يمكن فصله عن الصراع الدائر بينهما وبين السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها السيد محمود عباس، وعن أوضاعهما المتردّية، وطموحاتهما السياسية رغم اختلافهما على معظم الشؤون الهامة المتعلّقة بالوضع الفلسطيني والعربي.
دحلان خسر مركزه القيادي في السلطة، وطرد من منظمة فتح . إنه يكافح من أجل تبرئة نفسه من تهم الفساد والتآمر التي وجّهتها إليه السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها، ويخطّط للعودة لحركة فتح لمنافسة قياداتها على رئاسة السلطة. ولهذا يمكن القول إن هدف دحلان من التقارب مع حماس هو عودته إلى غزّة . إنّه يدرك أنّه لا يستطيع العودة إلى غزة، والإستقرار فيها ، والعمل منها إلا بالإتفاق والتعاون مع حماس لأنها هي القادرة على مساعدته في تحقيق ذلك بتمكينه هو وأنصاره من إعادة تنظيم أنفسهم وممارسة نشاطهم السياسي المعادي للسلطة من القطاع .
حماس محاصرة وتعاني من ضائقة مالية، ومن تصاعد التذمر الشعبي ضدّ ممارساتها، ومن تداعيات الإنقسام ، وتشعر بتهديد جديد بعد زيارة ترامب للمنطقة وتضييق الخناق عليها عربيا ودوليا بتصنيفها كمنظّمة إرهابيّة وليس كحركة تحرير وطني .إنها في مأزق لا تحسد عليه وتريد الإستفادة من دحلان اقتصاديا وسياسيا . فمن الناحية الإقتصادية سوف يكون باستطاعة دحلان الذي تربطه علاقات متينة بحكّام دولة الإمارات العربية وبعض دول الخليج أن يساعد حماس في الحصول على دعم من تلك الدول يمكّنها من تخيف ضائقتها المالية التي تزداد تفاقما، ودفع رواتب موظفيها، وإطالة عمر انقسامها وسيطرتها على قطاع غزة.
سياسيا دحلان له مؤيدين بين قادة فتح ومواطني غزة والضفة، وتربطه علاقات سياسيّة جيّدة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقادة إسرائيل، ممّا يعني أن عودته لغزة، وتحالفه سياسيا مع حماس سيزيد الضغوط على حركة فتح وقياداتها، ويعزّز موقف حماس المطالب بإصلاح منظمة التحرير، وتقاسم المناصب والمكاسب مع فتح وغيرها، ويفتح آفاقا جديدة للتعاون بين مصروحماس يؤدّي إلى فتح معبر رفح بصورة دائمة. دحلان قد يستغلّ أيضا علاقاته الجيّدة مع إسرائيل لتخفيف القيود عن غزة، والسماح لحماس بإدخال ما يحتاجه القطاع من مواد استهلاكيّة واسمنت وحديد لإعادة الإعمار، وإصلاح البنية التحتية المدمّرة، وإعطاء المزيد من التصاريح للغزيين للعمل في إسرائيل.
نحن كفلسطينيين نرحّب بأي تقارب بين المكوّنات السياسية الفلسطينية إذا كان الهدف منه مساعدة شعبنا في التصدّي للعنجهيّة الصهيونية. لكن لا بدّ من القول، وبكل أسف، اننا فشلنا في توحيد صفوفنا، وأخفقنا في الإتّفاق على استراتيجية عمل يشارك فيها الجميع لإنهاء الإحتلال بسبب خلافاتنا على المصالح الحزبية الضيقة.
 التعاون والتنسيق بين دحلان وحماس مصلحي لا نتوقع له النجاح لأنه لا يهدف إلى توحيد شطري وطننا المحتل، ويعزّز الإنقسام، ويضعف المقاومة، ويخدم الإستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية والتحكّم في العالم العربي .
كاتب فلسطيني